أصبحت ملابس وأغراض عبدالله جاهزة، وضع القمصان والسراويل السود في حقيبة السفر، بالإضافة إلى مصحفه الصغير الذي يلجأ إليه في أوقات الشدة، كما يقول.
عبد الله هو أحد الشبان المتحمسين للذهاب إلى سورية بهدف الدفاع عن مرقد السيدة زينب ابنة الإمام علي ابن ابي طالب، التي يهدد الجهاديون المنتمين إلى تنظيم القاعدة بهدم مرقدها بين الفينة والأخرى.
الكثير من أصدقاء عبدالله ذهبوا إلى سورية. حبل العقائد والفتاوى المحرضة على القتال من المذهبين الشيعي والسني تجرّهم إلى أكثر الأماكن خطورة في الشرق الأوسط الآن.
يقول عبد الله في حديثه مع \”العالم الجديد\”، إن الكثير من أصدقائه وصلوا دمشق وهم الآن يحملون السلاح في منطقة السيدة زينب خشية من تعرّض مرقدها إلى أي أعمال تخريبية مثلما تعرَّض مرقد الصحابي حجر بن عدي مطلع الشهر الماضي إلى النبش من قبل مجموعات سلفية، ويضيف أن \”الدفاع عن المراقد واجب مقدس\”.
ويبدي عبدالله خشيته من أن تتمدد أذرع تنظيم القاعدة لتصل إلى المراقد التي تعني للشيعة الكثير مثل، مراقد الإمام علي وابنيه الحسين والعباس في محافظتي كربلاء والنجف. ويؤكد أنه \”مستعد للموت حتى لا تصل القاعدة إلى هذه المراقد\”.
سيُرسل عبدالله إلى إيران ليتدرّب لأسابيع على حمل السلاح، وقتال الشوارع، وسيذهب بعدها إلى لبنان ليتكفّل مقاتلوا حزب الله اللبناني الذين يقاتلون إلى جانب قوات النظام في سورية، بإيصاله إلى رفاقه في دمشق.
يقول علي دحيم (وهذا ليس اسمه الحقيقي)، والذي يتكفّل بإيصال الشباب المستعدين للقتال في سورية إلى إيران، إنه \”يقوم بواجب شرعي\”، ويشير لـ\”العالم الجديد\”، أن \”عملية النقل من العراق إلى ايران ليست صعبة، إذ ان المقاتلين يسافرون إلى إيران بطريقة عادية كسياح\”.
لكن الصعوبة التي تقف أمام علي هي البحث عن المقاتلين الذين يودون الذهاب للقتال، وهم على قناعة كاملة بما هم مقبلين عليه.
الميليشيات المسلحة المدعومة من شخصيات سياسية عراقية، تساعد علي بالعثور على الشبان المستعدين للقتال في سورية. حيث يقوم هؤلاء بتجنيدهم استعداداً لانطلاق شرارة الحرب الطائفية في البلاد.
ليس هناك مواصفات محددة للمقاتلين، لكن الشرط الأساس، كما يذكر علي هو، أن يكون مؤمناً بالقتال دفاعاً عن المراقد وعن المذهب، وأن لا يتسلل إليه الخوف في حال تعرَّض الموقع الذي سيكون فيه إلى قتال عنيف.
وبحسب علي، هناك نوعان من المقاتلين، أولهما أولئك الذين خاضوا معارك ضد قوات الاحتلال الأميركي إبان احتلال العراق، لاسيما الذين خاضوا معركة النجف الشرسة مع ميليشيا جيش المهدي العام 2005، وهؤلاء يذهبون من العراق إلى سورية مباشرة من دون الذهاب إلى إيران للتدريب لأنهم متمرسين على حرب الشوارع وحمل السلاح، وثانيهما أولئك الشباب العقائديين الذين لم يحملوا سلاحاً من قبل لمواجهة \”أي خطر يتهدّد المذهب\” ما يجعلهم بحاجة إلى تدريب.
لا يخاف عبدالله الموت في سورية، فهو متأكد أن جنازته ستحظى بتشييع كبير في بغداد، وسيحضرها مسؤولون وقياديون في الميلشيات، كما أن عائلته ستحصل على تعويض جراء شجاعته في دفاعه عن \”المذهب الشيعي وعن مراقد الأئمة والصحابة\”، فضلاً عن ضمانه لدخول \”الجنة الموعودة\”.
ويتعهد علي للشبان المقاتلين بإعادة جثامينهم إلى العراق في حال سقطوا هناك، ويلفت الى أنه طالما أُعيدت جثامين لشهداء عن طريق طائرات الخطوط الجوية العراقية على وجه التحديد، أو عن طريق البر.
ويصعب تصوير أي مجلس عزاء للمقاتلين الذين قضوا في سورية، إذ يمنع الأهل وقيادات الميليشيات التصوير، وسيكون العقاب عسيراً فيما لو حاول أحد تصوير مجالس العزاء بشكلٍ خفي، بحسب ما يقول علي، معللاً ذلك بالقول إن \”المجالس تحضرها قيادات سياسية وعسكرية كبيرة الأمر الذي يهدد سلامتهم في المستقبل\”.