أبدى ناشطون من الأقليات الدينية في العراق، رفضهم لدعوات التيار الصدري بالانضمام لاعتصامه أمام البرلمان، مؤكدين أن المكونات لم تنل الاهتمام اللازم من قبل الكتل السياسية ولم تستدع للمشاركة السياسية الحقيقية سابقا حتى تشارك الآن بالاعتصام، كاشفين عن أن من شارك في هذا الاعتصام هم “أفراد” يمثلون وجهة نظرهم الشخصية، فيما عد محلل سياسي هذه الدعوات محاولة لإضفاء صفة “الوطنية” على تظاهرات واعتصام التيار.
ويقول الناشط جاك أنويا، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما نتمناه (كمسيحيين) من جميع الأطراف السياسية الوصول إلى حلول مرضية للجميع والابتعاد عن التصادم الذي لا يصب في مصلحة المكونات كلها”.
ويضيف أنويا “نحن كمكون مسيحي لن نكون مع طرف ضد آخر، على اعتبار أن المكون فيه مشاكل داخلية وسنكون مع أي دعوة للتهدئة وحلحلة الأمور والوصول إلى بر الأمان”، مؤكدا “عدم دعم جهة على حساب أخرى، وما نشاهده ونراه من تواجد أشخاص مسيحيين مشاركين بالتظاهرات، ما هو إلا حرية شخصية وتعبير عن إراداء شخصية، وبشكل عام نحن مع السلمية والتهدئة”.
ومنذ بدء اعتصام أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في مجلس النواب الشهر الماضي، أطلق الصدر العديد من الدعوات لكافة فئات وطوائف الشعب للمشاركة في الاعتصام، والتظاهرات الأخرى التي رافقته، موجها أكثر من كلمة في هذا الصدد.
ومن المفترض أن تنطلق يوم السبت المقبل، تظاهرة “مليونية”، حسب ما سماها الصدر، رفضا للفساد، بمشاركة كافة أنصار التيار من جميع المحافظات، حيث ستنطلق من ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد وصولا إلى المنطقة الخضراء.
وقد روجت وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالتيار الصدري، عن مشاركة أبناء الأقليات في التظاهرات والاعتصام، ونشر بيان مرفق بالصور، حول مشاركة وفد من المكون الإيزيدي باعتصام التيار الصدري في البرلمان، والتقى بقادة التيار ومنهم حاكم الزاملي.
يشار إلى أن البطريركية الكلدانية، استنكرت امس الأول الأحد، في بيان لها استخدام الرموز الدينية المسيحية “في غير مكانها”، مؤكدة “لاحظنا أن أحد الأحزاب (المسيحية) يستعمل في أكثر من مناسبة رموزا دينية مسيحية مثل الصلبان وصوراً كبيرة للسيد المسيح والسيدة العذراء.. إن هذه المسيرات أو التظاهرات سياسية، ومن الأفضل استخدام رموز وطنية كالعلم العراقي أو أشكال تراثية”.
وتابعت البطريركية في بيانها “كما لاحظنا أكثر من مرة في مواكب الاحتفال بعاشوراء، أشخاصا يرتدون صلبانا أو حللا كنسية، وهذا أيضا غير مقبول.. إنها مناسبة دينية شيعية محترمة، لا تحتاج لهكذا مظاهر”.
من جهته، يشير الناشط الإيزيدي سيدو الأحمدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “المكون الإيزيدي لم يتلق أي دعوة من التيار الصدري أو القوى السياسية الأخرى للمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية في العراق، وهذا يعني أننا لسنا على قائمة اهتماماتهم”.
ويتابع الأحمدي “لا يخفى على الجميع، أن الأوضاع المتدهورة التي يعيشها ويمر بها أبناء المكون الإيزيدي وعدم عودة النازحين، إضافة إلى وجود هجرة غير مسبوقة للشباب الإيزيدي إلى دول الخارج”، مشددا على أن “الوفود الإيزيدية التي شاركت في تظاهرات الصدريين تصرفت بشكل فردي وهي بالتأكيد لا تمثل المكون بأكمله”.
ويأتي تحريك الصدر لجماهيره، بهدف المطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وقد وجه الصدر دعوة للقضاء العراقي بهذا الخصوص، لجهة عدم استكمال البرلمان استحقاقات الدستور من انتخاب رئيس للجمهورية، حتى يكلف رئيسا جديدا للحكومة.
ومن المفترض أن يصدر يوم الأربعاء المقبل، قرار المحكمة الاتحادية بشأن دعوى مرفوعة أمامها لحل البرلمان.
إلى ذلك، يرى المحلل السياسي علي الجبوري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الصدر يريد تصدر المشهد السياسي وفرض هيمنته على المكون الشيعي، سواء شعبيا أو سياسيا وحتى دينيا، ودعواته إلى الأقليات ستبقى في إطار شكلي، وربما سيتم جلب بعض من أبناء الأقليات وإعطاؤهم لافتات مقابل إغراءات معينة من أجل إضفاء صورة وطنية على التظاهرات المطلبية الخاصة ومنحها صبغة أكبر من حجمها”.
ويشير الجبوري، إلى أن “هذه الممارسة تحاول إرسال رسالة بأن الجمهور الفلاني هو الأقوى سياسيا وشعبيا من خلال الظهور بزوايا معينة، وهذا ما يسعى إليه الصدر في غايته من التظاهرات”.
ويلفت إلى أنه “لا يوجد طرف سياسي يمتلك جماهير مليونية مهما كان حضوره”، مبينا أن “جمهور الصدر وصل إلى درجة من التعب والإعياء قد تدفعه إلى مغادرة الشارع، ولاسيما أنه جمهور مؤلف من أناس بسطاء يشغل تفكيرهم الذهاب إلى العمل وإطعام عوائلهم بدلا من التظاهر”.
يذكر أن الإطار التنسيقي، حرك يوم الجمعة، جماهيره للتظاهر في بغداد ومحافظات أخرى، منها نينوى، تحت عنوان “الشعب يحمي الدولة”، وهذا إلى جانب تحريك التيار الصدري أنصاره في أغلب محافظات الوسط والجنوب وبغداد، للتظاهر وإقامة الصلاة، وبعد مرور ساعتين من انطلاق تظاهرات الإطار، صدر قرار عن اللجنة المنظمة لها، بتحويلها إلى اعتصام مفتوح، وسرعان ما نصبت السرادقات عند أسوار المنطقة الخضراء من جهة الجسر المعلق، ووصل الدعم لها، من طعام وإضاءة وغيرها من الأمور.
وتضمنت مطالب جماهير الإطار التنسيقي “الإسراع بتشكيل حكومة خدمية وطنية كاملة الصلاحيات وفق السياقات الدستورية”، وتعجيل القوى السياسية، وخصوصا الكردية منها، في حسم مرشح رئاسة الجمهورية، وتكليف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الوزراء، ودعم القضاء العراقي ومؤسساته ورفض أي تجاوز عليه، بالإضافة إلى مطالبة رئيس مجلس النواب بإنهاء تعليق العمل، والتحرك الفاعل من أجل إخلاء المجلس وتفعيل عمله التشريعي والرقابي.