يعتقد ذوو شاب بمنطقة اللطيفية الساخنة (التي تحد العاصمة بغداد من جنوبها لتتصل بشمال بابل)، انه ذهب ضحية لرصاص عناصر من الجيش اثناء عملية دهم في المنطقة التي تؤشر على انها حاضنة أساسية لمقاتلي \”الدولة الاسلامية في العراق والشام\”.
ويكشف النائب مظهر الجنابي وهو عضو في لجنة الامن والدفاع، في حديث مع \”العالم الجديد\” أن \”راعي غنم يبلغ من العمر 23 عاماً قتل من قبل قوة من الجيش العراقي في منطقة اللطيفية عند الساعة 5:30 مساء يوم (9 تشرين الثاني الجاري) ضمن حملة اعتقالات عشوائية\”.
ويبين الجنابي ان \”الراعي الشاب قتل بعد ان فرّ من امام القوة الامنية التي داهمت المنطقة، خوفاً منها دون ان يكون مطلوباً لها، فقامت القوة باطلاق النار عليه وجرحه\”.
ويشير الى أن \”القوة الامنية القت القبض على الراعي من مقربة 200 متر وجرحته، ليرمى بعد ذلك على الارض جثة هامدة، وابلغ الضابط العسكري المسؤول عن مركز الشرطة في المنطقة بان القتيل ارهابي فرّ من الاعتقال، وقاموا بالباسه درعاً ضد الرصاص\”.
ويؤكد الجنابي أن المصدر الذي ابلغه بالتفاصيل \”عنصر أمني في مركز شرطة اللطيفية\”.
وترى منظمات دولية، ان قوات الامن العراقية ترتكب انتهاكات خفية لحقوق الانسان. وتجد ان هذه الممارسات تؤشر ضعف التركيز في مكافحة تلك الانتهاكات في ظل سعي الحكومة الى منح الجهاز الامني ثقة أكبر، غير ان كتلاً ومسؤولين حكوميين يؤكدون ان تلك الانتهاكات زادت عن حدها مع اطلاق يد العناصر الامنيين داخل المدن بصلاحيات واسعة لمواجهة \”الجماعات المسلحة\” و\”الارهابيين\”.
ويبلغ عديد القوات الامنية العراقية 733 ألفاً و517 عنصرا، يتوزعون على 15 محافظة، وفقاً لإحصاءات المفوضية العليا للانتخابات في العراق في التصويت الخاص. غير ان العديد الامني لم يمنع تدهور الامن الى مستويات خطيرة منذ اذار الماضي.
وتجد البعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، ان قوات الأمن العراقية بحاجة الى تأهيل في مجال حقوق الانسان.
وقال الممثل الأممي نيكولاي ميلادينوف في حديث صحفي نقلته وكالة الانباء الفرنسية، السبت الماضي، ان \”القوات الأمنية العراقية بحاجة لإعادة تدريب ضخمة في مجال حقوق الإنسان لتتمكن من إدارة عملياتها العسكرية بنحو أفضل\”.
ولفت ميلادينوف الى ان \”هناك ثقافة معينة لدى القوات المسلحة العراقية في طريقة أدائها لبعض الأمور، تحتاج إلى تغيير، من خلال إيلاء احترام أكثر لحقوق الإنسان\”.
وبيّن ان \”صنوف القوات الأمنية كافة تحتاج إلى الكثير من إعادة التدريب بشأن كيفية احترام حقوق الإنسان، ومراعاة المقاييس الدولية في هذا الجانب عند تنفيذها العمليات التي تكلف بها\”.
وأكد رئيس (يونامي) على ضرورة \”تحقيق استثمار كبير في تنفيذ حكم القانون وحقوق الإنسان عبر السلطة القضائية\”، لافتاً إلى أن ذلك \”ينبغي أن يتحقق أيضاً ضمن قوات الشرطة والجيش\”.
من جهته، يبدي نائب رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية، اسكندر وتوت (مستقل)، في حديث مع \”العالم الجديد\” امتعاضه مما ادلى به ميلادينوف، مبيناً ان \”هناك بعض الاصوات التي تتابع ملف حقوق الانسان فيما يخص عمل الاجهزة الامنية، ولا تتابع حقوق ضحايا الارهاب، وما يخلفه من تضحيات جسيمة في أرواح العراقيين وممتلكاتهم، هذه حجة استغلت من بعض الاطراف (لم يسمها)\”.
وشدد وتوت على ضرورة ان \”نفرق بين الجرائم التي ترتكبها الجماعات الارهابية وبين الاخطاء التي تقع فيها الاجهزة الامنية، يجب ان لا نرحم الارهابيين\”.
إلا أن نائب رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية، يستدرك قائلا \”دائما ما نوصي الاجهزة الامنية باحترام حقوق الانسان، مهما كانت المهام والواجبات، والاعتقال والقاء القبض يجب ان يتم على اساس امر قضائي، وخلاف ذلك لا يجوز ولا نوافق على انتهاك حقوق الانسان من جهة الاجهزة الامنية\”.
وينبّه الى ان \”اي شكوى تصلنا الى اللجنة من اي طرف او دائرة او مواطن، نقوم بتشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على الحادث، وفي حال اثبات الانتهاك يتم نقل الشخص المسؤول لمحاسبته ومعاقبته\”.
وتلفت \”العالم الجديد\” الى أنها اتصلت بـ15 نائباً هم اعضاء لجنة حقوق الانسان النيابية أكثر من مرة، للوقوف على موقفها من تصريحات المسؤول الأممي، دون ان تتلقى رداً منهم.
النائب مظهر الجنابي، عضو اللجنة النيابية الامنية ذاتها، يتهم \”الاجهزة الامنية بارتكاب انتهاكات، ولاسيما في عمليات (ثأر الشهداء)\”.
ويؤشر الى ان \”قائد القوة البرية علي غيدان، خرج امام الاعلام، وقال نحن قتلنا 60 ارهابياً في حملة ثأر الشهداء في حزام بغداد، من الذي خول غيدان وقواته بقتل اناس بدون محاكمة\”.
ويتساءل الجنابي \”لماذا لا تكون هناك محاسبة لمثل هذه الأفعال، فقد أصبحت دماء الناس مباحة\”، لافتا \”فليعلموا ان محاكمة هولاء القادة الامنيين ستجري آجلاُ ام عاجلاً، فاهالي الدجيل حاكموا صدام حسين بعد مضي 30 عاماً، وكذلك حلبجة وغيرها من الجرائم\”.
وخلال سنين الاقتتال الطائفي كان المحيط الجنوبي لبغداد، عبارة عن مذبح دائم، فيما كانت منطقة اللطيفية الاخطر، مشكلة ما كان يعرف بمثلث الموت في حينها.
وتحاول الحكومة التي غالبا ما تنعت بـ\”الطائفية\” من قبل خصومها السنة المتشددين، حاولت منذ اشهر سابقة الى اعادة توطين عائلات شيعية في منطقة اللطيفية، وصل عددها الى 40 عائلة، وفقا لمعلومات خاصة بـ\”العالم الجديد\” لإحلال نوع من التوازن في المنطقة التي باتت مقفلة سُنيا بعد العام 2006 اثر التهجير الطائفي المتبادل، لذا برز نشاط ملحوظ في تلك المنطقة للمقاتلين \”السُنة\”.
ويقول النائب اسكندر وتوت لـ\”العالم الجديد\”، ان \”قيادة علميات بغداد حين اتخذت قراراً بشن عملية (ثأر الشهداء) في حزام بغداد، كان ذلك بسبب التفجيرات والاعمال الارهابية التي تنطلق من تلك المناطق، لذلك عندما تابعت القوات الامنية منطقة البحيرات في شمال التاجي، وجدت مئات العبوات الناسفة، فضلا عن التعدي والتجاوز على منظومة الكهرباء الوطنية، بالاضافة الى أبنية غير مجازة لايواء الارهابيين\”.