تناقش ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما توسيع نطاق مساعداتها للقوات العراقية التي تحاول صد تهديد متجدد من تنظيم القاعدة لكن قدرة واشنطن على زيادة المساعدات الامنية لبغداد بدرجة كبيرة تظل محدودة.
وصرح مسؤولون اميركيون بأنهم يجرون مناقشات مع الحكومة العراقية بشأن تدريب القوات العراقية الخاصة في دولة ثالثة وهو ما يتيح للولايات المتحدة اتخاذ إجراء متواضع لتقديم مساعدة جديدة لبغداد في مواجهة المسلحين في ظل غياب اتفاق يسمح للقوات الاميركية بالعمل داخل العراق.
ولم تتوفر على الفور تفاصيل عن الدولة الثالثة التي يمكن ان تستضيف التدريبات او عدد الجنود العراقيين الذين سيتلقون التدريب.
ومع عدم الرغبة في إتاحة مزيد من التمكين لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وفي نشر قوات اميركية على الارض أصبح دعم الولايات المتحدة للعراق مقيدا في الوقت الذي يحارب فيه مسلحين من الدولة الاسلامية في العراق والشام التابعة للقاعدة في محافظة الانبار ويسعى لاحتواء تصاعد العنف في شتى انحاء البلاد طوال العام المنصرم.
وتقوم الولايات المتحدة بارسال الصواريخ وطائرات الاستطلاع ومعدات اخرى تساعد القوات العراقية على التصدي للقاعدة في محافظة الانبار الغربية وهي معقل للاقلية السنية في العراق.
لكن واشنطن تريد من المالكي وهو شيعي ان يبذل المزيد من الجهد للتواصل مع الاقلية الكردية والسنية التي تتهمه باذكاء التوترات الطائفية.
والصراع الدائر في الانبار هو أحدث المواجهات التي تضع المالكي في مواجهة السنة وكثير منهم يرفضون الهيمنة الشيعية على العراق منذ الغزو الاميركي الذي أطاح بالرئيس السني السابق صدام حسين عام 2003.
ونقلت رويترز عن كولين كال المسؤول الكبير السابق في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) المتخصص في شؤون الشرق الاوسط، قوله، ان قدرة الجيش الاميركي على القيام بأنشطة علنية في العراق محدودة للغاية لكن ادارة اوباما تقوم على الارجح بمد الحكومة العراقية بالمعلومات لمساعدتها على استهداف القاعدة.
وأضاف \”ونحن نفعل ذلك علينا ان نحرص على الا نمكن المالكي من الاستمرار في تصرفاته السيئة وعلينا ان نكون حريصين على الا نفعل شيئا يجعلنا نبدو وكأننا ننحاز الى جانب في قتال طائفي\”.
لكن بخلاف هذا الدعم المتواضع ورغم المخاوف الاميركية من ان الحرب في سورية تذكي وجود القاعدة في المنطقة يقول مسؤولون اميركيون ان أيديهم مكبلة في العراق.
وأوضح وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مطلع الاسبوع ان ادارة اوباما لا تريد ارسال قوات اميركية الى العراق.
وقال كيري يوم الاحد \”هذه معركة تخص العراقيين\” وأضاف \”لا نفكر في إرسال قوات على الأرض. هذه معركتهم لكننا سنساعدهم في قتالهم\”.
وفي غياب (اتفاق لوضع القوات) الذي يوفر الصيغة القانونية لنشر قوات اميركية في الخارج لن يتسنى للولايات المتحدة القيام بأنشطة عسكرية في العراق.
كما ان المالكي لا يحب ان يقال عنه انه سمح بعودة القوات الاميركية التي يعتبر كثير من العراقيين وجودها بمثابة وجود قوة احتلال.
ايران وأفغانستان
ومنذ عام 2011 حين سحبت حكومة اوباما فجأة الجنود الاميركيين من العراق بعد ان فشلت في التوصل الى اتفاق امني مع حكومة المالكي ساعدت انتفاضات الربيع العربي والحرب في سورية في ازاحة العراق من محور السياسة الخارجية الاميركية.
ومع سعي البنتاغون الى انهاء الحرب في افغانستان وسعي وزير الخارجية الاميركي لابرام اتفاقات دبلوماسية للتعامل مع طموحات ايران النووية والنزاع الاسرائيلي الفلسطيني لم يغير العنف واراقة المزيد من الدماء في العراق من هذه الحسابات.
كان احجام حكومة اوباما بل احجام المالكي نفسه عن العودة الى سنوات التدخل العسكري الاميركي في العراق سببا في تقليص النفوذ الاميركي هناك بدرجة كبيرة.
ومنذ انسحاب القوات الاميركية من العراق عام 2011 أصبح مكتب التعاون الامني في العراق التابع للسفارة الاميركية في بغداد هو مرتكز المساعدات الامنية الاميركية في العراق. ويشرف نحو مئة موظف في البنتاجون على الصفقات العسكرية مع العراق وتقديم المشورة للوزارات العراقية.
لكن من الممكن ان تحدث هناك بعض الانشطة السرية. فقد جاء في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز ان الحكومة العراقية طلبت من القوات الاميركية الخاصة العودة لتقديم دعم للقوات المحلية في مكافحة الارهاب والمخابرات.
وحذر البعض في الكونغرس ومن بينهم أعضاء كبار مثل السناتور الجمهوري جون مكين من ميول المالكي السلطوية في الحكم وعلاقاته الوثيقة مع ايران. وهم يقولون انه مازال يسمح لايران بارسال مساعدات عسكرية للرئيس السوري بشار الاسد عبر المجال الجوي العراقي وانه لم يف بتعهده بحماية المعارضين الايرانيين في العراق.
وقال كين بولاك وهو مسؤول سابق في البيت الابيض والمخابرات كان من أشد المؤيدين لغزو العراق عام 2003 ان التركيز الاميركي على عودة القاعدة وعزمها المحتمل على مهاجمة الغرب جعل واشنطن تغفل الجذور الطائفية والسياسية الحقيقية للصراع الحالي في العراق.
وقال \”ارسال الاسلحة لن يحل المشكلة. هذا سيجبر حكومة المالكي على الاعتماد على القوة\”.
وحث بولاك وآخرون الحكومة الاميركية على ان تربط المساعدة الامنية بخطوات تصالحية من جانب المالكي قد يكون من بينها اشراك زعماء للاقليات في حكومته.
وبعد ان طالب المالكي خلال زيارة أخيرة لواشنطن في تشرين الثاني بزيادة الصفقات العسكرية تعمل الادارة على تسريع تسليم المعدات العسكرية ومن بينها صواريخ هيلفاير وطائرات استطلاع.
ولم يحدث اي تقدم بشأن طلب العراق الحصول على طائرات هليكوبتر هجومية من طراز اباتشي ويرجع ذلك بدرجة كبيرة الى مخاوف الكونغرس. وكان الكونغرس قد وافق على صفقة طائرات مقاتلة طراز اف-16 للعراق لكن من غير المتوقع أن يتسلمها قبل الخريف.