حقبة مغايرة، ليست ناعمة جدا، لكنها ليست خشنة، لعبة تعاقب أدوار، ذلك أن الدولاب السياسي بدأ بالتحرك، ولابد للمنطقة أن تدور كل خارج فلكه، لعبة الغالب فيها لا يغلب، أما المغلوب فلا حظ له سوى الصمت أو الاقصاء التام من الحياة، تلك هي لعبة الشرق الأوسط الجديد. لعبة تبدأ بالربيع الأحمر، لتنتهي الى خليط من الأزرق والأخضر والأحمر.
فقد انفضت اللعبة السابقة ولابد من تنجيد كراسي الملوك، واحياء الترميم وتدوير الهواء، ذلك هو ما يحدث، وعلى الجميع أن يسير وفق \”جهاز الريموت كونترول الدولي\”، المعارضة الى جنيف، لكن لاخلاص، فثمة أرضية مهترئة لابد من اعادة ترتيبها، واللاعب العراقي الى صعود شريطة استخدام كامل مخزون الرصاص في الجعبة، واستخدام المسدس الكاتم لقتل الأخ، وإيران الى الأمام دون سموم نووية، وإسرائيل الى الركود شريطة منح جزءا من الكعكة الى محمود عباس، واسدال الستار على ما يسمى \”حماس\”، وتركيا الى الحلحلة والإرتباك والدفع الى حافة الهاوية، فــ أما التعقل أو السقوط المدوي.
لا شيء سوى عُمان في خارطة الخليج فــهي الدولة التي ترى وتسمع ولا تتكلم، الدولة الشاهد أو ألمانيا الخليج، تتحكم بكل الأوراق دون فذلكة اعلام، لذا هي الثابت وكل ما عداها متغير، بدءا بالمشهد اليمني، وانتهاء بالمشهد الكويتي، الذي سيفاجأ فيما بعد بمارد أسمه البصرة، يتعداه بمسافات ضوئية، ولا يترك له سوى التمسح \”بثوب الأخ\”.
كل شيء قابل للتحول اليوم، أولها كسر ذراع المخابرات السعودية الخارجي وطي صفحة التدخل السري الى التنسيق المعلن مع الولايات المتحدة أو \”الشقيق الأكبر\”، وإلا ثمة العديد من الانقلابات والانقلابات المضادة، ومزيدا من صراع الأخوة.
وثمة الكثير من الشاشات مستعدة لنقل العرض القادم، لأن احتكار السر لم يعد مقبولا في الولايات المتحدة الأمريكية. أن تكون خانعا خيرا من أن تكون \”راع للإرهاب\”.. فــ الخنوع لا يفضي الى \”الفصل السابع\”، كل ما ستفعله أنك ستستطيع أن تمد رجليك دون أن تصطدم بأحد.
ياللمفارقة \”لا حظوظ للسكاكين بالمزيد من الرقاب أذن\”. تلك هي المسألة، طي الكتاب/ ونسيان فذلكات \”أبو هريرة\” والعودة الى النقطة الهادئة التي في الوسط تماما.فهل ترضى الرياض بــ \”نسيان الرجل الأسمر الذي في الرياض، والرجل المتأتأ الذي يجوب العالم، لصالح بعض من أولاد العم؟ ربما، ويقال هذا ما يجري، حيث تم ايداع السيد بندر مشفى أمريكي، والهمس بأذن سعود الفيصل أن يهدأ، وتولى جيلا آخر ملفات \”سوريا ولبنان والعراق\” جيل يدرك تماما أن تلك الملفات مجرد ديكور، إذ لا يجوز التلاعب بــ \”كلمة السر\” مطلقا، خوفا من انفجار الملف بــ \”كونترول إيراني/ روسي/ عراقي\”.
هي إذن لعبة معقدة تماما، لعبة تبدأ بتسريب عن \”انشاء قوات دولية لمكافحة الإرهاب\” يتبعها \”إعلان المالكي الرغبة في هذا\”، لــتستأنف في \”طلب الاستخبارات المشتركة بضرورة تناغم الجيشين \”العراقي والسوري\” وربما يمتد الأمر \”الى الجيش اللبناني\” و \”الجيش الأردني\” الذي سيجد بعد شهرين نفسه مضطرا لمواجهة \”استشراس الخلايا النائمة ويقظتها\”. كل هذا لا يعني \”غياب التنسيق اليوم بين هذه الفصائل كلها لأن المعلومات تشي بأكثر من تنسيق وبــ فصائل مقاتلة تقاتل بطريقة \”المعركة الخاطفة\” أو العملية \”الخاطفة\” لعلاج بعض الجيوب التي يصعب علاجها على هذه الجيوش، ويقال إن ثمة معارك تمهيدية تنشأ هنا وهناك، تمهيدا للقوة الدولية لمكافحة الأرهاب التي بدأ التفاهم عليها يتصاعد ويتواتر، حيث يجري انتقاء بعض المجاميع المحترفة للقيام بالأعمال القذرة، وصولا الى تشكيل جيش معلن، ولا استبعد أن يستفيد العالم من بعض المقاتلين التائبين، من الفصيلين السني والشيعي، ليندمجوا تحت راية أممية واحدة لقتال الارهاب في سوريا والعراق ولبنان، وصولا الى أفريقيا، حيث سيتركز الثقل الخليجي في العراق \”مركز القيادة الجديد\” وثقل حوض المتوسط في \”دمشق\” بــ اعتبارها \”مركز القيادة الجديد\”.
ولا شأن لأحد بــ \”الرئيس الأسد\” لأن الأوراق التي حاولوا بعثرتها بين يديه \”عادت وألتئمت مرة أخرى\”، لتنتهي اليه، ما الدور القادم للملكة العربية السعودية أذن؟.
وهل يعقل أن تستبعد المملكة من هذه اللعبة \”تقول المعلومات\”، إن استعادة الأوراق من الرياض قد بدأت، وأن ما تحاوله الرياض من \”إعدام مبرمج للوثائق\” لن يفيدها في مرافعة أثبات البراءة، لأن ما يحصل في سوريا كان مشهدا عابثا، ذهبت فيه المملكة الى أقاصي المغامرة وعادت بـ \”خفي داعش\”.
أذن لابد من احترام الحليف العجوز \”وتركه يموت بهدوء لإعادة ترتيب المملكة، شريطة أن يستطيع الأمريكان \”ضبط الإيقاع المتنامي في البيت السعودي\” وهو أمر يقول أحد الخبراء \”أنه يبدو في بعض الأحيان عصيا على الضبط\”، لذا ستؤجل القرارات الحاسمة الى ما بعد آيار ربما، وفي هذه الفاصلة، سيراقب العالم عن كثب الأحصنة المتسابقة على العرش ليلتقط الرابح، ويطوقه بشروطه الكثيرة.
وفي هذا الوقت على \”العراق\” أن يحرز تقدما كبيرا، وعلى سوريا أن تتمدد على الأمن، وعلى لبنان أحتواء العاصفة بمؤتمرات الوفاق، لكن الأمر لا يخلو من لاعب متفجر سيحاول اللعب في أحد الجوانب، وفي هذا الأمر سيختفي النجوم، ليظهر البدلاء، سلفيون ومتعصبون مدنيون، وحركات احتجاج وتخوين. معركة حامية الوطيس تنتهي الى اسدال الستار على الماضي، البقاء فيها فقط للمزيد من \”البراغماتية\” ومفاجآت التحول من \”اليسار الى اليمين وبالعكس\”. فـــ بخروج ماجد الماجد، بدأت مرحلة بالتكشف، سترافقها بعض الانجازات الأمنية، وستكون المفاجأة حرف \”المليارات السعودية الثلاث\” عن مسارها التي أريد لها \”حركة التفاف ذكية من أجل تمرير الأسلحة الى \”المسلحين السوريين\”.
كيف يحدث هذا؟ من راقب كيفية برمجة الأمر سيدرك أن السعودية لا تهدف الى تسليح جيش لبنان، بل اتخاذه غطاء لتمرير الأسلحة من الجانب الصديق الى الجانب الحليف. ولا بأس بـ\”خسارة بعض المليارات من أجل كسب الحرب في سوريا\”.
ما هي خفايا هذا الأمر وكيف سيحدث تابعونا في مقال آخر….