صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

نفوق أسماك البصرة.. الزراعة والموارد المائية تعالجان قطع إيران لـ”الكارون”

مع ارتفاع درجات الحرارة واستمرار قطع روافدها من الجانب الايراني، تشهد محافظة البصرة نفوق أعداد كبيرة من الأسماك، ما ألقى بالمسؤولية على عاتق وزارتين لتدارك الموقف، فقد أطلقت وزارة الزراعة “أصبعيات” من الأسماك لتعويض النافقة منها، فيما عملت وزارة الموارد المائية على زيادة الإطلاقات المائية لخفض اللسان الملحي، لكنها ألقت باللائمة

مع ارتفاع درجات الحرارة واستمرار قطع روافدها من الجانب الايراني، تشهد محافظة البصرة نفوق أعداد كبيرة من الأسماك، ما ألقى بالمسؤولية على عاتق وزارتين لتدارك الموقف، فقد أطلقت وزارة الزراعة “أصبعيات” من الأسماك لتعويض النافقة منها، فيما عملت وزارة الموارد المائية على زيادة الإطلاقات المائية لخفض اللسان الملحي، لكنها ألقت باللائمة على إغلاق نهر الكارون الايراني كونه “خارج إرادتها”.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نفوق الأسماك الذي حصل في محافظة البصرة سببه ارتفاع مناسيب اللسان الملحي واندفاعه من البحر إلى شط العرب، وبالتالي اثر سلبا على الاسماك”.

ويضيف النايف “لا توجد أمراض، بل النفوق سببه الاملاح ونقص المياه، اما إجراءات الوزارة فقد طالبنا وزارة الموارد المائية بزيادة الاطلاقات للحفاظ على الثروة السمكية والمائية”، مبينا “لا يوجد تهديد لان الاسماك اغلبها صغيرة ولم تصل إلى مرحلة النضج”.

ويتابع أن “هناك اعتقاد ان أي شيء يؤثر على الثروة السمكية سواء كان مرضا او جفافا او اصابات، فهو يؤثر على كمية الاسماك، لكننا نقوم بمقابل ذلك نقوم باطلاق آلاف الاصبعيات يوميا لتعويض هذه الاسماك”، مضيفا “لا توجد إحصائية لعدد الاسماك التي نفقت نتيجة اللسان الملحي كونها تكون في البحار، ولكنها تتركز فقط في منطقة الزبير”.

وكان عدد من مزارعي الاسماك بناحية السيبة جنوب يالبصرة، سجلوا قبل ايام، نفوق كميات كبيرة من الاسماك باكثر من 25 بحيرة بسبب ارتفاع اللسان الملحي، فيما اشاروا بحسب تصريحات صحفية الى خسارتهم اكثر من 50 مليون دينار، موزعة بين شراء الأعلاف والاصبعيات.

وكشف مختصون يوم امس الاول، ان قراءة نسبة الملوحة بالأنهر المغذية للأحواض تجاوزت (18 الف T.D.S)، وهي نسبة مميتة ومن المستحيل ان تتم الزراعة فيها، حسب كلامهم.

وفي 5 تموز يوليو الماضي، كانت مقاطع فيديو انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في أهوار محافظة ذي قار، وذلك بالتزامن مع الحديث عن الجفاف وانخفاض مناسيب الانهر في العراق، بسبب قلة الاطلاقات من تركيا، فضلا عن قطع ايران لمنابع الانهر الواصلة للعراق ايضا.

الى ذلك، يبين المتحدث باسم وزارة الموارد المائية عون ذياب في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحديث عن نفوق الاسماك في البصرة مبالغ فيه”.

ويوضح ذياب، أن “اسباب النفوق التي حديث، هي نتيجة صعود اللسان الملحي من البحر الى شط العرب، اضافة الى مياه المجاري، ما أدى إلى هلاك الاسماك النهرية هناك”، متابعا ان “استمرار ضخ مياه نهر الكارون هو موضوع خارج عن إرادة العراق، فهو من ضمن ارادة ايران، فاذا استمرت في ضخ مياهه إلى العراق فبالتأكيد سوف يتم التخلص من اللسان الملحي”.

ويبين “طالبنا في أكثر من مذكرة عن طريق وزارة الخارجية بعدم قطع نهر الكارون، لكن هذا الامر يعود إلى ايران”، مبينا ان “إجراءات الوزارة في معالجة اللسان الملحي، تتمثل بزيادة اطلاقات المياه من قلعة صالح او قناة البدعة، وقد ظهرت بعض المؤشرات الايجابية، حيث نشهد نقص للاملاح في منطقة شط العرب وتم التركيز ايضا على مصادر المياه العذبة في منطقة القناة الاروائية التي تاخذ من مياه شمال البصرة للفاو”.    

وتم تغيير مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر الأراضي الزراعية في محافظة البصرة.

وفي 10 تموز يوليو الماضي، كان وزير الموارد المائية مهدي رشيد، هدد باللجوء إلى المؤسسات الدولية لاستحصال حقوق العراق المائية من إيران، مؤكدا ان الجانب الإيراني لم يبد أي تجاوب معنا ومازال يقطع المياه عن أنهر وجداول سيروان والكارون والكرخة والوند، ما سبب أضرارا جسيمة لسكان ديالى التي تعتمد بشكل مباشر على المياه القادمة من إيران، منتقدا رفض إيران عقد اجتماع كان مقررا في منتصف حزيران يونيو الماضي، وأجل بسبب الانتخابات الإيرانية.

من جانبه، يوضح المختص بالثروة السمكية في محافظة البصرة علاء البدران في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “نفوق الاسماك الحاصل في فصل الصيف وبأيام محددة، هو بسبب ايام سكون الرياح او (الشرجي) كما هو معروف بالتسمية المحلية فالمياه تستحصل على الأوكسجين من عاملين مهمين وهما ارتفاع منسوب المياه وحركة الرياح”.

ويلفت الى ان “المياه العذبة لا تتاثر بهذين العاملين، ولكن المالحة تكون كثافتها عالية وحركتها تصبح محدودة كونها تكون متلاصقة ما يمنع تبادل الاوكسجين مع الهواء، وهذا يولد مشاكل أخرى في المياه حيث اول من تموت هي النباتات التي ستسهلك كل الأوكسجين الموجود ومن ثم الاسماك تختنق، وهذا لا يشمل الاسماك فقط بل البرمائيات والضفادع اضافة الى السلاحف”.

ويردف “في شط العرب، فان المواقع مرتفعة الملوحة، وعند دخول مياه البحر عليها، تتسبب بعمي الاسماك ومشاكل أخرى، وبذلك تمتنع الاسماك عن الاكل والحركة وهذا يعني ان مياه البحر لا تلائم الاسماك النهرية ولا يمكنها العيش فيها”.

يشار الى ان مدير قسم الاسماك بمديرية زراعة البصرة شاكر عبدالرزاق، كشف في أواخر العام الماضي لـ”العالم الجديد”، أن البصرة فيها 44 حوضا للأسماك، لكن ما يعمل منها هو ثلاثة أحواض فقط، كما أن الأقفاص يبلغ عددها 384 قفصا سمكيا ولم يتبق منها سوى 15 قفصا فقط، بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمزارعين نتيجة لارتفاع المد الملحي خلال السنوات الماضية.

ويعد المد الملحي، سببا رئيسيا لتدمير الزراعة والثروة المائية في البصرة، وخاصة بعد ارتفاعه خلال الاعوام الماضية نتيجة لقلة الإطلاقات المائية، ما فسح المجال أمام مياه البحر بالوصول الى مزارع البصرة بكل صنوفها، الحيوانية والذائية وبما فيها التمور.

وكشف الشريفي في وقتها، عن نفوق بعض الأسماك النهرية الموجودة حديثاً في الأنهر الفرعية في ناحية البحار والتي جاءت من الإطلاقات المائية السابقة المتواترة باتجاه أنهر الناحية، داعيا إلى إيجاد حلول ناجعة للحفاظ على الثروة السمكية النهرية والأراضي الزراعية.

إقرأ أيضا