كان محمد يحاول إقناع شرطي مرور بأن سيارته بلا ستائر، لكن الشرطي الذي كان قد وقّع وصل الغرامة لم تثنه محاولات محمد وهو يحاول أن يجفف جبهته بكُم قميصه تحت شمس بغداد الحارقة.
محمد، شاب في منتصف العقد الثاني من عمره، يمتلك سيارة تحمل لوحة أرقام فحص مؤقت \”منيفيست\”، يقول لـ\”العالم الجديد\”، أمس الاثنين، \”لم يجد شرطي المرور ما يستحق أن يفرض عليه الغرامة، ومع ذلك قام بتغريمي على مخالفة لم ارتكبها\”، مشيرا إلى أنه \”لولا اقتراب شرطي مرور آخر لقمت بحل الموضوع بشكل ودّي\”.
ويبين محمد أن \”الاعتراض غير مجدٍ، فقد يتطور الأمر إلى أن يقوم بحجز السيارة لعدة أيام مع غرامة فورية\”.
ويلفت إلى أنه \”بالإمكان دفع نصف مبلغ الغرامة للشرطي قبل كتابة الوصل وينتهي الأمر\”.
ويشير إلى أنه \”ليس في هذا المكان فقط يتم فرض غرامات قسرية، بل ان في ساحة الخلاني أيضا يتم التعامل بطريقة فرض المخالفات بشكل غير مقنع\”.
في حين، يؤكد مواطنون لـ\”العالم الجديد\”، أن \”سر الزحام الذي تعاني منه ساحة عدن إحدى أهم ساحات الكاظمية، هو تغاضي رجال المرور عن وقوف سيارات الكيا لانزال الركاب وصعود غيرهم عند مفترق الطرق في الساحة\”.
فيما يبين آخرون أن \”جباية الغرامات تكثر إما قبل فترة الغداء أو عند المساء\”، حيث يتداول بعض رجال المرور مفردات من قبيل \”خلّي نطلع غدانا\”، أو \”شوفلنا واحد يعيشنا\”، في إشارة إلى إيقاف بعض السيارات لتبدأ المساومة ليدفع السائق ما يجنبه دفع غرامة كاملة\”.
ويوضحون أن \”المبالغ التي يقوم شرطي المرور بأخذها من السائق بعد المساومة تتراوح ما بين 5000 – 25 ألف دينار\”.
ويبدو أن هذا ليس المورد الوحيد لبعض العاملين في المرور للابتزاز، فبحسب معقب للمعاملات أن \”هناك معاملات تحويل سنويات السيارات عند بيع أو شراء سيارة جديدة، أو تبديل الأرقام من منفيست إلى لوحات دائمية أو ما يعرف بالرقم الالماني\”.
ويضيف المعقب الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ\”العالم الجديد\” أمس، أن \”المواطن يتعرض إلى عمليات ابتزاز من خلال تأخير معاملته أو افتعال بعض الفقرات التي يطالب بجلبها مما يضطره لدفع ما يعرف بـ(دهن السير) لتمشية المعاملات\”، مبينا أن \”هذا الأمر ليس في دوائر المرور فقط، بل في العديد من دوائر الدولة\”.
من جانبها، قالت هيئة النزاهة في بيان تلقت \”العالم الجديد\”، أمس الاثنين، إن \”معقباً من هيئة النزاهة ضبط حالة تعاطي رشوة اثناء مشاركته مع فريق من دائرة الوقاية بعملية رصد مستوى تعاطي الرشوة خلال شهر آب الماضي في دائرة مرور الكاظمية\”.
وأضاف البيان ان \”احد موظفيها المشاركين في توزيع استمارات رصد معدلات الرشوة على مراجعي دائرة مرور الكاظمية لاحظ ان احد المعقبين دس في داخل شهادة جنسية واحد من أصحاب المعاملات مبلغاً من المال وسلم المعاملة الى الموظف المختص فقام بضبطه في الجرم المشهود\”.
وأوضح ان \”الموظف المرتشي حاول التملص من الجريمة بافلات المبلغ من المعاملة والزعم بكذب الادعاء عليه من قبل موظف هيئة النزاهة لعدم وجود من يؤيد الواقعة حيث لم تكن هناك عملية ضبط مسبقة وبأمر قضائي\”.
وأشار إلى ان \”لجنة مكتب مفتش عام وزارة الداخلية في الدائرة تولت حال ابلاغها بالواقعة عملية التحقيق الأصولي مع الموظف الذي اقر بتسلمه الرشوة بحضور فريق هيئة النزاهة\”.
وتابع البيان الى ان \”الفريق ثبت جملة من الملاحظات السلبية عن واقع اداء دائرة مرور الكاظمية والذي يفضي إلى اضطرار المواطنين لتقديم الرشا إلى الموظفين بهدف تسريع ترويج معاملاتهم حيث وجد المراقبون زحاماً شديداً على جميع شبابيك تسليم المعاملات وانعدام الخدمات للمراجعين الذين احتشدوا بطوابير طويلة تحت أشعة الشمس.
ولفت فريق التقصي الانتباه إلى ان \”منتسبي الدائرة خالفوا التعليمات بعدم تعليق باجات التعريف الخاصة بالموظفين وان المعاملات تدار بحاسبة واحدة حيث ذكرت الدائرة ان الحاسبة الأخرى عاطلة\”.
إلى ذلك، أكد العميد نجم عبد جابر، مدير الاعلام والعلاقات في مديرية المرور العامة، أن \”بعض ضعاف النفوس من العاملين في دوائر المرور يقومون بأخذ رشاوى أو يبتزون المواطنين الأمر الذي يؤدي إلى أخذ نظرة سيئة على جهاز المرور بأكمله وتضييع جهود الرجال ووقوفهم تحت الشمس اللاهبة أو في البرد القارس فضلا عن تضحيات الكثير من رجال المرور في عمليات إرهابية استهدفتهم\”.
وأضاف جابر في اتصال مع \”العالم الجديد\” أمس، أننا \”نشد على أيدي الجهات الرقابية التي تراقب وتلقي القبض على من يقوم بابتزاز المواطنين\”، لافتا إلى أن \”هذه الإجراءات يجب أن تتوفر فيها الأدلة اللازمة للإيقاع بالمخالفين\”.
وبين مدير الاعلام والعلاقات في مديرية المرور العامة، أن \”المواطن ايضا يتحمل جانبا من المسؤولية، حيث يجب عليه ابلاغ الجهات المعنية في حال تعرض للابتزاز من قبل بعض شرطة المرور\”، لافتا إلى أن \”هناك أرقاما ساخنة لايصال الشكاوى\”.