يُظهر مسح مشترك لمنظمة الطفولة العالمية (اليونسيف) ووزارة التخطيط والتعاون الانمائي، في كانون الثاني 2012، ان عدد الاطفال في العراق يصل الى 16.6 مليون نسمة. لكن لا احصائية مؤكدة وموثقة عن عدد الاطفال الذين ازهقت ارواحهم في اعمال العنف المستعرة في البلاد منذ الغزو الاميركي.
وتؤكد منظمة دولية متخصصة برصد الحوادث التي تطال الاطفال في المناطق التي تشهد عنفاً مستمراً، أن 56% من الاطفال العراقيين مهملون. وقد يقتل منهم 1800 طفل بالمجمل مع انتهاء العام الحالي الذي شهد حوادث دموية بشكل متسارع منذ اذار الماضي.
وتبيّن \”warchild\” وهي شبكة أممية عابرة للبلدان في تقرير اطلعت عليه \”العالم الجديد\” باللغة الانكليزية ان \”أطفال العراق يشكلون نسبة 56% من عدد السكان الكلي، 40 % منهم تقل اعمارهم عن 14 سنة، ما يجعل العراق ثاني اصغر دولة كفئة عمرية في الشرق الاوسط\”. وتجد ان هذا العدد الكبير والذي يمثل اكثر من نصف السكان \”لم يمنح اهتماما كافيا في تلبية الاحتياجات الاساسية\”.
وطبقاً للمسح المشترك، ان 39.8% من سكان العراق هم دون سن 15 عاماً، فيما يمثل عدد الاطفال دون سن الخامسة نحو 14.6%.
فيما تجد منظمة \”Iraq Body Count\” ومقرها بريطانيا، المعنية باحصاء قتلى العراق جراء ما تسميها بـ\”المهمة النبيلة للولايات المتحدة\” ان \”معدلات العنف لا تزال مرتفعة في العراق، إذ يقتل كل عام بين أربعة وخمسة آلاف شخص، وهو ما يعادل تقريبا عدد الجنود الأجانب الذي قتلوا في العراق منذ 2003 وحتى الانسحاب والذي بلغ أربعة آلاف و804 جنديا.
مؤشر المنظمة ذاتها المعروض على واجهة الموقع الذي يمثل \”ثلاجة موتى\” اليكترونية يعج بأسماء الضحايا العراقيين وملابسات مقتلهم. يفيد بمقتل نحو 126.144 الف عراقي لغاية الثامن من تموز الماضي منذ العام 2003، غير انه زاد ما يقارب 1900 شخص فقط خلال الشهرين المنصرمين. لكن ارقام هذه المنظمة الممولة من تبرعات ومنح مستقلة، لا ينظر اليها بكثير من الاعتراف، لكنها متداولة لكونها المؤسسة الوحيدة ذات مصداقية عالية توفر ارقاماً تفصيلية عن القتلى العراقيين.
الثلاثاء الماضي قطعت دراسة دولية مشتركة مع بغداد، الشك في الارقام المتضاربة، وقدمت رقماً صافياً للاستهداف الدامي المستمر، اعدها جامعيون من الولايات المتحدة وكندا بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية، ونشرتها مجلة بلوس ميديسين الأميركية في احصائية مفصلة اطلعت عليها \”العالم الجديد\”، زعمت مقتل 461 ألف عراقي قضوا بأعمال العنف أو بنتائج الغزو الأميركي بين آذار 2003 ومنتصف العام 2011. أستندت على مسحين شملا مائة منطقة جغرافية عراقية.
وغالباً ما تتكتم السلطات العراقية على الارقام الحقيقية للخسائر البشرية جراء الهجمات المفخخة والاغتيالات، ولا تبدي تعاوناً شفافاً مع وسائل الاعلام المحلية او صناع الرأي العام. (غزوة مفخخة جديدة.. وسط تعتيم \”حكومي\” عن الاحصاءات الدقيقة).
وقدرت الدراسة عدد القتلى الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و60 عاما وقتلوا بين آذار 2003 وحزيران 2011 بنحو 376 ألفا. وأشارت إلى أن أعمال العنف والمعارك والاعتداءات والاغتيالات مسؤولة عن 70% من هذه الوفيات، فيما نُسب القسم الآخر من الوفيات إلى عوامل غير مباشرة للنزاع.
وأجرى الباحثون الجامعيون مسحين شملا 2000 منزل في 100 منطقة جغرافية بالعراق فقدروا مقتل 405 آلاف شخص بسبب الحرب و55 ألفا و800 نتيجة الهجرة والنزوح اللذين تليا الحرب الاهلية.
وتوضح الأرقام أن 35% من الوفيات جراء العنف المرتبط بالحرب كانت بسبب قوات التحالف و32% بسبب المليشيات، موضحة أن 63% من القتلى أصيبوا بطلقات نارية، فيما لقي 12% حتفهم نتيجة تفجير سيارات. وفي الحالات التي لم يكن فيها العنف السبب المباشرة للموت، جاءت المشاكل في القلب السبب الأكثر للوفيات نتيجة التراجع الخطير في النظام الصحي العراقي الذي تأثر كثيرا بسبب الغزو.
ولا يولي العراق اهتماماً يذكر بملف الطفولة. رغم كونه احد اكبر البلدان الفتية في العالم. ويصل معدل الولادات السنوي في البلاد الى مليون طفل. وتقول وزارة التخطيط والتعاون الانمائي على لسان وكيلها مهدي العلاق ان \”معدلات النمو السكاني في العراق في العقد الاخير لا تزال هي الاعلى في العالم بحدود 3 % سنويا بواقع مليون ولادة كل عام تقريبا\”. وفقاً لما نقلته عنه وكالة \”شفق نيوز\” المحلية.
الخطط الامنية للحكومة التي يتزعمها رئيس الوزراء اثبتت فشلها بمواجهة تمرد عنيف يقوده تنظيم القاعدة، في ظل غياب وساطات سياسية لانهاء العنف. وخلال عطلة عيد الاضحى واجه البغداديون مجدداً هجمة منتظمة بالمتفجرات المتنقلة (عيد بغداد: خوف التفجيرات يحاصر رغبة الاحتفال)، لكن اغلب الضحايا كانوا من الاطفال.
عند باب محلٍ لبيع مرطبات وآيس كريم، فجر مسلح سيارة مفخخة في ثالث يوم للعيد، (الخميس الماضي) عند المساء بتجمع لأطفال وصبية وشباب بمنطقة المشتل (شرقي العاصمة) مخلفاً مقتل وجرح نحو 35 شخصاً بينهم 10 الى 12 طفلاً، في اعنف هجمة تطال اطفالاً منذ الهجوم على مدرسة ابتدائية في قضاء تلعفر ذات الغالبية التركمانية.
ففي السابع من تشرين الاول الجاري، حدثت أول هجمة لما يمكن ان يكون \”حرب المدارس\”، حين طال اعتداء مدرسة ابتدائية بقرية شيعية تركمانية في قضاء تلعفر في مدينة الموصل الساخنة خاطفا أرواح 12 تلميذا، فيما القى حارس مدرسة في قضاء المدائن شرقي (بغداد) على امرأة تقوم بوضع عبوة ناسفة عند حائط مدرسة ابتدائية بعد يومين من الهجوم.
مرجعية اية الله العظمى علي السيستاني، والتي تعد اكبر مرجعية للمذهب الشيعي في العالم، استنكرت في خطبة الجمعة الماضية على لسان ممثلها في كربلاء، الشيخ عبد المهدي الكربلائي الهجوم على المدارس، مبيناً في الخطبة التي تابعتها \”العالم الجديد\”.. \”الان اخذوا يستهدفون الاطفال الابرياء في المدارس التي يعلم الجميع ان الغرض منها التربية والتعليم وايجاد جيل سليم متسلح بالعلم والمعرفة، ويغتالون الهيئات التعليمية والتدريسية لادخال الرعب والخوف في نفوس جميع العراقيين\”.
خلال الاشهر التسعة الماضية من العام 2013، سجل احصاء موثق لوزارة حقوق الانسان سقوط ثلث مجموع قتلى الاطفال في العامين الماضيين. وقتل خلال عامي 2011 و2012 نحو 254 طفلاً وجرح 1200 اخرين.
ويكشف المتحدث باسم الوزارة كامل أمين، في بيان صحفي اطلعت عليه \”العالم الجديد\” صدر في ايلول المنصرم، ان \”الضحايا الاطفال خلال العام 2011 بلغوا 96 قتيلا و320 جريحا، فيما بلغ عددهم في العام 2012 158 قتيلا ونحو 850 جريحا\”.
لكن منظمة \”اطفال الحروب\” تناقض الرقم المعلن من قبل وزارة حقوق الانسان بشأن عدد الاطفال القتلى والجرحى خلال العام 2012. وتقدم احصائية تؤكد مقتل حوالي 692 طفلا مع جرح اكثر من 1967.
وخلال شهر ايلول قتل 115 طفلاً وجرح نحو 486. وتتوقع منظمة \”اطفال الحروب\” ان يكون عددهم 1800 طفل بين قتيل وجريح في نهاية العام الحالي.
وتبين المنظمة في تقريرها الذي صدر في ايار الماضي أن \”الخوف الذي ينتاب العراقيين يزداد يوما بعد يوم، فالمواطن العراقي الاعتيادي يفكر مرة ومرتين قبل ممارسته لحق من حقوقه الاساسية\”، لافتة إلى أن \”العراقي يخشى الذهاب للعمل ويخشى من إرسال أولاده للمدرسة وحتى انه لا يشعر بالأمان وهو في بيته\”.
الارهاق النفسي بات واحدة من سمات العراقيين نتيجة حالة الهلع المستمرة والخوف من فقدان اطفالهم وابنائهم. (200 طبيب نفسي لـ6 ملايين مضطرب عراقي.. والعامان الماضيان سجلا 100 ألف إصابة سلوكية جديدة)، بينما تظهر دراسة دولية اجريت في العام 2010 بأن 3 ملايين طفل عراقي يعانون من درجات متفاوتة من أعراض الاكتئاب والاضطرابات النفسية.
بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة كشف في تقريره الدوري السنوي لمجلس الأمن للفترة من منتصف تشرين الثاني 2012 إلى 12 آذار 2013، ان البعثة الاممية في العراق سجلت في العام 2012 احتجاز أكثر من 302 من الأطفال بينهم 13 فتاة بتهمة (4 إرهاب)، لافتة إلى أن أكثر من خمسين طفلا قتلوا في أعمال عنف شهدتها البلاد في الفترة نفسها.
المنظمات الدولية اعتبرت وقوع ضحايا من الاطفال في العنف الدائر بالعراق بأنه \”عملٌ صادمٌ للانسانية\”.