مراسيم تأبين مانديلا تجبر أوباما على مصافحة كاسترو وتجلس بلير بالقرب من عدوه موغابي

تدفق منذ الساعات الأولى لنهار امس الثلاثاء، الى ملعب سوكر سيتي بسويتو بجوهانسبورغ عشرات الآلاف من مواطني جنوب أفريقيا وقادة من جميع أنحاء العالم بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما وثلاثة من الرؤساء السابقين، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وسلفه نيكولا ساركوزي، لحضور حفل تأبين الزعيم التاريخي  نيلسون مانديلا  أو \”ماديبا\” كما يحلو لأهل جنوب أفريقيا تسميته، الذي توفي مساء الخميس عن 95 عاما وسيدفن في 15 كانون الاول في كونو قرية طفولته.

وافتتح حفل التأبين بالنشيد الوطني لجنوب أفريقيا في ستاد سوكر سيتي تحت أمطار غزيرة ولكن في أجواء احتفالية.

وغنى الحشد النشيد الوطني قبل أن يلقي رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما ونظيراه الأميركي باراك أوباما والبرازيلية ديلما روسيف وغيرهم من رؤساء وزعماء العالم خطبا لوداع أخير لمؤسس \”أمة قوس قزح\”. 

كما انضم الى رؤساء الدول الانفين الرئيس الكوبي راؤول كاسترو للمشاركة في وداع رئيس البلاد الأسبق نلسون مانديلا في مراسم تأبين تكريما لقدرته على إزالة الاختلافات السياسية والعرقية والتقريب بين الخصوم.

وهبطت طائرة أوباما وكان على متنها أيضا الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والسيدة الاميركية الاولى ميشيل أوباما في مطار ووتركلوف. وتوافدت حشود من أبناء جنوب افريقيا وهم يغنون ويرقصون وسط الأمطار على استاد سوكر سيتي لكرة القدم بجوهانسبرج حيث بدأت مراسم تأبين مانديلا.

ورغم العداء الايديولوجي بين الولايات المتحدة وكوبا منذ أكثر من 50 عاما كان أوباما وكاسترو من بين كبار الشخصيات التي تشارك في المراسم في استاد سوكر سيتي الذي شهد قبل 23 عاما احتفاء أنصار مانديلا به بعد خروجه من سجن نظام الفصل العنصري ورأوا فيه الأمل في جنوب افريقيا جديدة.

وصافح الرئيس الأميركي باراك أوباما، راوول كاسترو رئيس كوبا العدو اللدود للولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة خلال حفل تأبين نيلسون مانديلا في سويتو.

ومد أوباما يده للمصافحة قبل التوجه إلى المنصة لإلقاء كلمته في الحفل، وذلك في مؤشر جديد على استعداده للتواصل مع أعداء الولايات المتحدة، بحسب ما ذكره مسؤول أميركي لوكالة \”فرانس برس\”.

وشاهد ملايين الأشخاص الذين كانوا يتابعون المراسم في بث حي في أنحاء العالم، المصافحة بين الرئيسين. وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي أوباما تنفيذ وعده بالتواصل حتى مع أشد خصوم الولايات المتحدة.

وتزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي وافق، امس الثلاثاء، تعتبر مراسم تأبين مانديلا في الاستاد الذي يسع 95 ألف شخص الحدث الأهم في أسبوع حداد على رجل الدولة المحبوب على مستوى العالم الذي توفي يوم الخميس عن 95 عاما.

ورغم الأمطار سرت اجواء احتفالية خارج استاد سوكر سيتي ورقص الناس وأطلقوا صفارات الفوفوزيلا البلاستيكية وأنشدوا أغنيات تعود لأيام الكفاح ضد التفرقة العنصرية.

وقالت بيوتي بيول (51 عاما) التي شاركت الحشد في توديع مانديلا \”كنت هنا في 1990 عندما أفرج عن مانديلا وأنا هنا مجددا لأودعه\”.

واضافت \”أنا متأكدة أن مانديلا فخور بجنوب افريقيا التي ساعد في تكوينها. ليست مثالية ولكن لا يوجد شيء مثالي.. لقد حققنا خطوات واسعة.\”

وبدأت مراسم التأبين الساعة  (0900 بتوقيت غرينتش). وتشمل تكريما للفترة التي قضاها مانديلا في السجن وصراعه السياسي الذي انتصر فيه وتوجه رمزا عالميا للنزاهة والتسامح.

ويشارك في المراسم أيضا رئيس زيمبابوي روبرت موغابي ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وكان بلير قد وصف موغابي بأنه دكتاتور يجب الاطاحة به. وفي المقابل وصف موغابي بلير بالامبريالي وخاطبه قائلا \”اذهب إلى الجحيم\”.

لكن ستخفت أصوات هذه العداوات يوم الثلاثاء أثناء تكريم ذكرى مانديلا الذي استخدم إيمانه بالمصالحة في توحيد جنوب افريقيا ذات الاعراق المتعددة.

وكان مسؤولون في جنوب افريقيا قالوا إن الرئيس الايراني حسن روحاني سيحضر المراسم أيضا مما زاد من احتمال لقائه وجها لوجه بأوباما لكن اسم روحاني لم يرد في القائمة الرسمية للحضور.

ونقلت شاشات في ثلاثة استادات أخرى لكرة القدم في جوهانسبرج أكبر مدن جنوب افريقيا مراسم التأبين كما فعلت مدن أخرى في البلاد نفس الشيء.

وتطبق عملية أمنية ضخمة لتأمين الحدث حيث منعت السيارات الخاصة من دخول المنطقة المحيطة بالاستاد وطلب من المواطنين الراغبين في المشاركة استخدام المواصلات العامة.

وقال بان كي مون في كلمة تأبين بمركز ذكرى نلسون مانديلا في جوهانسبرج الإثنين \”فقد شعب جنوب افريقيا والعالم أجمع بطلا. إن إرثه عريق وخالد وسيظل دليلا لعمل الأمم المتحدة.\”

ولن يشارك البابا فرانسيس في المراسم وسيوفد كردينالا افريقيا نيابة عنه.

وبعد انتهاء مراسم يوم الثلاثاء سيظل جثمان مانديلا مسجيا على نعش مفتوح لمدة ثلاثة أيام في مبنى يونيون بلدينجز في بريتوريا الذي أدى فيه مانديلا اليمين الدستورية كأول رئيس أسود لجنوب افريقيا عام 1994.

ويدفن مانديلا بعد ذلك يوم الأحد 15 كانون الأول في كونو مسقط رأسه بإقليم الكيب الشرقي على بعد 700 كيلومتر جنوبي جوهانسبرج.

ولن يشارك الكثير من زعماء العالم في مراسم الدفن في كونو حيث يرجح أن تكون عائلية وخاصة. 

إقرأ أيضا