مع قرب إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد، تتحول جدران العاصمة بغداد، الى موقع للتنافس بين المرشحين، من خلال تعليق اليافطات واللافتات الكبيرة والصغيرة، لكن أمانة العاصمة تعول على اتفاق مبرم مع المفوضية المستقلة العليا للانتخابات في الحد من التجاوز على الأماكن العامة والالتزام بمواقع محددة لوضع الملصقات، عبر فرض غرامات بحق المخالفين، إلا أن دوائر البلدية شكت من عدم قدرتها على ضبط الأحزاب الكبيرة والشخصيات المتنفذة لضوابط الدعاية.
وتقول مساعدة المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات نبراس أبو سودة في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك اتفاقية موقعة بين مفوضية الانتخابات وأمانة بغداد والبلديات في المحافظات، بشأن تخصيص أماكن يمنع فيها وضع الدعاية الانتخابية أو لصق الملصقات على الجدران العامة والكتابة عليها”.
وتضيف أبو سودة، أن “المرشح المخالف يتم إنذاره لازالة المخالفة خلال مدة معينة، وفي حال عدم إزالتها، فانها تزال من قبل الامانة ويستقطع مبلغ الازالة من مبلغ التأمينات الذي يودعه المرشح لدى المفوضية، وهو مليونا دينار”، موضحة أن “مبلغ التأمينات في حال خسارته يذهب الى خزينة الدولة، وفي حال فوز المرشح، يعاد له المبلغ مع استقطاع مبلغ الغرامات، وفيما لو تكررت المخالفة فان الغرامة تتم مضاعفتها”.
وحول قيمة الغرامات، توضح أن “الحد الأدنى للمخالفة هو مليون دينار (680 دولارا)، ويصل في بعض المخالفات الى 25 مليون دينار (17 ألف دولار)”.
لكن مساعدة المتحدثة باسم المفوضية لم تعلق على مقدار الغرامة المنصوص عليها، والتي لا يصل سعرها الى قيمة يافطة واحدة من يافطات المرشحين، ما يقلل من أثر تلك الغرامات في الحد من المخالفات المتوقعة.
وتتحول الجدران العامة والخاصة في كل انتخابات تشريعية، الى محل تنافس بين المرشحين لوضع ملصقاتهم الدعائية، إلا ان هذه الانتخابات المقبلة، وبعد اعتماد نظام الدوائر المتعددة، فان التنافس سيكون أشد، نظرا لتقسيم المناطق لدوائر انتخابية، ما يجعل كل منطقة مهمة، على عكس الانتخابات السابقة التي كان يهمل المرشحون فيها بعض المناطق النائية او غير المهمة لهم، نظرا للقومية او المذهب.
ويعمد المرشحون في العراق، الى استخدام كافة أنواع الدعاية، سواء من اليافطات الكبيرة جدا، والتي تصل ابعادها لاكثر من 3 امتار، وهذه غالبا ما تستخدمها الاحزاب الكبيرة والتقليدية، نظرا لتكلفتها المرتفعة، بالاضافة الى اليافطات الصغيرة نسبيا التي تعلق على أعمدة الإنارة في الطرق العامة والملصقات التي توضع على الجدران والاماكن العامة.
وحول هذا الأمر، يبين المسؤول في بلدية منطقة الأمين شرقي العاصمة بغداد، محمد الدراجي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اللجنة العليا للانتخابات بتنسيق مع امانة بغداد ومجلس الوزراء اصدرت تعليمات بالنسبة للمرشحين فيما يخص وضع الملصقات، بحيث يجب ان لا تكون في الحدائق او الجدران الخاصة بل تضع في اماكن مخصصة لها من قبل امانة بغداد”.
ويردف “لكننا نواجه مشكلة أن بعض هذه الدعايات هي تابعة لشخصيات متنفذة على مستوى وزراء ونواب حاليين، وهي بالأساس تخالف القوانين من حيث استغلالها لموارد الدولة وتجاوزهم على المال العام، ولا نستطيع التعامل معها”، مضيفا “بحسب التعليمات فان من يخالف أو يتجاوز قوانين الترويج، فانه يعاقب ويغرم بمبلغ مالي يحدد من قبل مفوضية الانتخابات”.
وبشأن رفع الملصقات واليافطات الدعائية بعد انتهاء الانتخابات، يوضح الدراجي، أن “مرحلة ما بعد الانتخابات، فان أمانة العاصمة هي من تتكفل بموضوع إزالة الملصقات واليافطات الدعائية”.
وفي ليلة الاقتراع بكل انتخابات، تكون أعمدة اليافطات الكبيرة من حصة باعة الخردة الجوالين، حيث يجمعون بعرباتهم الحديد المثبت لليافطات لغرض بيعه بالكيلوغرام، وعادة ما يبدأون عملهم بعد منتصف الليل، حيث يقلعون اليافطات ويأخذون الحديد منها، وذلك قبل بدأ كوادر امانة بغداد بإزالتها.
من جانبها، تبين المسؤولة في بلدية منطقة المنصور غربي العاصمة هدى كامل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مناطق الملصقات واليافطات يتم تحديدها من قبل البلديات وأمانة العاصمة، حيث يجب أن لا تكون حاجبة للرؤية او في اماكن خاصة، وفي حال ورود اي شكوى ضدها فاننا نتحرك فورا لإزالتها بتوجيه من امانة بغداد”.
وتلفت الى أنه “لا يجوز لأي مرشح استخدم الجدران الخاصة سواء بالمنازل او المباني الحكومية، وفي حال تم رصد مثل هذه الحالات فانه تتم ازالتها، ولكن موضوع الغرامات، فيتم من قبل الامانة بالتنسيق مع مفوضية الانتخابات”.
وسبق لـ”العالم الجديد” أن تناولت في تقرير سابق لها، مسألة تشوه جدران العاصمة بغداد، بالكتابات العشوائية، وغالبا ما تكون عبارة عن ذكريات للعشاق او ارقام اصحاب المهن او عبارات مسيئة، وقد كشفت بلديات العاصمة في حينها عن “عجزها” عن وقف هذه التجاوزات، وذلك نتيجة لمجهولية الاشخاص الذين يكتبون تلك العبارات، وأكدت أنها تعيد طلاء الاماكن العامة بشكل مستمر للتخلص من هذه الكتابات.
وفي مطلع تموز يوليو الماضي، أعلنت مفوضية الانتخابات عن المصادقة على قرعة مرشحي الانتخابات، وانطلاق الحملة الدعائية للمرشحين، من تاريخ المصادقة على القرعة ونشر اسماء المرشحين في الصحف الرسمية.
ويعد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين في هذا التوقيت، سابقة هي الأولى في الانتخابات التشريعية النيابية التي شهدها العراق سابقا، وغالبا ما تنحصر بمدة شهر واحد فقط، وهذا ما جرى في أغلب الانتخابات.