أقرت وزارة الداخلية، أمس الاثنين، بهروب سجناء من تنظيم القاعدة وجماعات مسلحة أخرى من سجني بغداد المركزي (أبو غريب سابقا) والحوت (التاجي)، عقب هجومين مباغتين شنهما على ما يبدو \”تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية\”، مبينة انه جاء بـ\”تواطؤ\” من حراس المعتقلين المحصنين، بينما كشف مصدر استخباري لـ\”العالم الجديد\” ان الهاربين يمثلون الجيل الأول والثاني من تنظيم القاعدة في العراق، وان عددهم يفوق الـ500.
ووسط معلومات متضاربة عن عديد المعتقلين الهاربين، أعلن عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية أن عددهم يتراوح بين 500 و1000، غير أن وزارة العدل المسؤولة عن إدارة السجنين لم تنفِ أو تؤكد المعلومة، ولم يحمل بيانها إشارة إلى أي هروب.
وعقب يوم واحد من هجمة دامية شنت السبت الماضي بالتوقيت ذاته تقريبا، بـ11سيارة مفخخة و6 عبوات ناسفة ضربت أحياء مختلفة من بغداد، تواترت أنباء عن \”هجوم كبير\” شنه مسلحون عند الساعة الثامنة والنصف من مساء الأحد (أمس الأول) على سجنين مركزيين غرب وشمال غرب بغداد، أسفر عن مقتل 8 عناصر أمنيين وجرح 14 من جهة، ومقتل 21 معتقلا وجرح 25 من جهة أخرى، فيما لم تتوافر معلومات عن قتلى وجرحى المهاجمين.
ويأتي الهجوم، في الذكرى الأولى لإعلان أمير \”دولة العراق الإسلامية\” في 21 تموز 2012، البدء بعملية كبرى للهجوم على عدد من السجون في بغداد تحت اسم \”هدم الأسوار\”، حين هاجمت مجموعة مسلحة بالطريقة ذاتها مقر الاستخبارات الوطنية وسط العاصمة.
وقال حاكم الزاملي عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية في مؤتمر صحفي عقده بمبنى البرلمان، وتابعته \”العالم الجديد\”، إن \”الهجوم على سجن أبو غريب أسفر عن هروب ما بين 500 إلى 1000 معتقل، اغلبهم من تنظيم القاعدة\”.
في حين كشف مصدر استخباري لـ\”العالم الجديد\”، في وقت متأخر من ليل أمس، ان \”40 بالمائة من المعتقلين الفارين هم من عتاة تنظيم القاعدة، ممن كانوا بحوزة القوات الأميركية في معتقلات بوكا بالبصرة وأبو غريب وكروبر بمطار بغداد سلموا بعدها إلى السلطات العراقية\”، مشددا على أن \”الهاربين يمثلون الجيل الأول والثاني للتنظيم في العراق بينهم نوفل (…) وأبو رغدة العراقي\”.
ولفت إلى أن \”الفارين من سجن أبو غريب، اتجهوا إلى منطقة العامرية وقضاء سامراء، ومنطقة إبراهيم بن علي ومنها إلى سامراء، فضلا عن توجه آخرين إلى الفلوجة والرمادي\”.
وبيّن المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات، أن \”من بين الفارين عددا من السجينات\”، منبها إلى أن \”عدد الفارين يتجاوز 500 معتقل\”.
وذكر أن \”قوات مشتركة من الجيش والشرطة الاتحادية، وجهاز المخابرات واللواء 54 أو ما يعرف بالفرقة الذهبية، شنوا صباح الأحد (أمس الأول)، حملة دهم وتفتيش دقيقة في قضاء أبو غريب والمناطق المحيطة، شملت حتى (تانكيات) حفظ المياه في المنازل، ولم تعثر على اثر للفارين\”.
ونوه بأن \”القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، أمر باحتجاز 3 أمراء ألوية من الفرقتين السادسة و17 للجيش العراقي للتحقيق معهم، فضلا عن ضباط آخرين كبار\”.
وكان اللواء الركن ناصر الغنام قائد الفرقة 17 للجيش العراقي، اعلن أمس الأول الأحد في صفحته على موقع فيسبوك، استقالته التي اطلعت عليها \”العالم الجديد\”. وكتب الغنام انه استقال \”بسبب القرارات والأوامر الغير مهنية والتي تسببت وتسبب هذه الفوضى والارباك في الملف الأمني جاءت الساعة والتي يجب اتخاذ القرار المناسب فيها الا وهو الاستقالة من الخدمة في القوات المسلحة لكي لا لانسائل امام الله وشعبنا على ما يحدث بحق أهلنا ومنتسبي قواتنا المسلحة من قتل عشوائي بسبب السياسات الخاطئه للقيادات العسكرية العليا والمزاجية والعشوائيه في اتخاذ القرارات\”، فيما أعلن عباس البياتي، عضو لجنة الأمن الدفاع النيابية، في مؤتمر صحفي أن \”استقالة الغنام لم تصل بعد إلى مكتب القائد العام للقوات المسلحة\”.
وبينما أعلنت وزارة الداخلية، صباح الأحد، \”إحباط\” محاولة لاقتحام السجنين، قال موقع جهادي مرتبط بتنظيم القاعدة اطلعت \”العالم الجديد\” على بياناته إن \”الآلاف من الإخوة المجاهدين تمكنوا من الفرار\”.
وقال العميد سعد معن، المتحدث باسم وزارة الداخلية، في بيان تلقت \”العالم الجديد\” نسخة منه، ونشر فيما بعد على موقع الوزارة، إن \”القوات الأمنية في قيادة عمليات بغداد وبمساندة من طيران الجيش، تمكنت من إحباط هجوم مسلح شنه مسلحون مجهولون استهدف بنايتي سجني التاجي (شمال) وأبو غريب (غرب)\”.
وبين معن أن \”القوات الأمنية تصدت للمهاجمين وأجبرتهم على الفرار، وما زالت هذه القوات تتعقب القوات الإرهابية وتفرض سيطرتها التامة على المنطقتين\”.
وبحسب مصادر أمنية مختلفة اطلعت \”العالم الجديد\” على تصريحاتها، فان \”بداية الهجوم على سجن بغداد المركزي (أبو غريب سابقا)، تمت عبر تفجير عبوتين ناسفتين في بوابة السجن الأمامية، ومن ثم هوجمت البوابة الأمامية والخلفية بسيارتين مفخختين وعدد من قذائف الهاون، ما أسفر عن مقتل 11 عنصرا وجرح 27 بينهم حراس السجن وعناصر في الشرطة الاتحادية\”.
وبحسب المصادر ذاتها، فان \”سجن الحوت في التاجي تعرض إلى هجوم بـ4 سيارات مفخخة و3 انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة وبعدة قذائف هاون، ما أسفر عن مقتل 9 عناصر وجرح 17 من حراس السجن\”.
وابلغ مصدر أمني من أروقة وزارة الداخلية \”العالم الجديد\” بان \”سجني أبو غريب والتاجي أمطرا بوابل من قذائف الهاون تراوحت بين 50 و100، وجهت اغلبها من منطقة الطارمية\”.
ونوه المصدر بان \”مجموعات مسلحة شنت هجوما عنيفا بالأسلحة الرشاشة وقاذفات الـRBG، على السجنين، فيما رابطت مجموعة منهم على الطريق الدولي بالقرب من سجن أبو غريب لتأمين هروب السجناء\”.
ويرجح أن يكون تنظيم القاعدة في العراق، المسؤول عن الهجمتين الأعنف منذ الهجمة الأولى على سجون حكومية قبل عام وبالتوقيت ذاته، وما يشير إلى صحة الترجيح، البيان الذي نشره موقع \”حنين\” المقرب من \”تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية\” الذي اطلعت عليه \”العالم الجديد\” أمس، إذ ذكر أن \”سجن أبو غريب سيء الصيت يتحول إلى خبر كان (…) هذا وابلغنا بوصول آلاف الإخوة إلى خارج أسوار سجن التاجي\”.
ولفت إلى أن \”الإخوة المعتقلين داخل السجن كان لهم الفضل (…) باقتحام (أقسام) السجن، وبدؤوا بأعمال شغب نجحت في السيطرة على بعض أسلحة الحراس مما (أسهم) في تسهيل اقتحام الإخوة إلى السجن من الخارج\”.
وقدمت وزارة العدل رواية رسمية عن الهجومين، إذ قال حامد الموسوي، مدير عام دائرة الإصلاح العراقية، في بيان تلقت \”العالم الجديد\” نسخة منه، أمس، إن \”سجني التاجي وبغداد المركزي (أبو غريب) استهدفا في آن واحد بتمام الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الأحد (أمس الأول) من قبل مجاميع إرهابية باستخدام الهاونات وقذائف الـ RBGوالأسلحة المتوسطة وعدد من الانتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة ومجموعة من العجلات المفخخة، بالتزامن مع أحداث شغب وإشعال حرائق داخل القاعات السجنية من قبل بعض النزلاء، صاحبها انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي (الخط الوطني)\”.
ولفت الموسوي إلى أن \”الحراس الإصلاحيين سيطروا خلال الساعات الأولى من المواجهات على السجنين وأحبطوا الهجوم، كما نجمت أضرار مادية وخسائر بشرية حصيلتها 8 شهداء و14 جريحا من منتسبي الوزارة، و21 قتيلاً و25 جريحا من النزلاء عدا الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم خلال المواجهات\”، مشيرا إلى أن \”هناك لجانا تم تشكيلها من قبل الوزارة لإحصاء أعداد النزلاء في السجنين، وسيتم إعلان النتائج النهائية حين استكمالها عن طريق مكتب إعلام الوزارة\”.
وأفاد بأن \”وزير العدل حسن الشمري، أوعز بتشكيل لجان تحقيقية، وتكريم إدارة سجن التاجي لدورها البطولي بالتصدي للهجوم، وتشكيل لجان لإحصاء الأضرار والخسائر الناجمة عن أعمال الشغب والهجمات الإرهابية، وإسناد إدارتي السجنين بقوات من دائرة الإصلاح العراقية والأجهزة الأمنية\”.
فيما اتهمت لجنة خلية الأزمة برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، التي اجتمعت منتصف نهار أمس، \”بعض حراس السجنين بتواطؤ مع المجموعات الإرهابية\”، بحسب بيان لوزارة الداخلية تلقته \”العالم الجديد\”.
وشددت خلية الأزمة على أن \”سجن التاجي لم يشهد أي هروب لسجناء\”، معترفة بهروب عدد منهم من سجن أبو غريب، ومشيرة إلى أن البحث ما زال جارياً عن الفارين منه، فيما دعت القوات الأمنية الأهالي إلى التعاون معها والإبلاغ عن الفارين.
وفي صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تحمل اسم \”هدم الأسوار\”، كتب شخص يدعى (أبو بكر الزوبعي) وعرف نفسه بأنه احد الفارين من سجن أبو غريب أمس، بأنه تمكن من الهرب ووصل إلى مكان آمن في مدينة الفلوجة.
وفي الوقت الذي كانت المجاميع المسلحة تشن هجومها على السجنين، تناقل \”مغردون\” متشددون وسلفيون وقاعديون تغريدات عن الهجوم على موقع تويتر، مهنئين الهاربين من السجنين.