صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

هل أغلق الإطار التنسيقي ملف تعديل قانون الانتخابات في العراق؟

يبدو أن القوى الشيعية قد اتفقت على غلق ملف تعديل قانون الانتخابات، تحت يافطة (ضيق الوقت)، في ظل التحديات الداخلية والإقليمية التي تواجه البلاد.

إذ أكدت اللجنة القانونية البرلمانية، اليوم الأحد، أنه لا يوجد أي توجه سياسي حقيقي لتعديل قانون انتخابات مجلس النواب خلال المرحلة المقبلة.

ومنذ أشهر عدة تبنى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ومقربون منه حراكاً لتعديل قانون الانتخابات المفترض إجراؤها في العام الجاري 2025، إلا أن هذا الحراك لم يُقدم رسمياً حتى الآن للبرلمان، وبقي يدور داخل تحالف “الإطار التنسيقي”.

وقال عضو اللجنة، إبراهيم العنبكي، في تصريح تابعته “العالم الجديد”، أن “هذا الموضوع لم يطرح داخل اللجنة القانونية ولا في اجتماعات ائتلاف إدارة الدولة”، مشيرا إلى أن “رأي الأغلبية داخل اللجنة هو الإبقاء على القانون الحالي دون تعديل”.

وأضاف: “الانتخابات البرلمانية المقبلة ستجري في موعدها الدستوري المحدد بنهاية العام الحالي، ولا توجد أي رغبة في تأجيلها تحت أي ذريعة، سواء تم تعديل قانون الانتخابات أم لم يتم تعديله، حيث هناك توجه سياسي وحكومي بإجراء الانتخابات دون تأجيل”.

وكان زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، أكد في 14 آذار مارس الجاري، أنه لا يوجد وقت كافي لتعديل قانون الانتخابات، مبيناً أن “تاريخ الانتخابات لم يحدد حتى الآن، ونتوقع أن يتم تحديده هذه الأيام من قبل مفوضية الانتخابات والحكومة، فيما رجح إجراء الانتخابات إما في تشرين الأول أو تشرين الثاني المقبلين من العام الجاري.

وتوقع متابعون للشأن العراقي أن تؤدي المعركة بشأن تعديل القانون الانتخابي إلى “تعطيل عمل البرلمان ما من شأنه أن يؤثر سلبا على العملية السياسية بالإضافة إلى الإضرار بمصلحة العراقيين.

ولطالما أثار قانون الانتخابات في العراق جدلا واسعا في الساحة السياسية، فيما يتصاعد الخلاف بشأن تعديله أو الإبقاء عليه، فبعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، استعداداتها الفنية لإجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الأول أكتوبر 2025.

وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.

وأكد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، أوميد محمد، في 23 شباط فبراير الماضي، أن مسودة تعديل قانون الانتخابات لم تصل بعد إلى البرلمان، لكن هناك توجها لاعتماد نظام يخصص 20% من المقاعد للفائز الأعلى بغض النظر عن انتمائه الحزبي، مقابل 80% يتم توزيعها وفق “سانت ليغو”، وهو ما يعد سابقة لم تختبر سابقا. 

يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.

ودعا زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، مؤخرا، أنصاره إلى تحديث سجل الناخبين سواء دخلوا بالانتخابات أم قاطعوها من خلال إجابة على سؤال احدهم، وهو ما فسره كثيرون بأنه استعداد للعودة إلى المشاركة.

وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 10 شباط فبراير الماضي، استعداداتها الفنية لإجراء انتخابات مجلس النواب 2025، مشيرة إلى أن مراكز التسجيل في المحافظات تجري حالياً التسجيل البايومتري للناخبين لغرض إنجاح عملية انتخاب مجلس النواب 2025، والتي ستجري قبل مدة (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الحالية لمجلس النواب.

وكان أمين تيار الحكمة في ديالى، فرات التميمي، كشف في 18 كانون الثاني يناير الماضي، عن وجود ثلاث رؤى سياسية لتغيير القانون، مشيراً إلى أن “الأكثر ترجيحاً هو مقترح الدوائر الانتخابية لكونه يحد من استغلال السلطة في العملية الانتخابية ومن تأثير المال السياسي”.

وقدم النائب عامر عبد الجبار، مقترح قانون “الحوافز الانتخابية” موقعاً من عشرة نواب، إلى رئيس البرلمان، الذي وافق بدوره على المقترح وأحاله إلى اللجنة القانونية.

ونصّ مقترح القانون على أن يُمنح الموظفون من المدنيين والعسكريين المشاركون في التصويت كتاب شكر مع احتساب خدمة إضافية لمدة ستة أشهر، أما المواطنون الذين يشاركون في الانتخابات ويدلون بأصواتهم فستُمنح لهم الأولوية في التعيين ضمن الوظائف الحكومية.

ويشمل المقترح منح كل مُصوّت من المشمولين بالالتزامات الضريبية من العاملين في القطاع الخاص بمختلف القطاعات إعفاءً ضريبياً يصل إلى مليون دينار عراقي للمشاركين في التصويت مما يخفف العبء المالي عليهم، وبالنسبة للمواطنين المشمولين بدفعات الضمان الاجتماعي المقدمة من وزارة العمل، فسيتم منحهم أولوية في إنجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارة.

وبالرغم من اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.

وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.

وشهد العراق بعد سنة 2003 خمسة انتخابات تشريعية، أولها في العام 2005، وآخرها في أكتوبر 2021، حيث اعتمدت كل الدورات الانتخابية قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة، وفق آلية “سانت ليغو” باختلاف فارق القاسم الانتخابي للأصوات بين 1.7 و1.9، وهي طريقة حساب رياضية تتبع في توزيع أصوات الناخبين، تجعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد والكيانات الناشئة والصغيرة، وهو ما يدفع تلك الكيانات إلى السعي للتجمع وتشكيل تحالفات كبيرة تضمن الفوز.

إقرأ أيضا