شهدت بغداد، ليلة اليوم الجمعة، توترا أمنيا أجبر رئيس الحكومة على التصريح بـ”مستعدون للمواجهة الحاسمة”، وذلك عقب قيام حركة عصائب أهل الحق بتحشيد قواتها استعدادا لمواجهة إحدى الأجهزة الأمنية بهدف إطلاق سراح أحد قادتها العسكريين المعتقل منذ ايام.
وبدأت الأحداث بحدود الساعة الثامنة من مساء الجمعة، حيث روجت وسائل إعلام تابعة لـ”فصائل المقاومة”، بيانات ومنشورات يظهر فيها عناصر يرتدون اللثام ويتوعدون رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والأجهزة الأمنية بـ”رد قاس” وانهم يستعدون للهجوم على المنطقة الخضراء.
توالت الأحداث بصورة سريعة، وانتشرت العديد من الصور والفيديوات (دون التأكد من صحتها) تشير الى انتشار قوات تابعة لحركة عصائب اهل الحق في جانب الرصافة بالعاصمة بغداد، في خطوة تصعيدية وللضغط على الحكومة لإطلاق سراح القيادي المعتقل.
مصادر كشفت لـ”العالم الجديد” أن “أحد الأجهزة الاستخبارية، القى القبض قبل ايام على القيادي العسكري في الحركة، حسام الإزيرجاوي، على خلفية الهجوم الصاروخي الأخير على المنطقة الخضراء”.
وبينت المصادر أن “التحقيقات أفضت الى تورطه بإطلاق الصواريخ، وان الأجهزة الأمنية أتمت كافة الإجراءات لإحالته على القضاء”، وتأتي هذه المعلومات بعد إعلان الكاظمي في 21 كانون الاول ديسمبر الجاري، اعتقال مجموعة من المتورطين بإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء، وهو ما أكده وزير الداخلية عثمان الغانمي في بيان منفصل لاحقا.
وسائل التواصل التابعة للفصائل المسلحة والحسابات الداعمة لها، أطلقت حملة كبيرة للترويج عن هجوم وشيك على المنطقة الخضراء، ودعوا المنتمين للحركة على الاستعداد، وبهذا الوقت، تم تسريب برقية عسكرية سرية تفيد بنية مجموعة من “المجاميع الخارجة عن القانون” بإطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء هذه الليلة او الايام المقبلة.
وبالتزامن مع هذه الوثيقة، حصلت “العالم الجديد” على برقية أخرى، صادرة عن مديرية الاستخبارات التابعة لوزارة الداخلية، تفيد بنية مجموعة من حركة عصائب اهل الحق، التجمع والتوجه الى مقر وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في منطقة الكرادة وسط العاصمة، وذلك عبر استعانتهم بقوة من مقر اللواء في معسكر التاجي ويحملون اسلحة ثقيلة ومتوسطة، بهدف إطلاق سراح احد افراد الحركة، الذي اعتقل من مدينة الصدر.
خلال هذا اللغط، والشائعات التي رافقته، نشر الكاظمي تغريدة قال فيها “أمن العراق أمانة في أعناقنا، لن نخضع لمغامرات أو اجتهادات، عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون، طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية اخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”.
مصدر مطلع، كشف لـ”العالم الجديد” أن “التهدئة تمت مع حركة العصائب، بعد تدخل مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، ومسؤول خلية الصقور الاستخبارية ابو علي البصري”، موضحا أن “الأعرجي تواصل مع زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وتم التوصل لاتفاق”.
وينوه الى ان “الاتفاق تمثل بنقل المعتقل يوم الاحد المقبل، الى مديرية أمن الحشد الشعبي، لتتبنى المديرية بعد ذلك أمره”، ملمحا الى ان “الاتفاق اشتمل على إطلاق سراحه من قبل مديرية أمن الحشد”.
قادة حركة العصائب السياسيون والأمنيون، اكتفوا بالصمت طيلة الساعات الماضية، رغم نشر بعض الكلام، نقلا عنهم يحث على الاستعداد للهجوم والانتشار في الشوارع، إلا انهم نفوه جملة وتفصيلا، حتى نشروا تغريدات في وقت متاخر، تنفي نزول أي قوة تابعة للحركة في شوارع الرصافة وأنهم مع “الدولة والقانون”.
إذ قال القيادي في الحركة جواد الطليباوي في تغريدة بصفحته الشخصية بموقع تويتر إن “أي محاولةٍ ثانية للإساءةِ للحشد الشعبي، وفصائل المقاومة هي محاولةٌ أميركيةٌ قطعاً وستبوءُ بالفشل كما فشلت المحاولة الأولى، لكننا سَنُغلِّبُ صوتَ العقل والحكمة ما دام ذلك ممكناً وإلا فنحنُ لها”.
ليتبعه بعد ذلك النائب نعيم العبودي، في تغريدة قال فيها “نرفض الاتهامات الواضحة والمضمرة عبر التصعيد في الخطاب، أو نشر مقاطع مصورة مجهولة المصدر، وقد كنا ومازلنا نؤكد على تطبيق القانون وحفظ هيبة الدولة، لذا لن ننجر إلى الفتنة، بل ندعو إلى التحقيق الحيادي الذي يحقق العدالة، كما ندعو الجميع للالتزام بالقانون والحكمة”.