صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

مجدداً.. العراق يخاطب المجتمع الدولي بشأن «مخيم الهول»

مجدداً، خاطب العراق المجتمع الدولي، من أجل التعامل بجدية” مع ملف “مخيم الهول” في سوريا، والحذر من تداعياته التي ستطول المنطقة والعالم بأسره، ما لم يتم إيجاد حل نهائي له، لاسيما وان البلاد باتت قريبة جدا من إغلاق المخيمات.

وفي هذا الإطار، أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الاثنين، أهمية عودة النازحين العراقيين الموجودين في مخيم الهول، مشددا على ضرورة أخذ الدول رعاياها من المخيم.

وتتصاعد المخاوف في العراق من تحركات داعش في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة، خاصة مع الخطط الدولية لتفكيك السجون التي تقع في منطقة الإدارة الذاتية تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الكردية شمال شرق سوريا، لاسيما وانه جاء بالتزامن مع عمليات عسكرية مستمرة، فقد نفذت القوات العراقية ضربات جوية استهدفت عناصر التنظيم في عدة مناطق، أبرزها كركوك وراوه.

وذكر المكتب الإعلامي للسوداني في بيان تلقته “العالم الجديد”، أن الأخير “استقبل المرشحة السويسرية لمنصب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين كريستين برغنر، وعبّر عن تمنياته بالتوفيق لها في مهماتها”، مشيداً “بتطور العلاقات العراقية السويسرية التي توجت بافتتاح سفارة سوسيرا في بغداد”.

وشدد السوداني، على “ضرورة التعاون مع المفوضية في مسألة إعادة الاندماج المجتمعي ودعم البنية التحتية في مناطق العودة، والدعم المادي والنفسي والاجتماعي للنازحين”، مؤكداً “أهمية عودة النازحين العراقيين الموجودين في مخيم الهول، وأن تعمل جميع الدول على أخذ رعاياها من المخيم، خصوصاً أنّ العراق بات قريباً جداً من إنهاء إغلاق المخيمات.

وأوضح أنّ “العراق يستضيف آلاف اللاجئين من دول الجوار”، مؤكداً “العمل مع المفوضية لبناء نموذج رائد لمعالجة ملفات النزوح واللجوء في المنطقة”.

من جانبها، قدمت برغنر شكرها للسوداني على “دعمه للبعثة السويسرية في بغداد، وأشادت بإجراءات العراق في ملف اللجوء والنزوح، كونه يعد نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالم”، مشيرة إلى “أهمية الاستفادة من خبرات العراق في مجالات العمل الإغاثي وإدارة مخيمات النزوح، بالإضافة إلى خبراته في جانب مكافحة المخدرات وعلاج المدمنين”.

ووصلت، في 30 آذار مارس الماضي، دفعة جديدة من النازحين العراقيين في مخيم الهول بمحافظة الحسكة السورية إلى مخيم الجدعة، جنوبي مدينة الموصل، شمالي العراق، وذلك ضمن خطة وضعتها الحكومة لإعادتهم على دفعات بعد إنجاز التدقيق الأمني معهم وهي تحمل الرقم 24، وشملت 180 عائلة ضمت نحو 800 شخص من محافظات عدة، منها نينوى وصلاح الدين والأنبار.

وعقدت مستشارية الأمن القومي، في 17 آذار مارس الماضي، اجتماعا لبحث سبل تعويض النقص وتأمين استمرار المشاريع الحيوية التي تخدم النازحين والعائدين من مخيم الهول السوري في خطوة تهدف إلى معالجة الآثار المترتبة على قرار الولايات المتحدة تعليق دعمها للمنظمات الإنسانية العاملة في العراق.

وقدم العراق في 26 كانون الثاني يناير الماضي، طلبا رسميا لتفكيك مخيم الهول في سوريا، محذرًا من خطورته كقنبلة بشرية موقوتة تهدد أمن المنطقة بأكملها.

ويستغل تنظيم داعش المساحات الشاسعة في البادية وضعف التواجد الأمني لترسيخ وجوده ويسعى للحصول على أسلحة متطورة تعزز قدرته على تنفيذ هجمات واسعة بينما يشكل وجود عناصره في السجون السورية خطرًا دائمًا في ظل احتمالات هروبهم أو إطلاق سراحهم، بحسب مختصين.

ويشكل تنامي نشاطات داعش في عمق البادية السورية المحاذية للحدود العراقية، مع سقوط نظام بشار الأسد، تهديدا على العراق، إذا تمكن مسلحو التنظيم من السيطرة على الحدود السورية العراقية، ونجحوا مجددا من اجتيازها.

ويسعى السوداني إلى إبعاد الساحة العراقية عن أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات، بالإضافة إلى محاولاته لموازنة الوضع الجديد في سوريا، والانخراط العراقي في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية. كما يسعى إلى إبعاد إيران، التي تمتلك أذرعاً قوية في العراق، عن الشأن السوري، بحسب مختصين.

ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.

وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط النظام في غضون أيام معدودة.

وعقب سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول ديسمبر 2024، عقدت إدارة العمليات العسكرية برئاسة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) اجتماعا مع رئاسة حكومة النظام السابق، وتبع ذلك تسليم الحكومة السابقة لملفات الوزارات والإدارات العامة إلى حكومة إنقاذ، لتصبح حكومة تسيير أعمال مؤقتة لمدة أقل من 3 أشهر، يرأسها محمد البشير.

وكشف مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الاعرجي في بيان نشر في تشرين الأول أكتوبر 2024، أن “الحكومة تعمل على أكبر عملية إدماج مجتمعي لمن قدموا من مخيم الهول، حيث تم إخضاعهم للتأهيل النفسي في مخيم الجدعة بإشراف وزارة الهجرة والمهجرين وكل الأجهزة الأخرى.”

ووفق البيان، بلغت اعداد العائلات العائدة حتى الآن من الهول إلى العراق أكثر من 2600 عائلة، أعيدت أكثر من 2000 عائلة إلى مناطقها الأصلية حتى الآن، فيما تبقت 600 عائلة وهي الآن تخضع للتأهيل، تمهيدا لإعادتها وإعطائها فرصة للحياة من جديد.”.

ويضم مخيم الهول الذي يخضع لحراسة مشددة وتشرف عليه قوات سوريا الديمقراطية، حوالي 48 ألف شخص بعد أن كانوا  73 ألف شخص، حيث ان غالبية نزلاء المخيم من نساء وأطفال داعش، مما يعزز المخاوف من ولادة جيل إرهابي جديد.

وكان الآلاف من عناصر داعش نقلوا إلى مخيم الهول، بعد أن هُزم في سوريا في آذار مارس 2019، وإنهاء سيطرته على مساحات كبيرة من الأراضي العراقية والسورية.

وأثارت عودة هذه العوائل حفيظة الكثير من الجهات، حيث اعتبرتهم منتمين لتنظيم داعش، وأن إعادتهم تشكل خطرا كبيرا على العراق، وقال النائب محمد كريم في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، إن “هذه القرارات التي تتخذ هي بتأثيرات خارجية لإعادة تدوير هذه القنابل القاتلة إلى داخل البلد، وهم يعلمون أن هؤلاء رضعوا الإجرام مع أمهاتهم وآبائهم الدواعش”.

ويعود تاريخ إنشاء مخيم الهول، إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث أسس من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية، ونزح إليه ما يزيد عن 15 ألف لاجئ عراقي وفلسطيني، هاجر الكثيرون منهم إلى مختلف أرجاء العالم بمساعدة الأمم المتحدة، خاصة بعد أحداث عام 1991 عندما استباح النظام العراقي السابق دولة الكويت، وقادت ضده الولايات المتحدة حربا عبر تحالف دولي.

وكانت “العالم الجديد”، قد نشرت تحقيقا حول مخيم الهول السوري، وكشفت فيه عن أعداد العراقيين والسوريين وأتباع الجنسيات الأخرى المتواجدين فيه.

إقرأ أيضا