مطاعم ومقاه في بغداد تفتش مرتاديها تحسبا لتسلل انتحاريين بينهم

لم يكن مطعم \”كبّة البغدادي\” في الكرادة يفتش زبائنه من قبل، كانوا يدخلون في الزحمة ويتدافعون للحصول على كرسي في المحل المكتظ، إلا أن التفجيرات التي تحصل بشكل متواتر وكبير في بغداد، دفعت صاحب المحل إلى وضع أحد الشبّان لتفتيش الزبائن الذين يُشكّ في أمرهم.
وقد فوجئ صلاح عندما فتَّش هذا الشاب حقيبته التي تحوي على جهاز \”لابتوب\” وبضع أوراق، فهو زبون يأتي يومين بالأسبوع للأكل في المطعم، لكن بشاشة الشاب الذي فتّشه أزالت عنه امتعاضه الذي بان واضحا على وجهه، وجعلته يأكل طعامه ويمضي.
والتفتيش لا يقتصر على الداخلين إلى المطعم، فإذا ما توقفت سيارة لا يعرف صاحبها يدخل أصحاب المطعم والمحلات المجاورة له في حالة إنذار حتى العثور على صاحب السيارة، وتوبيخه لأنه لا يعرف ما يعانيه هؤلاء من خوف على حياتهم وأرزاقهم.
وشهد العراق في الأشهر الثلاثة الماضية تراجعاً أمنياً كبيراً، ترمي فيه الحكومة اللوم على الصراع الدائر داخل سوريا، حيث أن الحرب الأهلية المتأججة هناك عززت \”القاعدة\” وسمحت لها بإرسال مقاتلين أجانب وانتحاريين إلى العراق عبر الثغرات الحدودية بأعداد غير مسبوقة.
وتنقل مجلة فورن بوليسي، التي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية، عن مسؤولين عراقيين وأميركيين قولهم إن \”30 انتحاريا يعبرون الحدود شهريا من سوريا إلى العراق منذ أوائل الصيف، الكثير منهم من شمال إفريقيا ودول الخليج\”.
وتشهد معدلات العنف في العراق منذ، مطلع شباط 2013، تصاعداً مطرداً، إذ ذكرت بعثة الأمم المتحدة بالعراق في حزيران الماضي أن 3442 عراقياً قتلوا أو أصيبوا في أيار، بعمليات عنف طالت مناطق متفرقة من البلاد، في حين بينت (يونامي) مطلع تموز أن حصيلة أعمال العنف في العراق بلغت خلال حزيران نحو 2532 شخصاً.
وفي منطقة العرصات تجول سيارة الشرطة كل يوم صباحا محذرة أصحاب المحلات من سيارات مفخخة قد تنفجر في أي لحظة، داعية إياهم ألا يسمحوا لأي سيارة بالوقوف في الشارع لأنها قد تكون سبباً بموتهم، الأمر الذي يجعل حسام حسن مرعوباً بسبب السيارات.
ويسكن حسام شقّة مطلة على شارع العرصات، وأصبح تنبيه الشرطة اليومي بمثابة منبّه لنفض النوم من عينيه والتوجه للاستغفار والدعاء لعدم حصول أي حادث يصيبه بمكروه.
وليست المطاعم وحدها من بدأت بأخذ التدابير لحماية أملاكها وحياتها وزبائنها من التفجيرات والانتحاريين. ففي منطقة العبيدي، يفتش مقهى \”فور\” زبائنه خشية أن يكون أحدهم انتحاريا، وعلى الرغم من شعبية المقهى ومن وجوه رواده التي تتكرر كل يوم، جاء حمودي، صاحب المقهى، بشاب من خارج المنطقة حتى لا يُحرج من تفتيش الزبائن.
يقول حمودي إنه فقد الثقة بالجميع بعد أن سمع في مناطق عدّة عن انتحاريين كانوا رواداً للمقاهي لكنهم فجروها لاحقا.
وقد تعرّضت عدة مقاهٍ في بغداد لتفجيرات تبناها تنظيم القاعدة، الأمر الذي أدى قبل نحو شهرين إلى خلو المقاهي من زبائنها، غير أن الحياة عادت إليها الآن.
ويؤكد حمودي في حديث لـ\”العالم الجديد\” أنه \”بعد تفجيرات المقاهي اضطررنا أن نغلق المقهى لأسبوع كامل خوفا من استهدافه.. لكننا عدنا لنفتحه مجددا\”.
ويضع مقهى \”فور\” حارسا ليليا خوفاً من أن تضع المجموعات المسلحة عبوة ناسفة في المقهى.
ودربت وزارة الداخلية في شهر آب الماضي 2386 حارسا ليليا لتوزيعهم على المناطق، إلا أن حمودي ينفي وجود هؤلاء على أرض الواقع.

إقرأ أيضا