يعتزم مصرفا سيتي غروب الأميركي وستاندرد تشارترد البريطاني على التوسع نحو السوق العراقية، لما تختزنه من إمكانيات كبيرة للقطاع المصرفي، لكن تجارب بعض المصارف الأجنبية في العراق تدعو لتوخي الحذر لتفادي بعض المشكلات.
وفي العراق يعد عدد المواطنين الذين يملكون حسابات مصرفية قليل جداً، الأمر الذي يتيح للمصارف هامشاً كبيراً لاستقطاب آلاف العملاء، خاصة وأن العراقيين يبحثون عن حزمة كاملة من الخدمات تتراوح بين الحسابات الجارية إلى خدمات التأمين إلى الرهون العقارية، وهي خدمات لا تحظى السوق العراقية بعروض كثيرة بشأنها.
ووفق تقديرات البنك الدولي لم يتجاوز حجم قطاع القروض في العراق نسبة 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010، في حين أن النسبة بلغت 55 بالمائة في باقي دول الشرق الأوسط.
ويعاني القطاع المصرفي العراقي من تقادم التشريعات المنظمة له، فضلاً عن هيمنة المصارف المملوكة للدولة، إضافة إلى ضعف البنية التحتية والعدد الكبير من العقبات التي تجعل ممارسة النشاط المصرفي أمرا غير سهل أبدا.
ويقول دبلوماسي غربي، لموقع الجزيرة، إن \”العراق يحتوي على مؤهلات كبيرة جدا لممارسة النشاط المصرفي فيه\”.
وبحسب مايانك مالك، وهو مدير فرع سيتي غروب في الأردن والعراق، فأن المصرف يرى في السوق العراقية فرصة كبيرة، وهو يسعى للاستفادة من مزايا تصدر المصارف الأجنبية التي ستدخل للبلاد.
ومن المؤمل أن يركز المصرف الأميركي في بداية الأمر على خدمة عملائه الحاليين في العراق، مثل شركات النفط الدولية العاملة في قطاع النفط جنوبي البلاد، وفي المدى البعيد سيسعى سيتي غروب لدخول مجال الأعمال المصرفية التجارية وبالتجزئة (أي الخاصة بالأفراد)، غير أنه لم يعلن جدولا زمنيا لهذه الخطوات.
ويبني المصرف الأميركي سياسته على توقعات متفائلة للعراق، حيث يتوقع اقتصاديون يعملون فيه بأن يصبح عدد العراقيين في 2050 نحو خمسين مليون نسمة وباقتصاد يناهز حجمه تريليوني دولار، ويمثل هذا الرقم الأخير 15 ضعفا لقيمة الاقتصاد العراقي حاليا، ويعادل تقريبا حجم الاقتصاد الهندي في الوقت الراهن.
ومع تطور القطاع المصرفي مستقبلاً فإن هناك حاجة لكافة الخدمات البنكية المعروفة في العراق، حيث إن نسبة محدودة من المواطنين يحصلون على قروض وتأمين وبطاقات ائتمان ورهون عقارية وباقي المنتجات المالية.
ورغم نبرة التفاؤل في حديث مالك، إلا أن هناك عقبات رئيسية أمام العمل المصرفي في العراق، فقبل إعلان سيتي غروب الشهر الماضي عزمه مد نشاطه لهذا البلد، كان بنك أتش أس بي سي البريطاني قد أعلن قبل ذلك بأيام عن بيعه حصته في بنك دار السلام في العراق، وتبلغ الحصة 70 بالمائة.
ويتحدث دبلوماسيون ومحللون عن جملة من الصعوبات الكبيرة في قطاع المصارف العراقي، ومنها غياب تشريعات عصرية تدفع العراقيين للثقة في القطاع المالي، وبسبب هيمنة مصرفين حكوميين، وهما بنك الرشيد ومصرف الرافدين، على مجال المصارف يتقلص الحافز على الابتكار.