المؤشرات تتواتر، والقناعة تتبلور أكثر فأكثر، فما كان متوقعا بات شبه مؤكد، ان لم يكن الأمر حسم، تقارير وتصريحات وتسريبات تؤكد ان الضربة العسكرية الأميركية – الأوروبية لسورية، ستتمّ خلال الأيام القليلة المقبلة، وربما تأتي مباشرة بعد نشر التقرير المنتظر لأجهزة المخابرات الأميركية حول الهجوم الكيميائي على منطقة الغوطة.
مصادر صحفية أميركية وبريطانية، تميل الى ان واشنطن ستوجه ضربة عسكرية غدا الخميس الى سورية، عبر صواريخ كروز من قواعدها البحرية والجوية في قبرص وتركيا بمساعدة بريطانية وفرنسية واطلسية، وهناك معلومات عن وجود قاعدة جوية سرية في الأردن ستستخدم لضرب سورية.
المصادر كشفت عن ان الضربة المتوقعة لن تهدف الى اسقاط النظام بل لتدمير الدفاعات الجوية والمطارات العسكرية السورية، وقد تشمل أيضا مقرّات تحكم وقيادة عسكرية ومدنية سورية، وربما بعض القصور الرئاسية، وان الهجوم سيستمر لمدة 3 ايام.
ونقلت قناة الـ\”\”NBC الأميركية عن مسؤول رسمي رفيع المستوى انه سيتم ضرب سورية بالصواريخ غدا الخميس.
واشار المسؤول الى ان \”طبول الحرب بدأ يعلو صوتها خاصة بعد اتهام النظام السوري باستخدام الاسلحة الكيماوية تجاه شعبه\”.
وذكرا القناة انه \”سيتم ضرب سورية لمدة 3 ايام بالصواريخ، وسيقوم البنتاغون بتقييم مدى فعالية الضربة الاولى\”.
من جهته، اكد الكاتب روبرت باكهسن ،ان \”سورية ستتلقي اولى ضرباتها العسكرية من اميركا من خلال القصف بصواريخ كروز من البحر\”.
وبين ان \”أميركا ستكون مستعدة لصراع طويل في سورية، وسيكون مركز عملياتها العسكرية في قاعدة جوية سرية في الاردن\”.
واشار الى ان \”المراكز السكانية في سورية والقوات العسكرية للأسد هي في عمق المناطق الداخلية من البلاد، على عكس ليبيا، حيث اعتمدت منظمة حلف شمال الأطلسي حينها على الطائرات رافال الفرنسية التي تحلق انطلاقا من قواعد في جنوب أوروبا\”.
واوضح أن \”الولايات المتحدة توسعت تدريجيا خلال الفترة الماضية في تحضير قواتها في الاردن، ناهيك عن التزود بالعتاد والاسلحة من قاذفات الصواريخ المضادة للطائرات والطائرات المقاتلة في الأشهر الأخيرة، حيث تم ابقاء سرب طائرات F-16 (يتألف سرب الطائرات العسكرية في العادة بين 16-18 طائرة)، كما تم الابقاء على اكثر من 1000 جندي أميركي\”.
وذكر ان \”استخدام قواعد تركيا يعتمد على استعداد تركيا للدخول في حرب مع سورية\”.
بدورها، نقلت صحيفة \”واشنطن بوست\” الأميركية عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، لم تكشف أسماءهم، أن الضربة الأميركية رداً على هجوم كيماوي تقول الولايات المتحدة إنه مؤكد في ريف دمشق الأسبوع الماضي، \”لن تدوم على الأرجح أكثر من يومين وستجري بشكل يجنّب الولايات المتحدة التدخل بشكل أكبر في النزاع المستمر في هذا البلد منذ أكثر من سنتين\”.
كما ذكرت صحيفة \”نيويورك تايمز\” الأميركية أن \”أوباما الذي مازال يدرس الخيار العسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد سيأمر على الأرجح بعملية عسكرية محدودة\”.
وأفادت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين في الإدارة أن \”الضربة ستتضمن إطلاق صواريخ كروز من بوارج أميركية منتشرة في البحر المتوسط على أهداف عسكرية سورية.
وأشارت \”نيويورك تايمز\” إلى أن \”التحرك العسكري لن يكون حملة طويلة تهدف إلى إطاحة الرئيس بشار الأسد أو تغيير موازين القوى في النزاع\”.
وأضافت أن \”مسؤولي الاستخبارات الأميركية سيكشفون خلال الأيام القليلة المقبلة معلومات تدعم الاتهامات الموجّهة لدمشق باستخدام أسلحة كيماوية في الهجوم الذي أوقع 1300 قتيلاً، بحسب المعارضة الأسبوع الماضي، في وقت تنفي دمشق أن تكون استخدمت مثل هذه الأسلحة\”.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن المسؤولين أن \”الولايات المتحدة تجري مشاورات مع حلفائها لكن أملها ضئيل في الحصول على ضوء أخضر من الأمم المتحدة بسبب معارضة روسيا، حليفة دمشق الرئيسية التي وفرت لها تغطية دبلوماسية منذ بدء النزاع من خلال عرقلة أي قرار يدين نظام الأسد في مجلس الأمن الدولي\”.
أما صحيفة \”الغارديان\” البريطانية فقد أشارت أمس إلى أن \”طائرات وحاملات عسكرية بدأت الوصول إلى قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية في قبرص، التي تبعد 100 ميل فقط عن الساحل السوري، في إشارة لتزايد الاستعدادات لهجوم عسكري ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد\”.
وأوضحت الصحيفة – في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني – أن \”اثنين من الطيارين التجاريين، اللذين يحلقان بانتظام من مدينة لارنكا القبرصية، أبلغا الصحيفة بأنهما شاهدا عبر نافذتهما طائرات نقل من طراز سي 130 وتشكيلات قليلة من طائرات مقاتلة على شاشات رادارهما، حيث أعربا عن اعتقادهما بأنها محلقة من أوروبا\”.
وأضافت الصحيفة أن \”مقيمين بالقرب من القاعدة الجوية البريطانية أكدوا أن \”هناك نشاطات غير عادية في القاعدة تزيد على النشاط الطبيعي منذ 48 ساعة الماضية\”، مشيرة إلى أنه \”في حال صدور أمر أو قرار مهاجمة أهداف معنية في سورية، ستعتبر قبرص مركزاً لهذه الحملة الجوية\”.
وتابعت \”كما أن وصول الطائرات الحربية يوحي بأن بريطانيا اتخذت قرار التأهب في الوقت الذي يصعّد فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة أوروبا موقفهم المعارض للرئيس بشار واتهام قواته المسلحة بشنّ هجمات بالأسلحة الكيماوية، وقتل المئات في شرق دمشق الأربعاء الماضي\”.
وأشارت الصحيفة إلى أن \”حالة المواجهة بين سورية والغرب اشتدت بشكل خطير عندما تعرّض فريق التفتيش عن الأسلحة التابع للأمم المتحدة للخطر بسبب قربه من الموقع الذى تعرض لهجوم بالأسلحة الكيماوية\”.
إلى ذلك ذكرت وكالة \”رويترز\” أن إيران حذرت أمس الثلاثاء من أي تدخل عسكري خارجي في سورية، قائلة إن الصراع الذي سينجم عن ذلك سيحيق بالمنطقة كلها.
من جانبه، أكد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، أمس الثلاثاء، إن الجيش الأميركي مستعد للتحرك على الفور في سورية إذا أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمراً بذلك.
وقال هيغل، في مقابلة تلفزيونية مع هيئة الإذاعة البريطانية أجراها أمس خلال زيارته لبروناي: \”حرّكنا قطعاً حتى تتمكن من التنفيذ والامتثال لأي خيار يودّ الرئيس اتخاذه\”. ورداً على سؤال حول ما إذا كان الجيش الأميركي مستعداً لردّ كهذا قال هيغل \”نحن مستعدون للتحرك\”.
وفي سياق آخر، ذكرت مصادر حضرت اجتماعاً بين مبعوثين غربيين والائتلاف الوطني السوري المعارض في إسطنبول، أن القوى الغربية أبلغت المعارضة السورية بتوقع توجيه ضربة لقوات الأسد في غضون أيام.
وقال مصدر حضر الاجتماع الذي انعقد أمس الأول الاثنين لوكالة \”رويترز\” \”تم إبلاغ المعارضة بعبارات واضحة بأن التحرك لمنع نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى قد يحدث في غضون الأيام القليلة المقبلة، وبأنها يجب أن تستعد في الوقت نفسه لمحادثات سلام في جنيف\”.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع، الذي عُقد بفندق في وسط إسطنبول، كان بمشاركة شخصيات بارزة في الائتلاف الوطني السوري، من بينها رئيس الائتلاف أحمد الجربا، ومبعوثون من 11 دولة أساسية في تحالف \”أصدقاء سورية\”، منهم روبرت فورد كبير المسؤولين الأميركيين عن ملف سورية. من طرفها، نقلت مؤسسة دراسات الحرب الأميركية (ISW) عن محللين بانهم يعتقدون أن هدف هذه العملية العسكرية، قد يتضمّن عناصر جانبية أخرى، خاصة بعد أن بدا واضحاً أن ثمّة توجّهاً لدى القِوى الغربية لتوجيه ضربات أيضاً إلى الجماعات الجهادية الأصولية في سورية، والتي تنشط أيضاً في العراق، جنباً إلى جنب مع ضرب النظام\”.
وأضافت \”هذا بالتحديد، ما برز واضحاً في مؤشريْن إثنين: الأول، الاجتماع الموسّع الذي عقده أمس الأول الاثنين، القادة العسكريون من دول غربية وشرق أوسطية في عمّان (الأردن)، والذي وضع على رأس جدول أعماله خططاً لإضعاف المنظمات المتطرّفة في سورية، في الوقت نفسه الذي يتمّ البحث فيه في المضاعفات المحتملة للضربة العسكرية الغربية ضد سورية على دور الجوار (العراق، الأردن، تركيا ولبنان)\”.
أما الثاني \”هو التحذير الذي أطلقته مؤسسة دراسات الحرب الأميركية (ISW) وثيقة الصِّلة بالبنتاغون، من أن الإكتفاء بتوجيه ما أسمته (ضربة تكتيكية) للنظام السوري، من دون استراتيجية واضحة المعالم، ستكون من دون جدوى وقد تؤدّي إلى عكس المرجو منها\”.
في الأثناء، توضح مصادر دبلوماسية أن \”الولايات المتحدة وحلفاءها، سيكونون مضطرّين بعد الضربة العسكرية، إلى الأخذ برأي مؤسسة دراسات الحرب هذا، الذي تؤيّده أطراف عديدة في وزارتيْ الخارجية والدّفاع الأميركيتيْن، كما لدى القوى الإقليمية الشرق أوسطية الحليفة لأميركا\”.
ورأت ان \”هذه الخطوة، أي إضعاف المنظمات المتطرّفة، ستصبح على أي حال حتمية، لأن الغرب لن يسمح بتحويل الضّعف الذي سيطرأ على النظام بعد الضربة، إلى قوة لهذه المنظمات\”.
وأكدت المصادر \”سيناريو هذه الضربة بات واضحا حسبما يبدو، قصف بصواريخ كروز (توماهوك) بعيدة المدى من السّفن الحربية الأميركية، التي تقف الآن في شرق المتوسط قُبالة الساحل السوري، وربما أيضاً من سُفن بريطانية وفرنسية ومن القواعد العسكرية البريطانية والأطلسية، في كل من قبرص اليونانية وتركيا\”.
وبينت ان \”القصف المرتقب سيستهدف بالدرجة الأولى، الدفاعات الجوية والمطارات العسكرية السورية، وقد يشمل أيضاً مقرّات تحكّم وقيادة عسكرية ومدنية سورية، بما في ذلك ربما بعض القصور الرئاسية.هدف الهجوم، الذي قد لا يستمر أكثر من يومين، سيقتصر على (مُعاقبة) النظام السوري بعد إدانته رسمياً في واشنطن وعواصم القرار الأوروبي الثلاث، باريس ولندن وبرلين، باستخدام الأسلحة الكيميائية في غوطتي دمشق، وحسبما يتردد، لن يتضمّن الهجوم المرتقب العمل على تغيير النظام ولا قلب المُعادلات العسكرية الرّاهنة على الأرض بشكل جذري\”.