يوما بعد آخر تنكشف خيوط جديدة بقضية وفاة المهندس بشير خالد، في السابع من نيسان أبريل الجاري، نتيجة تعرضه لتعذيب قاسٍ أثناء احتجازه في أحد مراكز الشرطة ببغداد.
ففي تطور جديد، كشفت اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في حادثة وفاة المهندس بشير خالد، اليوم الثلاثاء، أن ما تعرض له الضحية يمثل “جريمة قتل بصورة المساهمة الجنائية”، مشيرة إلى إهمال الجهات الأمنية.
وقال النائب محمد الخفاجي، عضو اللجنة التحقيقية، في مؤتمر صحفي تابعته “العالم الجديد، إن “اللجنة أنهت أعمالها في 12 نيسان/أبريل 2025 بعد أن باشرت التحقيق منذ السابع من الشهر ذاته، بناءً على الأمر النيابي المرقم (63)، إلا أن البرلمان لم يتمكن من قراءة التقرير داخل قبة مجلس النواب بسبب رفع جلستي أمس واليوم، رغم أهمية وخطورة مضامين التقرير الذي يقع في 13 صفحة”.
ووفقًا لما توصلت إليه اللجنة، فإن “الضحية تعرض لثلاثة اعتداءات متتالية، الأول في شقة اللواء عباس علي محمد، والثاني داخل القاعة رقم (6) في سجن الكرخ المركزي ليلة 30 آذارمارس، أما الثالث فكان هو الأعنف ووقع صباح اليوم التالي داخل نفس القاعة، حيث أفقده وعيه وأدى لاحقًا إلى وفاته في مستشفى الكرخ بتاريخ 7 نيسان”.
وأشار التقرير إلى أن “سلوك عدد من الجهات الأمنية تميز بالإهمال أو المجاملة، إذ تبين أن مركز شرطة حطين لم يدون إفادة الضحية حول أسباب إصاباته الظاهرة عليه عند تسلمه من شرطة النجدة، كما لم يبق الضحية موقوفًا في المركز دون مبرر قانوني، لينقل إلى سجن الكرخ المركزي رغم إصاباته البليغة”.
وسجلت اللجنة خرقا وصفته بـ”الجسيم”، تمثل في قيام مفرزة الشرطة بإخراج الضحية من مستشفى اليرموك خلافا لتوصية الكادر الطبي المتخصص بالجملة العصبية، والذي أوصى ببقائه نظرا لوجود جرح نازف في الرأس.
وأشار التقرير إلى أن “ضابط خفر سجن الكرخ رفض بداية استلام الضحية مراعاة لوضعه الصحي، إلا أن نائب قائد شرطة الكرخ أصر على استلامه، وهو ما اعتُبر خرقا واضحا لحقوق الضحية”.
وأكدت اللجنة أن “قاعة الاحتجاز التي شهدت الاعتداء تخضع لرقابة فيديوية وعيانية مستمرة، ما يجعل من غير الممكن وقوع اعتداء دون علم الكادر الأمني، خصوصا مع ورود مناشدات من بعض النزلاء لإنقاذ الضحية، والتي لم يستجب لها”.
وأعلنت اللجنة التحقيقية الخاصة بمتابعة ملابسات وفاة المهندس بشير، في 12 نيسان أبريل الجاري، تفقد مستشفى اليرموك التعليمي، فيما كشفت ان طبيب الجملة العصبية أوصى في تقريره بإبقاء الحالة تحت المراقبة الطبية.
وانتشر مقطع فيديو أخير للمهندس بشير من داخل السجن لم يظهر الكيفية أو نوع الضربة التي أوصلته لـ”الموت السريري”، حيث ان الموت السريري هو “موت الدماغ”، وهذا لا يحصل الا بصدمة وضربة كبيرة وقوية جدًا وغالبا تحدث نتيجة الحوادث المرورية القوية، او اختراق الجمجمة بجسم صلب.
وجّه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، في 11 نيسان أبريل الجاري، بتشكيل لجان رئيسية وفرعية لتفتيش وتقييم عمل مراكز الشرطة في بغداد والمحافظات .
وحددت اللجنة التحقيقية حول قضية المهندس “بشير خالد”، في حينها، موعد التقرير النهائي للجنة التحقيقية وكشف المقصرين، خلال جلسة مجلس النواب القادمة”.
وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي قد وجّه، في 9 نيسان أبريل الجاري، لجنة الأمر النيابي رقم “63” باستضافة جميع القادة والضباط المعنيين بقضية وفاة المحتجز بشير خالد، كما أوعز للجنة بتقديم تقرير مفصل إلى رئاسة المجلس تمهيداً لاتخاذ القرارات المناسبة.
وفي وقت سابق، قرر وزير الداخلية عبد الأمير الشمري إعفاء مدير دائرة العلاقات والإعلام في الوزارة، اللواء خالد المحنا، من منصبه، وقرر في المقابل تكليف العميد مقداد ميري بإدارة الدائرة وتولي مهمة الناطق الرسمي باسم الوزارة، حيث جاء هذا الأثر قضية المهندس المغدور، بحسب مصادر مطلعة.
وبحسب تصريحات وزارة الداخلية والجهات المختصة، فإن التحقيقات بقضية وفاة المهندس بشير خالد ما زالت مستمرة لمعرفة ملابساتها وحيثياتها، فيما يقبع عدد من المتهمين بالقضية في السجون على ذمة التحقيق بضمنهم اللواء في الشرطة الاتحادية الذي كان طرف شجار مع المهندس الراحل في مجمع الأيادي في جانب الكرخ ببغداد، وحرس مركز شرطة حطّين الذي تم توقف خالد فيه لأكثر من ليلة وتعرض بعدها لفقدان وعي نتيجة تعرضه لضرب مبرح بحسب التحقيقات في القضية التي ما زالت بعض خيوطها غامضة.
وتصدر اسم المهندس بشير خالد لطيف منصات التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر تعرضه للاعتداء داخل مركز شرطة حطين ببغداد، ومن ثم تحويله إلى السجن المركزي التابع لوزارة الداخلية.
وأثارت الحادثة ضجة كبيرة بين العراقيين الذين طالبوا بالكشف عن ملابساتها، خصوصًا بعد وفاة المهندس نتيجة تعذيب قاسٍ.
تفاصيل الحادثة جاءت في بيان وزارة الداخلية في 30 آذار مارس الماضي الذي قال إن “شرطة النجدة تلقت بلاغًا عن وجود مشاجرة في مجمع الأيادي السكني بمنطقة العامرية في بغداد”.
وأشار البيان إلى أن “المهندس بشير خالد تسلل عبر السياج إلى شقة مدير الرواتب والأمور المالية التابع لقيادة الشرطة الاتحادية، حيث وقعت المشاجرة”.
بعدها تم توقيفه ونقله إلى السجن حيث تعرض للاعتداء أثناء مشاجرة مع بعض الموقوفين، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية ودخوله المستشفى.
وأصدرت وزارة الداخلية فيديو قالت إنه “يُظهر لأول مرة تفاصيل المشاجرة، مؤكدة أن بشير تعرض للضرب المبرح داخل المعتقل”.
ولكن الفيديو أثار شكوكًا واسعة بين العراقيين الذين طالبوا بالكشف عن هوية الأشخاص الذين ظهروا في المقطع وهم يعذبون المهندس بشير خالد.
كما أن مقطع فيديو اخر مسرب للضحية خلال تواجده بالتوقيف في مركز الشرطة وقبل نقله الى السجن المركزي، لم تنشره وزارة الداخلية ولم تقدم تفسيرا له، حيث يظهر فيها الضحية بشير وهو يحاول منع شخص مدني يحمل “هراوة او قضيب معدني” من الدخول اليه في قفص التوقيف، ويقول له بالعبارة: “اخي انت مو شرطي”.
وتتزايد الدعوات من مختلف الجهات الحقوقية والمدنية لإجراء تحقيق عاجل وضمان عدم الإفلات من العقاب، في ظل تصاعد المخاوف من تكرار مثل هذه الانتهاكات ضد المواطنين الأبرياء.