أدى تزامن ظهور بيان لرئيس جهاز الإدعاء العام مع بيان للداخلية يدعوان فيهما إلى العدول عن التظاهرة المزمع انطلاقها في 31 آب (السبت المقبل)، إلى ردود فعل من مثقفين وناشطين استغربوا الظهور المفاجئ للإدعاء العام وتدخله في منع المواطنين من ممارسة حق دستوري، فيما أكدت الهيئة التنسيقية لتظاهرة إلغاء الرواتب التقاعدية للنواب عزمها المضي في تظاهرتها تحت مظلة الدستور.
وفي الوقت الذي اعتبر تيار الأحرار، الجناح السياسي للتيار الصدري، قانون 159 لسنة 1979 الذي استند عليه بيان الادعاء العام، قانونا منسوخا بموجب الدستور الحالي لذا فهو يعد باطلا، ألمح إلى مشاركة افراده في التظاهرة المطالبة بإلغاء تقاعد اعضاء مجلس النواب.
وفي حديث مع \”العالم الجديد\” أمس الثلاثاء، قال عامر موسى، أحد ناشطي تظاهرة 31 آب، أن \”عدم إجازة التظاهرة غير دستوري، وأسباب الرفض مستمرة ولن تنتهي ما دامت هذه العقلية التي تدار بها الداخلية\”.
ونبه موسى، أن \”وزارة الداخلية ترفض التظاهرة المدنية فيما تسمح للمليشيات باقامة استعراضات عسكرية في بغداد\”، مشددا \”سنذهب للتظاهرة لأن الدستور معنا\”.
وذكر القاضي غضنفر حمود الجاسم، رئيس الادعاء العام، في بيان تلقت \”العالم الجديد\” نسخة منه أمس، انه \”يحتم علينا واجبنا الوطني والقانوني على وفق ما جاء بأحكام المادة (1/ اولا) من قانون الادعاء العام رقم (159) لسنة 1979 حماية نظام الدولة وامنها ومؤسساتها والحرص على الديمقراطية والمصالح العليا للشعب\”.
ومضى الجاسم بالقول اننا \”ندعوكم مرة ثانية إلى تغليب العقل لحماية العراق ولا مجال للاعتصام و المظاهرات الا على وفق القانون ولنقل اجلوها الى وقت الامان والاستقرار ولنبني الوطن بالنقد البناء والتصحيح القويم\”.
بدوره، ذكر عبد الزهرة زكي، الشاعر والصحفي، إنه \”لو كان السيد المدعي العام قد تحدث بصفته الشخصية، كمواطن، وليس بصفته الوظيفية لهان الأمر وكان مقبولاً، فهو رأي يعبر عن أن الرجل ليس ضد التظاهر، كحق دستوري وجزء من آليات التعبير عن الرأي في حياة ديمقراطية، وإنما مع تأجيلها لظروف يراها موجبة للتأجيل\”.
وأضاف زكي في حديث مع \”العالم الجديد\” أمس، أن \”الظهور بصفته مدعيا عاما أحسبه غير سليم، فهذا جزء من مشكلة تداخل السلطات وغياب مسؤولية الحدود في ما بينها، ولعل رجال القانون أدرى من سواهم بهذا\”.
و جهاز الإدعاء العام هو احد تشكيلات السلطة القضائية الاتحادية في العراق حسب المادة 89 من الدستور ويترأسه القاضي غضنفر حمود الجاسم الذي مُدد تكليفه سنة واحدة كرئيس للادعاء العام في مجلس القضاء الاعلى مطلع العام الحالي، بدلا من القاضي كاظم الطائي الذي تولى منصب رئيس الادعاء العام لمدة شهر واحد فقط وتم نقله الى احدى محاكم الكرادة في بغداد على خلفية قراراته التي سمح من خلالها بدخول السجون والمعتقلات من قبل اللجان النيابية ومنظمات حقوق الانسان.
وتساءل حاجم الحسني، النائب الحالي، ورئيس مجلس النواب الاسبق، في تعليق كتبه على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) حول بيان الادعاء العام، \”هل كانت هناك ديمقراطية عام 1979 حين صدر قانون الادعاء العام\”.
ورأى الحسني، أن \”هذا البيان شبيه بالبيانات التي كانت تصدر أيام النظام السابق مع اتفاقي مع المضمون، ولكن هذه الخطابات تصدر من السياسيين لا الادعاء العام\”.
وتزامن بيان رئيس الإدعاء العام مع بيان لوزارة الداخلية التي دعت فيه المتظاهرين إلى عدم التظاهر خوفا من اخطار أو استهداف يتعرض له المتظاهرون، في إشارة صريحة إلى رفض إجازة تظاهرة إلغاء تقاعد اعضاء مجلس النواب.
من جانبه، أفاد حسين القاصد، شاعر وكاتب، أنه \”مهما تكون التظاهرات الآن فهي ستكون مسيسة، وسيندس فيها من يندس ويصادرها، والمواطن لا يحتاج لتخويف الداخلية فالوضع مرعب جدا\”.
واستدرك القاصد في اتصال مع \”العالم الجديد\” أمس، \”مع ذلك، ليس من حق أحد منع المواطن من حق كفله الدستور بالتظاهر السلمي، فاذا كان المتظاهر مقتنعا، واذا كانت الحكومة مع الشعب، ادعو النواب الذين مارسوا الدعاية الاعلامية لمرافقة المتظاهرين، واضم صوتي لصوت السينارست حامد المالكي بأن ينضم رئيس الوزراء للتظاهرة، وعند ذلك ستكون محمية لأن فيها مسؤولين\”.
الى ذلك، قال ضياء الأسدي، الأمين العام لتيار الأحرار، إن \”حق التظاهر مكفول دستوريا ولا يمكن لأي أحد أن يمنع أي مواطن عراقي من التعبير عن رأيه ما دام محافظا على النظام العام ولا يعتدي على ممتلكات الدولة\”.
وأوضح الأسدي في اتصال مع \”العالم الجديد\” أمس، أن \”التيار الصدري وعلى رأسه السيد مقتدى الصدر من الداعمين لحق التظاهر، وأول الداعين لتشريع قانون إلغاء تقاعد اعضاء مجلس النواب\”.
وحول مشاركة التيار الصدري في تظاهرة السبت (31 آب)، بين الأمين العام لتيار الأحرار، أن \”الجميع مدعوون للمشاركة في هذه التظاهرة المطلبية المشروعة، وسوف لن نمنع أي فرد من أفراد التيار الصدري من المشاركة والمطالبة بالحقوق المشروعة مع بقية أبناء الشعب\”.
وبخصوص بيان رئيس جهاز الإدعاء العام الذي طالب المتظاهرين بالعدول عن الخروج يوم 31 آب مستندا في بيانه على قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979، ذكر الأسدي، أن \”ما استند عليه رئيس جهاز الإدعاء العام نسخ بالمادة الدستورية التي نصّت على حرية التظاهر\”، لافتا إلى أن \”القوانين التي شُرّعت في العهد السابق حتى وإن كتبت بأيدي فقهاء قانونيين فهي كتبت خصيصا لمرحلة يعرف الجميع كيف كانت تدار السلطة في حينها\”.
وحول إمكانية مشاركته الشخصية في التظاهرة، أجاب \”لو صادفت عودتي من السفر قبل موعد التظاهرة سأكون مع المتظاهرين والرافعين لشعاراتهم\”.
وانتقد الأسدي \”تدخل جهاز الإدعاء العام في منع حق مكفول دستوريا\”، مشيرا إلى أن \”الدولة تعيش فوضى عارمة حيث تتداخل اختصاصات الأجهزة فيما بينها وتتبادل الأدوار بما يخالف الدستور بشكل سافر\”.