تعد مكتبة الكونغرس الأمريكية أقدم مبنى ثقافي في الولايات المتحدة، وأحد أهم الخزانات الثقافية في العالم، يضم 164 مليون مصنف بملايين الكتب والخرائط والمخطوطات وعمرها أكثر من 200 عام.
تم افتتاح هذا الصرح الثقافي والتاريخي الضخم في 28 نيسان أبريل من العام 1800 بعد أن أصدر الرئيس الأمريكي الراحل جون آدمز، قرارا نقل بموجبه مقر الحكومة أي الكونغرس من فيلادلفيا إلى واشنطن، وإنشاء مكتبة في المكان مخصصة لأعضاء الكونغرس فقط، يجدون فيها المراجع التي قد يحتاجونها في عملهم بميزانية بلغت آنذاك خمسة آلاف دولار أمريكي لتبقى المكتبة على حالها 14 عاما حتى أشعل فيها جنود بريطانيون حريقا كبيرا، فتبرع بعدها الرئيس الأمريكي المتقاعد جيفرسون، ليصلح ما أفسدته النار بمكتبته الخاصة فافتتحت المكتبة من جديد عام 1815، وهذه المرة أعلن عن افتتاحها تحت اسم المكتبة الوطنية، وبقيت كذلك حتى عام 1876 حين فتحت أبوابها لعامة الشعب الأمريكي لتكون بذلك أول مكتبة عامة في الولايات المتحدة، وكان فيها حينها ستة آلاف و487 كتابا لكنها تضاعفت تدريجيا بمعدل نمو يومي استثنائي بلغ 14 ألف قطعة.
ويقع هذا الصرح الثقافي العظيم في قلب مقر الكونغرس الأمريكي في الكابيتال هيل، وسط العاصمة واشنطن، بتصميم فخم يتضمن ثلاثة مبان ممتدة على 39 هكتارا ومرتبطة ببعضها تحت الأرض أولها جناح حمل اسم الرئيس أمريكا توماس جيفرسون والذي افتتح عام 1897 ويطلق عليه اسم مكتبة الكونغرس الرئيسية، وقد صمم وفق الطراز المعماري لعصر النهضة إلى شماله يقع جناح جون آدمز الرئيس الثاني للبلاد والذي تم افتتاحه عام 1938 وأخيرا المبنى الذي افتتح عام 1981 وسمي باسم الرئيس الأمريكي الرابع جيمس ماديسون، ويتميز هذا الصرح الثقافي المذهل بطراز معماري فريد إذ يصل ارتفاع جدرانها التي تغطيها رسومات فريدة إلى 16 مترا وتضم أرشيفا بنحو أكثر من 164 مليون مصنف تتوزع بين 38 مليون كتاب و70 مليون مخطوطة وثلاثة ملايين و600 ألف مليون شريط مسجل و14 مليون صورة وخمسة ملايين و500 ألف مليون خريطة وثمانية ملايين و100 ألف معزوفة موسيقية، إضافة إلى ملايين المواد التي لم يتم تصنيفها حتى الآن، ويصل عدد زوارها إلى 18 مليون سائح سنويا. أيضا تحتوي أرشيفا من الصور لشخصيات تاريخية بارزة ولطلاب ومعدات عسكرية وصروح تعليمية وصحية، كذلك فإن ثلاثة آلاف و200 موظف يقومون بخدمة المكتبة، ويبلغ متوسط رواتبهم 600 مليون دولار سنويا.
كنز ثقافي عربي
قسم الشرق الأوسط في مكتبة الكونغرس غني بالمخطوطات والكتب العربية والإسلامية مهمة، إذ يضم نحو 400 ألف كتاب، إضافة إلى 2000 مخطوطة يعود تاريخها إلى الفترة ما بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر الميلادي متنوعة بين الكتب الطبية والدينية والأدبية والفلسفية والعلمية كما تضم مخطوطات مهمة لابن سينا وكتب فلكية لعلماء عرب كبار مثل كتاب صور كواكب الثمانية والأربعين أيضا تمتلك المكتبة نسخة مترجمة من القرآن الكريم كان الرئيس الأمريكي الثالث توماس جيفرسون،
قد اشتراها عام 1765، ولم تخرج من أمريكا إلا لعرضها في معرض إكسبو دبي 2020. أيضا من الإرث التراثي الإسلامي بالمكتبة رقعة قرآنية مكتوبة بالخط الكوفي تعود للقرن الثامن الميلادي، إضافة إلى مخطوطة كتبت عليها قصيدة البردة المنظومة في مدح النبي محمد (ص)، وكتب علمية ودينية وأدبية وسياسية أخرى.
إن مكتبة الكونغرس، صرح ثقافي وتاريخي وحضاري ضخم، لم يكتف القائمون عليها بعرض الكتب والعلوم على رفوف المكتبة، بل يتم تباعا تحويل مقتنياتها إلى كتب إلكترونية كي تتاح لجميع طالبي العلم قراءتها.