القول بوجود مشكلة بنيوية في العراق، ليس بالأمر الخافي، ولا هو فتح ثقافي جديد يُضاف إلى رصيد قائله، وما تثبته الوقائع اليومية: سياسيًا وإعلاميًا وثقافيًا، دليل حيّ على مساحة الترهل الذي أصاب مفاصل الحياة، منذ ثمان سنوات، كان بالإمكان أن ينجز فيها العراقيون جزءًا كبيرًا من مشروع الدولة، وإعادة تأهيل مؤسساتها بجدية. ثمة أسئلة سياسية/ فكرية على المثقف العراقيّ الحقيقي طرحها بشجاعة على نفسه أوّلًا، وشلة الأحزاب البروشتية التي هبطت على رأس المواطن فزادته ضبابية، فأصبح غير قادر على فرز الأحداث والمتغيرات، ووضعها في سياقها الصحيح (مع تحفظي الشديد والمزمن على مصطلح الأحزاب):
– ما هي حدود السياسة التي يفهمها هؤلاء؟
– ما هي الأطروحة الثقافية الجديدة التي ينتمون بها؟
– ما هي مرجعيتهم الفكرية (على صعيد التجربة وقراءة المعطيات) التي تؤهلهم لقيادة بلد كالعراق؟
– كيف يمكن لحزب أو حركة أو جبهة، تشكّل في فضاء طائفي/ مناطقي اللجوء إلى مظلة وطنية بيضاء؟!
– ماذا أنجز هؤلاء من مشروع المصالحة الوطنية؟
– ثقافيًا: كيف قدمنا بغداد للقادمين في فعالية بغداد عاصمة الثقافة العربية؟ أين سؤال الهُوية الوطنية؟
أمنيًا: انفجارات جديدة، سبت دامٍ، وأحد وأثنين، والقادم لا نعرفه، الحصيلة الحكومية تقول: 3442 شهيدًا وجريحًا خلال شهر واحد فقط، والبقية تأتي. قناة الشرقية ومشتقاتها يصرحنّ بغير ذلك!. هل تذكرون الانتخابات الأخيرة؟ ثمة قول لحكيم سياسي يقول: السياسي الفاشل ينتخبه المواطنون الصالحون. طبعا، بعزوفهم عن المشاركة في الانتخابات. نحن مساهمون في إعادة إنتاج هذه البضاعة السياسية: بضاعتنا رُدت إلينا، ربّ إرجعون لأنتخب صالحاً؛ ليس النائب المطلك بالضرورة! هل ينفعنا الآن، قولنا: المذهب في خطر. هل نتوقع من مرشح شعاره: محافظتي أوّلًا عبور أسيجته المذهبية؟ البعض تندرَ فحذف الألف: محفظتي!. إسقاط الألف خير من إسقاط واو الجماعة الناخبة برمتها!.
للقارئ حق سؤالي: ما قصة تتن طويريج؟ إليكَ سردها:
يُحكى أن رجلين من مدينة طويريج _القريبة من محافظة كربلاء_، يقفان ذات صباح على ضفتي النهر الذي يشطر المدينة إلى نصفين. الرجلان يلقيان على بعضها التحية كالعادة، ثم يدور بينهماالحوار التالي:
– ها خويه إشلونك؟
– زين، الحمد لله.
– أكلك خويه رايح للسوكــ؟
– لا خويه رايح للسوكـ؟
– خوش اذا رايح للسوك جيبلي تتن وياك؟
– لا ما رايح للسوك!
– أنه هم رايح للسوك!
– لا خويه انه هم ما رايح للسوك!
حوار بين طرفين تخونه اللغة والمسافة، يُعاد بطريقة دائرية، نسخة مصغرة من حوارنا العراقي المزعوم الواقع خارج السؤال عنه وفيه. القصة باتت مشهورة يعرفها أهل المنطقة، ربّما دولة الرئيس يتذكرها جيّدًا. بعد كل ما حصل، هل بقيَ لدينا عذر بتوصيف الواقع: بضاعتنا سكراب سياسي لا ينفع، ومصالحتهم تتن طويريج !