يقف النحات مخذولا في كثير من الأحيان في وطني، في معركة بناء الوطن وبناء المدن وتزويدها بعملاقية نتاج أزميله كي يشمخ تمثالا في مدينته، مدينة البصرة .. أيصح أن يسافر النحات خالد المبارك بين الحين والحين ليذكر مديرية الموانئ بنصبها التاريخي المنجز كي يبنيه لهم في واجهة الميناء الخالد .. ميناء المعقل أو “الماركيل” ؟؟!!
حين تمر في شوارع موسكو سوف تتعب رقبتك وهي ترنو لأعلى مستوى من قاعدة لتمثال رائد الفضاء الأول في روسيا “يوري كاكارين”!!
وحين طلب من النحات العراقي المبدع خالد المبارك، أن يصمم، فأدى، ونفذ ونحت نصباً يرمز لمدينة البصرة لكي يشمخ أمام البناية التاريخية لمديرية الموانئ العراقية، فقد سهر الليالي وإستدعى المخيلة وفكر في مواد المنحوتة التي ستبقى خالدة على مر الزمن، لا تهزها الرياح ولا العواصف، وتصبح إشارة خالدة لمدينته التي ولد فيها والتي شع منها إبداعه، وأمتزجت ثقافته بثقافة إبن الهيثم كي تشمخ عطاءاً تمتزج فيه قيمة النحت الإبداعية، بقيمة الرسم المنحوت جدارياً، ليؤمها الزائرون، ولتمنح ذلك الموقع التاريخي أهمية على أهميته الخالدة يوم إزدهرت البصرة بالوافدين وبالتجارة النظيفة ويالثقافة الأصيلة، وحين ذكرت البصرة في تقرير الأمم المتحدة في سمو أخلاقها كعينة من الأخلاق العراقية وكعينة من مدن عراقية كانت تتنافس نحو الأسمى، قبل العراق عضواً في الأمم المتحدة .. والبصرة هي العينة العراقية.
ما يحيرنا أن النصب ومنذ العام 2017 وأجزاؤه التي لا تحتاج سوى أن ترتفع في مقدمة مديرية الموانئ، وننصف النحات المبدع الذي نفذ تفاصيل المنحوته لتشكل بأجزائها سمة البصرة المتمثلة في مؤانئها، بصمات خالد المبارك. وهذه البصمات لم تكن متأسسة على تكوينات منحوتة ونصب بصرة الخير فحسب، فله بصمات في قاعات محاكم البصرة، حيث المبتلون بالدعاوى يجلسون اليوم، وهم ينسون مشكلاتهم حين تأخذهم جداريات خالد المبارك في المحكمة، إلى عوالمها وتتسم المحاكم وصالات إنتظارها بالهدوء تشغلهم وتأنسهم مفردات جداريات صالات المحاكم وهي تجسد جداريات نصب العدالة .. كان ذلك بوعي وإدراك قاضي المحكمة عادل عبد الرزاق الذي أدرك ربما للمرة الأولى أن يكون للوعي الثقافي مكانة تشع هدوءاً في نفوس المنتظرين.
السيد وزير النقل، السيد محافظ البصرة، والسيد مدير المؤانئ، مدعوون لدعوة النحات خالد المبارك الذي أنجز عمله المضني وهو مركون في مشغله يعاني منذ فترة، في أن يتسلموا منه ما كلفوه به، ويحتفلوا به وبعطائه المتجدد وهو يكمل بناء النصب ويغطية بالستارة البيضاء التقليدية لأزاحتها بأيدي المسؤولين وبحضورهم .. ولنعيد بناء المدينة الخالدة المعطائه، مدينة البصرة بأيدي مبدعي أبنائها.