منذ عشرات السنين تئن كركوك وشقيقاتها من المدن والبلدات الكردستانية تحت سقم التعريب الفاشي والتغيير الديموغرافي المقيت سواء للبعث أو من شاكله في العقيدة والسلوك، حتى شوهوا شكل هذه المدن وأساءوا لأهلها حتى من غير الكرد، واستقدموا إليها من عرفوا بعرب العشرة آلاف دينار وقطعة ارض مستقطعة من جلد المدينة وأهلها، يقابل كل واحد من هؤلاء المستقدمين ترحيل وتهجير وتغييب العشرات من العوائل الكردية التي شتتوها في جنوب ووسط وصحراوات العراق إلا من هاجر منهم إلى بلاد الغربة.
مدن من أجمل مدن العراق من سنجار وزمار والشيخان ومخمور وكركوك وخانقين ومندلي وغيرها، عاثوا فيها فسادا ودمارا طيلة أربعين عاما، مقترفين أكثر الجرائم قسوة بحق سكانها الأصليين، حتى سقط نظام البعث فتحررت معظمها، ولكي يثبت الكرد مدى إنسانيتهم وحضارتهم قبلوا صيغا قانونية ودستورية لإعادة تلك المدن المستقطعة من كردستان سواء في المادة 58 من قانون إدارة الدولة، أو في المادة 140 من الدستور الدائم لاحقا، وبعد ما يقرب من عشر سنوات من سقوط نظام صدام حسين حافظت مؤسسات الإقليم وبيشمركته على الأمن والسلم الاجتماعيين في كل المدن والبلدات المستقطعة من كردستان التي تم تحريرها، في الوقت الذي كانت كل مدن العراق وبلداته تحت نير الإرهاب والفوضى حتى يومنا هذا.
لقد اجتاحت عدة مئات من المسلحين والإرهابيين مدن كبيرة مثل الموصل وتكريت، وانهارت فيها ست فرق عسكرية خلال اقل من ثلاثة أيام، تاركة وراءها مئات الدبابات والدروع والمدافع والطائرات، وهربت لتترك سكانها يواجهون مصيرهم هناك. حاولت تلك المجاميع الاندفاع والتقرب من كركوك أيضا وسرعان ما انهارت ما تسمى بقوات دجلة وهربت من كل نقاطها ومراكزها التي يفترض أن تدافع منها عن المدينة وسكانها، فتدخلت قوات البيشمركة لتضع النقاط على الحروف وترسم خط الأمن والسلام للعرب قبل الكرد وللتركمان والآشوريين والكلدان والأرمن قبل أهالي كركوك الآخرين، وتحمي مدينتهم من مذابح مذهبية أو عرقية محتملة.
ورغم كل ذلك وما جرى من هزائم مخزية لقوات القائد العام للقوات المسلحة وإدارتهم السياسية والإعلامية، تخرج أبواق السيد المالكي لتتحدث عن سيطرة البيشمركة على كركوك، لتغطي غشاوة العنصرية عيونهم عن الموصل وتكريت والفلوجة والقائم وراوة وعنه وكل البلدات التي اجتاحتها مجاميع المسلحين والإرهابيين، وتفضح (النايبة) عن دولة القانون وعضو حزب الدعوة دورها ودور من يوجهها التخريبي طيلة عشر سنوات لإعاقة تطبيق المادة 140 من الدستور الدائم.**
إن كركوك ملك لمن حماها وحافظ عليها وأمن سكانها وصان شرفها دونما تفرقة بينهم، ففي الوقت الذي حمت قوات البيشمركة كركوك وغيرها من المدن هربتم انتم وتركتم حتى ملابسكم العسكرية، ولا يحق لكم أن تتحدثوا بكلمة واحدة عن أي قرية أو بقعة من كل العراق، لأنكم لا تمتلكون شرف الدفاع عنها وسجلتم واحدة من أخزى مواقفكم عبر التاريخ، وليس لكم غير البكاء مثل الثكالى على وطن لستم جديرين بالدفاع عنه، فنحن الذين حمينا كركوك وشقيقاتها في الوقت الذي احتاجتكم هربتم بجلودكم وتركتم أهاليها لمصيرهم!
* كفاح محمود كريم: كاتب وصحفي عراقي
** رابط اعتراف حزب الدعوة بدوره المعيق لتطبيق الدستور في كركوك (الكاتب)