صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

مخلوقات متخلفة

في بداية الالفية الثالثة ومع الترويج الاعلامي لمفهومي “العولمة” و”الفوضى الخلاقة”، رافق ذلك دعم غير محدود للعلاقات الشاذة التي تم تهذيبها بمصطلح (المثلية) وباتت تحتل الاولوية في قائمة اهتمامات الميديا والصحافة الالكترونية والسينما، ووصل الامر بهذا التسويق الاعلامي ان جميع المهرجانات الدولية (خاصة السينمائية)، اخذت تحتفي باي عمل فني يتناول هذه الموضوعة، وتُقدَّم لصاحب المشروع الدعم المادي حتى يتمكن من انجازه والوصول به الى المحافل الدولية ونيل التكريم، وجوائز الاوسكار خلال العقد الاخير مثال على ذلك، إذ كانت الشخصية المثلية حاضرة في جميع نسخ المهرجان، وإذا لم ينل الفلم الجائزة فإنها تذهب الى الممثل الذي يؤدي الشخصية على الشاشة ويعيشها في الواقع.

فقد حصل فلم (moonlaiht) على جائزة افضل فلم، وافضل ممثل مساعد عام 2017 وأفضل سيناريو مقتبس، والفلم يسرد قصة شاب “مثلي” من الطفولة ومرورا بفترة الشباب وحتى يصل الى النضج، وعلى الرغم من ان الفلم من الناحية الفنية كان متواضعا جدا واقرب الى ان يكون دراما تلفزيونية، إلا أنه خطف الجائزة من فلم (la la land) الذي كان يستحقها بجدارة وبما لا يمكن مقارنته مع فلم (moonlaiht)، وهذا العام 2019 نال الممثل رامي مالك جائزة افضل ممثل عن دوره في فلم (Bohemian Rhapsody)، حيث ادى شخصية مطرب “مثلي”، هذا الى جانب أن الممثل رامي مالك نفسه قد كشف عن “مثليته”.

هنا تطرح اسئلة:

– ما الذي يمكن ان تفرزه مثل هذه النماذج من منظومة اخلاقية؟

– هل يمكن القبول بها والانسجام معها مجتمعيا باعتبارها لا تشكل اي خطر على العلاقات الطبيعية بين البشر؟

– هل بات امرا مفروغا منه القبول بكل ما تفرزه الحضارة الغربية من قيم وسلع ومنتجات (ثقافية واخلاقية وروحية)، باعتبارها تمثل تجاوزا للتخلف وارتماءا في احضان التقدم؟.

شخصيا أجد ان هذا التسويق الاعلامي المحموم لا يخرج مطلقا عن اطار اجندات النيوليبرالية التي يقف خلفها صناع واقطاب السياسة الدولية في العالم الغربي في سعيهم الى تفتيت القيم الروحية الفطرية التي توارثتها المجتمعات البشرية منذ بواكيرها الاولى ثم جاءت الاديان والقوانين الوضعية وعززتها.

والنيوليبرالية: “ليست سوى مرحلة أكثر انهزامية في تاريخ الرأسمالية بصفة عامة، ليست سوى حالة سلب لكل ما قدمته الرأسمالية في النصف الأول من تاريخها، وأعني أنها نقد للحداثة وللتقدم ولحقوق الشعوب في مواردهم ونظم حياتهم.. وبالتالي فمكافحة (النيوليبرالية) أو مواجهتها اليوم ضرورة تاريخية وحضارية ووجودية أيضا”. حسب ما جاء في مقال للدكتور محمد دوير، نشره في موقع كتابات بعنوان “النيوليبرالية مرحلة أكثر انهزامية في تاريخ الرأسمالية”.

إن خلق مجتمعات ليس لها ضوابط أخلاقية تحكمها وتحد من انحرافتها، ستكون نتيجتها نسف كل ما هو ضامن للامن المجتمعي، وفي نظر من يروج للمثلية، نبدو اليوم نحن الرافضين لمنطقهم مجرد مخلوقات متخلفة، مع ان غالبية واسعة في المجتمعات الغربية مازالت تواجه هذه التحولات، ولم تتكيف معها، بل تنظر الى هؤلاء باعتبارهم شواذ، وهناك 72 دولة تجرم العلاقات المثلية وفي مقدمتها روسيا.

إقرأ أيضا