توالى نشر المعلومات الأمنية الخطيرة في اليومين الماضيين، ليضع علامة استفهام كبيرة حول الجهة التي تقف وراء مثل تلك التسريبات التي تثير الرعب لدى المواطنين، فبعد يوم واحد من اتهام المجلس الأعلى لحزب الدعوة جناح المالكي بالوقوف وراء شائعة مخطط لاغتيال رئيس الوزراء وقادة التحالف الوطني، جاء دور التيار الصدري ليؤكد الاتهام، ويعزوه الى التغطية على الفشل الأمني.
في حين، نفى ائتلاف دولة القانون ذلك، مستشهدا بنشر معلومات مشابهة أمس، باستهداف محافظة البصرة، من قبل محافظها التابع للمجلس الأعلى، وليس من حزب الدعوة، مبديا استغرابه من إطلاق مثل تلك المعلومات بصورة مجانية.
فيما فسر محلل سياسي تلك الشائعات بأنها تأتي لمصلحة الحكومة، والتغطية على فشلها في ملفي الأمن والخدمات، واعتبر إثارتها من قبل المجلس الأعلى وأطراف أخرى قريبة من طهران، انطلاقا من توجهات إيران بضرورة دعم الحكومة الحالية بأي طريقة، حتى لو تضمنت إخافة المواطنين من خطر خارجي، قد يسكتهم عن حقوقهم المشروعة.
وفي اتصال مع \”العالم الجديد\” أمس الأربعاء، قال حسين الشريفي، النائب عن كتلة الأحرار، إن \”رئيس الحكومة يحاول التغطية على فشله في الملف الأمني من خلال تهويل الأمور وتعقيدها إلى الشكل الذي وصلت إليه العملية السياسية\”.
وأضاف الشريفي أن \”الحديث عن مخططات وغزوات للقاعدة ومؤامرات خارجية أمر مبالغ فيه، حيث أن من العجيب أن تصور الحكومة، العراق بأنه خائف من قطر أو غيرها من البلدان، ولا أدري كيف يمكن لرئيس الحكومة اظهار العراق ضعيفا خائفا بهذا الشكل، إذ كان عليه أن يلتفت إلى داخل البلاد، والإمساك بالملف الأمني بشكل جيد\”، لافتا إلى أن \”أي بلد في العالم قد يواجه مخاطر خارجية، لكنه يتمكن من السيطرة عليها بضبط أمنه الداخلي\”.
وكشف ماجد النصراوي، محافظ البصرة أمس الأربعاء، في مؤتمر صحفي تابعته \”العالم الجديد\”، عن وجود \”معلومات\” استخباراتية تفيد \”باستهداف\” البصرة عبر مخطط يسمى \”الغزوة\”، من قبل بعض الدول \”الخارجية\” التي لم يسمها.
وتسبب تقرير بثته وكالة إيرانية حول وجود عملية تستهدف قيادات في حزب الدعوة جناح المالكي، والمجلس الأعلى الإسلامي، بأزمة بين الحزبين، وصلت الى حد تحميل رئيس الوزراء مسؤولية أي محاولة للمساس بعمار الحكيم رئيس المجلس، حسبما أفاد به مصدر مقرب من التحالف الوطني لـ\”العالم الجديد\”، مؤكدا أن من قام ببث هذه المعلومات، هو حسن السنيد، القيادي في ائتلاف دولة القانون.
وأكد النائب عن التيار الصدري، أن \”الحكومة غير متزنة، وتتخبط في قراراتها وإجراءاتها، إلى الحد الذي تهمل فيه معلومات استخبارية حقيقية قبل اقتحام سجني التاجي وأبو غريب، تحتوي تفاصيل دقيقة لأعداد المهاجمين وتوقيتات العملية، إلا أنها لم تبال بأهمية هذا المعلومات الاستخبارية الحقيقية، في حين تلتفت وتهتم بمعلومات مبالغ فيها\”، مشيرا إلى أن \”الحكومة وصلت إلى حد كبير من الضعف والفشل لتحمل التيار الصدري وجيش المهدي مسؤولية هروب السجناء\”.
من جانبه، اعتبر علي الشلاه، القيادي في ائتلاف دولة القانون، أن \”تسريب هكذا معلومات أمنية ما هو إلا مبالغات، المراد منها بث الخوف في نفوس المواطنين، ورفع الروح المعنوية لفلول القاعدة والبعث\”.
وأضاف الشلاه في حديث مع \”العالم الجديد\” أمس، أن \”تنظيم القاعدة عاجز عن القيام بهكذا مخططات، أو أن يطيح بالعملية السياسية، أو الاستيلاء على مؤسسات تابعة للدولة، فهو يتعرض الآن لملاحقة القوات الأمنية التي حطمت بنيته التحتية، وقتلت الكثير من مقاتليه واعتلقت المئات منهم\”.
وحول القول بأن ائتلاف دولة القانون يقف وراء تسريب هكذا معلومات، نفى الشلاه أن \”يقوم دولة القانون بتسريب هكذا معلومات أو الكشف عنها، وخاصة أن الحديث عن غزوة البصرة صدر عن محافظ البصرة الذي ينتمي لكتلة أخرى غير دولة القانون، فيما لم يصدر أي تصريح من أي عضو منا بخصوص هكذا أمر\”، مبديا استغرابه من أن \”يقوم مسؤولون أمنيون بتسريب معلومات تخص الأمن الوطني بهذا الشكل، لأن أي مسؤول يطّلع بحكم عمله على معلومات غاية في السرية والأهمية، ويقوم بطرحها بهذا الشكل المجاني، لا يمكن أن يكون واقعيا\”.
وعلق فوزي عبد الرحيم، الكاتب والمحلل السياسي، بأن \”تصريح محافظ البصرة الذي هو من كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، حول وجود خطر أو غزوة ستتعرض لها البصرة، ما هو إلا تناغم مع ائتلاف دولة القانون\”.
وأوضح عبد الرحيم، في اتصال مع \”العالم الجديد\” أمس، أن \”الحديث عن مؤامرات ومخططات كبيرة تستفيد منه الحكومة لخلق نوع من الوضع العام الذي يتطلب السكوت على مطالب تعجز الحكومة عن تنفيذها، كملف الأمن والخدمات\”.
ولفت الكاتب والمحلل السياسي، إلى أن \”المجلس الأعلى من الكتل القريبة من إيران وتفهم توجه السياسة الإيرانية، والمصلحة الإيرانية في الوقت الحالي، هي تدعيم حكومة المالكي\”، مبينا أن \”المجلس لا يستطيع الخروج على الأولويات الإيرانية\”.
وأشار عبد الرحيم، إلى أن \”الحكومة تعاني من فشل كبير في هذين الملفين، لذا تسعى لتوجيه الأنظار إلى خطر خارجي مفترض، وإشعار الجماهير بأن هناك جهات تحاول إخراج الشيعة من الحكم\”، مستدركا \”هذا لا يعني عدم وجود دول إقليمية لها مصالح في العراق تسعى لحمايتها بشتى الطرق والأساليب\”.