أثارت حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي جدلا جديدا، وهذه المرة مرتبط بتدخل البرلمان وإعلانه تشكيل لجنة لمراجعة كافة قراراتها منذ تحولها لتصريف الأعمال، وفيما أكد خبير قانوني عدم صلاحية البرلمان بهذا الصدد، وأن المراجعة أو إلغاء كافة قراراتها متروك لرئيس الحكومة الجديدة، أكد نائب أن المراجعة من حق البرلمان باعتباره جهة رقابية، وفي ظل هذا الجدل وصف محلل سياسي ما يجري بأنه “شعارات” فقط، مؤكدا أن القرارات التي اتخذها الكاظمي كانت بموافقة الكتل التي تطالب الآن بمراجعتها.
ويقول الخبير القانوني أمير الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مجلس النواب ليس له أي صلاحيات للتدخل في القرارات الحكومية حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال، وإعلان النائب الأول لرئيس البرلمان تشكيل لجنة لمتابعة القرارات الحكومية، يدل على جهله بصلاحيات البرلمان وفق الدستور”.
ويضيف الدعمي أن “بإمكان الحكومة الجديدة إلغاء أي قرار سابق اتخذته الحكومة التي قبلها أو مراجعة جميع القرارات، وهذا يشمل الاتفاقيات والمعاهدات الخارجية وحتى قضية التعيينات بالوكالة لكافة المناصب، وخصوصا أوامر التعيين خلال حكومة تصريف الأعمال”.
ويبين أن “مراجعة القرارات التي اتخذتها حكومة الكاظمي أيا كانت من مسؤولية وصلاحية الحكومة الجديدة حصرا، وليس للبرلمان أي سلطة على تلك القرارات من حيث الإلغاء أو الإيقاف”.
يشار إلى أن النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، أعلن يوم أمس الأحد، عن تشكيل لجنة تضم ممثلين من أربع لجان نيابية لتدقيق جميع القرارات التي اتخذتها حكومة الكاظمي من تاريخ العاشر من شهر تشرين الأول أكتوبر 2021، أي منذ لحظة تحولها إلى تصريف أعمال، وهذه اللجان هي: النزاهة، المالية، القانونية والاستثمار.
وأثير منذ أشهر لغط كبير حول قرارات الحكومة بعد تحولها إلى تصريف أعمال يومية، وطالب العديد من النواب وقبلهم قياديون في بعض الكتل السياسية، بمراجعة قرارات الكاظمي، فيما إذا كانت سليمة قانونيا أم لا، بعد أن أشروا وجود مخالفات وتجاوز على صلاحيات تصريف الأعمال اليومية.
وخلال عام كامل، اتخذ الكاظمي الكثير من القرارات وأبرم عقودا دولية وداخلية، وذلك قبل تشكيل البرلمان وعند تعطل عمله بسبب الأزمة السياسية، وبحسب خبراء في القانون، فإن بعض المعاهدات الدولية والاتفاقيات بحاجة لعرضها على البرلمان.
كما كلف الكاظمي خلال هذا العام، أي عندما كانت حكومته تصريف أعمال، العديد من الشخصيات بمناصب جديدة وألغى تكليف آخرين، لكن بحسب ما يصرح به دائما، فإن حكومته تعمل بشكل طبيعي حتى آخر يوم لها.
وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحديث عن مراجعة القرارات الحكومية السابقة من قبل البرلمان هي مجرد شعارات، خصوصا أن نائب رئيس نائب البرلمان مرتبط بجهة معينة في الإطار التنسيقي وهي على خلاف مع حكومة الكاظمي”.
ويتابع الدعمي، أن “جميع القرارات التي أصدرتها حكومة الكاظمي هي قرارات توافقية مع أغلب الكتل والأحزاب السياسية، ولذا فإن أي حديث عن متابعتها أو تعديلها أو إلغائها لا جدوى منه، فهي صدرت استنادا إلى توافقات سياسية بين الكتل”.
ويشير إلى أنه “حتى بعض القوى السياسية التي تعارض الكاظمي وحكومته هي جزء من هذه الحكومة ولها تمثيل في مناصب عدة، ولهذا لن يحدث أي شيء بخصوص أي قرار اتخذته الحكومة السابقة، وهذا مجرد كلام إعلامي ولن يطبق منه أي شيء على أرض الواقع، ولن يتغير أي شيء إطلاقا”.
يذكر أن مجلس الوزراء ارتكب مخالفة قانونية بعد تحوله إلى حكومة تصريف أعمال، وذلك عبر قراره تخويل وزير المالية صلاحية إجراء المناقلة بين اعتمادات الموازنة العامة الاتحادية لتأمين مبلغ مليار دينار إلى مديريات الماء في المحافظات، استنادا إلى أحكام المادة 4 من قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2021، وذلك في 20 تشرين الأول أكتوبر الماضي، ووفقا لخبير قانوني فإن حكومة تصريف الأعمال ليس من حقها إجراء مناقلة في الموازنة.
وكان الخبير القانوني علي التميمي، أكد في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، أن حكومة تصريف الأعمال لا يحق لها أن تجري تغييرات في الدرجات الخاصة، وذلك وفق المواد 61 و80 من الدستور، كما لا يحق لها إبرام الاتفاقيات والصفقات مع الدول.
من جانب آخر، يفيد النائب عن الإطار التنسيقي رفيق الصالحي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هناك الكثير من القرارات التي اتخذتها حكومة الكاظمي فيها مخالفات قانونية، وبعضها ينطوي على شبهات فساد وهدر وسرقة للأموال، ولهذا يجب مراجعتها جميعا والتدقيق فيها، ونحن كجهة رقابية سوف نعمل على ذلك”.
ويلفت الصالحي إلى أن “حكومة السوداني قد تعمل على تعديل وإلغاء الكثير من القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة، كونها قرارات لا تصب في صالح الدولة العراقية وفيها شبهات وملاحظات، وهذا يخص حتى بعض الاتفاقيات الخارجية التي عملت على تمريرها حكومة الكاظمي، وهي حكومة تصريف أعمال يومية لا تملك كامل الصلاحيات”.
ويشدد على “عدم الاكتفاء فقط بإلغاء أو تعديل بعض قرارات حكومة الكاظمي، بل سوف نحاسب أي جهة وشخص تورط بأي قرار فيه شبهات فساد أو هدر للمال العام، فلا يمكن ترك أي شخص من دون محاسبة مهما كانت الجهات التي تحاول حمايته”.
ومؤخرا، فتح البرلمان التحقيق في ملفات في هيئة الاستثمار، وشكل لجنة لتقصي الحقائق في الهيئة، فضلا عن جمع تواقيع نيابية لسحب يد رئيستها سها النجار، في خطوة عدت، بحسب تقرير لـ”العالم الجديد”، استهدافا للمسؤولين في حكومة الكاظمي الذين كلفهم هو بالمناصب.
وسبق للحكومة أن وقعت مذكرة تفاهم مع الجانب الإيراني لربط البصرة بميناء الإمام الخميني بسكة حديد، ما جدد الحديث عن صلاحية الحكومة وهي تصريف أعمال، وقد تناولت “العالم الجديد” هذا الأمر بتقرير مفصل، تبين فيه أن “مذكرة التفاهم” هي من حق حكومة تصريف الأعمال، وهو المدخل القانوني الذي استخدمته الحكومة الحالية للتخلص من المأزق القانوني، ولم توقع اتفاقية نهائية، لكونها جزءا من صلاحيات الحكومة الأصيلة، ويجب عرضها على البرلمان.