صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

مطلوب رئيس

منذ أن مرض الرئيس طالباني قبل ما يقارب من سنة، والعراق بلا رئيس جمهورية. وتدار رئاسة الجمهورية من قبل نائب الرئيس الوحيد خضير الخزاعي، ولم يطالب مجلس النواب العراقي  لحد الان الكتل السياسية بطرح مرشح جديد لرئاسة الجمهورية بدل طالباني، لاكمال المدة المتبقية لولايته والتي تستمر الى ما بعد اجراء الانتخابات النيابية المقبلة عام 2014. ودعوة مجلس النواب المنتخب الى الانعقاد وانتخاب رئيس جديد، هي فترة طويلة نسبيا ولا يمكن ان يظل العراق بلا رئيس كل هذه الفترة.

مجلس النواب العراقي يمارس اعماله وجلساته الاعتيادية والطارئة منذ ان مرض الرئيس ولحد الان، وكأن الامر لا يعنيه من قريب او بعيد، ولم يفكر بمناقشة خلو منصب رئيس الجمهورية كل هذه الفترة، مجاملة للاخوة الكورد او رغبة من بعض الكتل السياسية الكبيرة في مجلس النواب \”بالتفرد بالسلطة\”.

ان مهام رئيس الجمهورية كثيرة وكبيرة، ومنصب رئيس الجمهورية، ليس منصبا تشريفيا كما يظن البعض ليظل خاليا كل هذه الفترة. فالدستور العراقي اناط برئاسة الجمهورية العديد من الصلاحيات المهمة، ولعل اهمها انها الركن الاول في السلطة التنفيذية التي تتكون من الرئيس ومجلس الوزراء حسب المادة 66 من الدستور العراقي. كما اعطى الدستور العراقي لرئيس الجمهورية اهمية كبيرة، حيث وصف \”الرئيس\”  بانه  \”رمز وحدة الوطن\” و انه يمثل \”سيادة البلاد\” وهو \”من يسهر على ضمان الالتزام بالدستور\”، حسبما اوضحت ذلك المادة 67 من الدستور، كما بينت المادة ٧٣ بفقراتها العشر صلاحيات الرئيس العديدة، وهي إصدار العفو الخاص عن المحكومين، المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، المصادقة على القوانين التي يمررها مجلس النواب واصدارها، منح الأوسمة والنياشين, اصدار المراسيم الجمهورية, القيادة العليا للقوات المسلحة للاغراض الاحتفالية, المصادقة على أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم المختصة, دعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد وتكليف رئيس الكتلة الاكبر الفائزة في الانتخابات بتشكيل الحكومة, طلب سحب الثقة من رئيس الوزراء والقيام مقامه في حالة خلو منصبه، بالاضافة الى ذلك، منحته المادة 73 عاشرا ممارسة  اية صلاحيات رئاسية واردة في الدستور. 

كل هذه هي مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية، وان غياب رئيس الجمهورية لأيام سيؤدي حتما الى عرقلة قوانين او تجاوز على الدستور او عدم مصادقة على احكام او تأجيل اتفاقيات.

لذلك لم يجز الدستور العراقي خلو منصب رئيس الجمهورية لفترة تزيد على 30 يوما، فالمادة ٧٥ ثانياً من الدستور العراقي نصت \”يحل نائب الرئيس محل رئيس الجمهورية عند غيابه\” ونصت الفقرة ثالثا من المادة ذاتها على أن نائب الرئيس يحل محل الرئيس عند خلو المنصب لأي سبب كان. لكنها اضافت \”وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ الخلو\”.  والخلو قانونا لا يعني وفاة الرئيس فقط، وانما عجزه عن اداء مهامه بسبب المرض اوغير ذلك او استقالته من المنصب. لذلك وحسب الدستور العراقي على مجلس النواب انتخاب رئيس جديد للبلاد بدلا عن طالباني لانه ما عاد قادرا على اداء اي من صلاحياته التي نص عليها الدستور، بسب المرض، وهي صلاحيات مهمة ومطلوبة في هذه المرحلة التي يمر بها العراق. وان عدم مناقشة مجلس النواب خلو منصب الرئيس يعد مخالفا للدستور، وبقاء المنصب شاغرا لحد الان هو مخالفة دستورية.  

الرئيس طالباني \”شفاه الله\” رجل مناضل وسياسي قدير، ورمز من رموز العراق لا يختلف اثنان على ذلك، وله احترام وتقدير وحب في قلب كل عراقي، ولكن العراق اكبر من العواطف واكبر من كل الاعتبارات الاخرى، ولا يمكن ان يدار بالوكالة، وفيه اكثر من 30 مليون عراقي كلهم مناضلين ومجاهدين، ولا ينبغي ان تتوقف عجلة الحياة في الدولة العراقية  لمرض رئيس او هروب نائب رئيس.

ان بقاء العراق بلا رئيس، امر ما عاد مقبولا، لذلك على الكتل السياسية اختيار شخصية وطنية  قادرة على جمع وتوحيد الشعب في هذه الظروف غير الطبيعية التي يمر بها البلد، وترشيحه لمجلس النواب لانتخابه… وليس مهما ان يكون المرشح كورديا او عربيا… سنيا اوشيعيا..  بل المطلوب رئيس عراقي لكل العراقيين. 

إقرأ أيضا