يمر الواقع التربوي والتعليمي السوري، في أزمة حقيقية بعد موجة النزوح الكبيرة، وتعرض العديد من الأبنية المدرسية الى التخريب والدمار بسبب الحرب الدائرة في المدن والقصبات منذ 30 شهرا.
عن مجمل هذا الواقع المرير وآفاق المستقبل، وعن عدد الطلبة العراقيين الذين تناقصت أعداداهم بفعل الأحداث الى الخمس تقريبا، حاورت \”العالم الجديد\” الدكتور فرح سليمان المطلق معاون وزير التربية السوري:
– هناك عدد من المدارس مسكونة من قبل نازحين، كيف تعالجون النقص في الأبنية؟
منذ بداية الأزمة تصدت وزارة التربية لمجمل الآثار المترتبة عنها، ولا سيما إيواء دخول المواطنين في الأماكن اللائقة لسكنهم، وأصدرت مجموعة من القرارات تضمنت تفويض مديريات التربية بمعالجة موضوع افتتاح العام الدراسي من خلال تأمين جميع الطلبات والتقليل من الكثافة الصفية في الشُعب حتى لو اضطرهم الأمر الى الدوام النصفي، بحيث لا يضطر النازحون الى الابتعاد كثيراً عن مناطق نزوحهم.
– كثير من الأساتذة هجروا مناطق سكناهم، هل تم توظيف أساتذة بدلاً عنهم؟
عندما ينزح أحد من الأخوة، فإنه يأتي مع أسرته، وهنا قد يكون موظفا أو غير موظف، فوزارة التربية قامت بتحديد مركز عمل هؤلاء الإخوة إن كانوا من ملاك وزارة التربية لعام دراسي جُدد منذ فترة قصيرة لعام آخر، وبالتالي فإن هؤلاء الإخوة وفي ضوء انتقال الأبناء مع أسرهم زاد عدد المتعلمين، وتحول الكثير من المدارس الى دوام نصفي، لذلك التحقوا بعملهم السابق كعاملين في وزارة التربية (موجه – مدرس – معلم – مستخدم).
– كيف يمكنكم تقديم الخدمة التربوية او التعليمية في مناطق النزاع التي لا زالت تحت سيطرة المسلحين، مثل الرقة وحمص؟
تسير أمور الدراسة بمعظم أنحاء الجمهورية بالشكل العادي، أما في المناطق شبه الساخنة، فإن الأمور تسير كذلك بشكل حسن، ويعود تقدير الوضع الحالي اليومية للمنطقة الى اللجان المحلية التي تتألف من معظم الفعاليات الموجودة في الأحياء أو القرى، أما في المناطق الساخنة، فإن أعداد المتعلمين أصبحت قليلة، حيث نزح معظم الاهلين مع أولادهم، ونؤكد أنه في حال توافر متعلمين في أي منطقة مع الأطر التدريسية التي تلتزم مناهج الجمهورية العربية السورية، وتتقيد إداراتها بتعليمات مديرية التربية التي تتبع لها، وكانت الحالة الأمنية تسمح بمتابعة الدراسة فليس للوزارة أي اعتراض على ذلك.
– هل ما زال طلاب عراقيون في سورية، كم يقارب عددهم، وهل ما زالوا يعاملون معاملة السوري داخل المدارس؟
نعم ما زال هناك أعداد من الطلبة العراقيون الذين يدرسون في مدارس الجمهورية العربية السورية، ويقارب عددهم حوالي 5559 طالب وطالبة، وهم يعاملون معاملة الطالب السوري في المدارس.
– وكم كان عددهم قبل الأزمة؟
لقد كان عدد الطلاب العراقيين للعام الدراسي 2010-2011 في مجموعهم العام داخل المحافظات السورية 23279 الف طالب وطالبة.
– في ظل النزاعات الحالية لا بد أن تكون نسبة التسرب من المدارس كبيرة، هل لديكم احصائية محددة، وهل هناك خطة لمعالجتها، خصوصاً في ظل ازدياد معدلات الفقر؟
في الحقيقة ليست لدينا احصائيات دقيقة عن نسب التسرب في المناطق الساخنة، ولكننا نحرص أيما حرص على إلحاق الأبناء الطلبة الذين ينزحون الى مناطق آمنة على قبولهم مباشرة حتى ولو لم تكن لديهم أي أوراق ثبوتية، وذلك من خلال إجراء سبر معلومات يؤهلهم للالتحاق بصفوفهم الحقيقية، أما من تسرب فإن وضعه ووضع أمثاله يحزننا، ونؤكد أن قانون التعليم الأساسي سيتيح لهؤلاء العودة الى المدارس وتدارك ما فاتهم، بالإضافة الى من يبكر منهم في الالتحاق بالمدارس فإنه سيلحق بدورات تكثيفية لمنهج الصف الذي كان به، وسيجري له امتحان في بداية كل صف.
– كيف يتم تأمين التلاميذ من هجمات المسلحين؟
إن القطاع التربوي جزء من المجتمع الوطني، والوزارة تحرص على سلامة الأبناء الطلبة وسلامة العاملين في القطاع التربوي، فما ينطبق على أبناء المجتمع في الحي أو القرية ينطبق على الطلبة، وللجان المحلية أن تقدر الحالة الأمنية، وثمة تعليمات محددة معطاة لإدارات المدارس للتصرف في الظروف الطارئة ومنها، استخدام أقبية المدارس كملاجئ، وفي حال تعذر ذلك الاستفادة من أقرب ملاجئ في الحي أو القرية.
– ماذا عن الشريط الكردي في الشمال، حيث أعلن عن إدارة ذاتية لمناطقهم، هل لديهم تنسيق مع وزارة التربية السورية حول تزويدهم بالمناهج التربوية، وتزويدهم بالأساتذة، أم أن هناك ما يشبه القطيعة؟ خصوصا وأنهم يميلون الى تعليم أبنائهم باللغة الكردية؟
بالنسبة الى الشريط الحدودي أو الحدود مع تركيا، فإن الأبناء الطلبة والعاملين في القطاع التربوي ينطبق عليهم ما قلناه عن المناطق الآمنة والساخنة وشبه الساخنة، فالوزارة ملتزمة بتأمين مستلزمات العملية التربوية من أبنية وكتب وجهاز تعليمي، ومستمرة بتقديم الخدمة لكل مؤسسة تعليمية تلتزم مناهج الجمهورية العربية السورية وتعليمات مديرية التربية التابعة لها.
– في إحصائية لليونيسيف ذكرت أن ما مجموعه 3 آلاف مدرسة تعرضت للتخريب، كيف سيتم تجاوز هذا النقص الهائل؟
إن خبرة وزارة التربية المتراكمة تؤهلها للتعامل مع الظروف الطارئة، وهي استطاعت بالفعل أن تتكيف مع الواقع الراهن كما قلنا في الإجابة عن السؤال السابق، وعمدت الى إعطاء الصلاحيات لمديريات التربية، وإدارة المناطق التعليمية والمجمعات التربوية بتحويل المدرسة الصالحة الى دوام نصفي تستوعب من خلاله ضعفي الأعداد، وبذلك لا نحرم الأبناء الطلبة من متابعة دراستهم، مع أننا كنا نأمل أن ننتهي من الدوام النصفي في العام المقبل كي يتاح لنا تطبيق المناهج الحديثة بالشكل الأمثل.