في ظل فوضى العنف التي تعم البلاد، وعدم تبني أية جهة مسؤولية قصف السفارة الامريكية وسط بغداد، وعدم معرفة الجهة التي تقف وراء الاحداث الدموية في الناصرية والبصرة، كشف مصدر سياسي رفيع، عن تعثر تنفيذ مخرجات اجتماع “قم” الايرانية الذي جرى بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وقيادات الفصائل المسلحة بسبب الخلاف حول من يشغل منصب رئيس الوزراء (خلفا للمستقيل عادل عبدالمهدي) ومنصب رئيس أركان الحشد، والية التعامل مع “الاعتصامات”، وملف التهديدات التي طالت رئيس الجمهورية برهم صالح بسبب لقائه الرئيس الامريكي دونالد ترامب على هامش مؤتمر دافوس في سويسرا.
ويقول المصدر وهو مقرب من المفاوضات السياسية في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “الاجتماع الذي عقد في قم الايرانية تمخض عن جملة قرارات مفادها العمل على توحيد فصائل الحشد الشعبي وتقوية الشراكة بين التحالفين الشيعيين النيابيين (سائرون) بقيادة مقتدى الصدر و(الفتح) بقيادة هادي العامري، إلا أن الجولة الثانية لاستكمال مقررات الاجتماع التي عقدت في العاصمة بغداد، انهارت بسبب إصرار الفتح على إبقاء عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء لحين الانتخابات المقبلة، وبهذا لم تتوصل الأطراف المجتمعة الى اتفاق شامل ينهي الأزمة القائمة والانسدادات بينهم”.
وما تزال المشاكل بين “التيار الصدري” و”حركة عصائب اهل الحق” بزعامة قيس الخزعلي، حاضرة بقوة في التفاصيل، بسبب ملفات عديدة بينها اتهامات متبادلة باعتداءات خلال موجة التظاهرات التي بدأت جولتها الثانية في ٢٥ تشرين الأول أكتوبر في مناطق جنوب ووسط العراق، بحسب المصدر.
ويضيف أن “مساعي هادي العامري زعيم منظمة بدر وحسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني ما تزال مستمرة لمحاولة إنهاء التوترات داخل القوى الشيعية بعد مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، إلا أنها ما تزال مترهلة في ظل إصرار الصدر على الكشف عن قتلة المتظاهرين وتقديمهم للعدالة”.
ويلفت المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، الى أن “اجتماع قم تضمن أيضا تهيئة مرشحين اثنين لرئاسة أركان هيئة الحشد الشعبي، وهو المنصب البديل لنائب رئيس الهيئة الذي كان يشغله أبو مهدي المهندس حتى اغتياله بغارة امريكية قرب مطار بغداد في الثالث من كانون الثاني يناير الحالي، لكن تحالف الفتح في مفاوضاته ببغداد يصر على تولي (أبو علي البصري)، قائد عمليات الحشد، ذلك المنصب، لقربه من إيران ولعلاقاته التاريخية مع الفصائل ولخبرته الطويلة، فضلا عن الكاريزما المشابهة للمهندس”، مشيرا الى أن “البصري يُتهم من قبل فصائل الحشد الموالية للمرجعية بتفتيت التشكيلات العسكرية التابعة للعتبات داخل هيئة الحشد الشعبي وأبزرها فرقة العباس القتالية، وتشكيل فصائل مسلحة تعزز من نفوذ الأجندة الايرانية”.
ويبين ان “الصدر يريد ان يسمي رئيس الوزراء وفق مواصفات تتناسب مع تطلعات المتظاهرين والمرجعية، فضلا عن دعم تفعيل الهيكلة الجديدة للحشد التي اقرها رئيس الوزراء بموجب مرسوم رئاسي الصيف الماضي، ويريد بذلك تعزيز نفوذه داخلها من خلال طرح اسم أبو دعاء العيساوي كمرشح منافس لرئاسة أركان الحشد في مرحلة ما بعد المهندس”، منوها الى “رفض ألوية العتبات الموالية للمرجعية الدينية في النجف، تنصيب أسماء متورطة بالفساد المالي والإداري، أو أن يكون مشكوكا ولاؤه لدولة أخرى”.
وشكل موقف الصدر الأخير المؤيد لرئيس الجمهورية برهم صالح خلال لقائه بنظيره الأمريكي دونالد ترامب، بمثابة قلب لطاولة اجتماع قم الايرانية، وذلك بسبب غضبه من التهديدات العلنية لفصائل معروفة للرئيس، مبينا أن “امتلاك التيار الصدري معلومات عن الجهات التي مارست العنف ضد المتظاهرين، شكل قلقا لدى بعض المتورطين، فحاولوا بأي شكل من الأشكال، تقديم تنازلات لإرضاء الصدر”.
ويشعر مسؤولون بمخاوف من تكليف رئيس وزراء بديل يفتح ملف استخدام العنف ضد المتظاهرين في ظل إقرار رئيس الجمهورية برهم صالح بمؤتمر دافوس خلال كلمته بوقوع ٦٠٠ قتيل من المتظاهرين منذ بداية تشرين الاول اكتوبر، مشيرا الى أن “هناك استعدادا كبيرا لمقاضاة كل الأطراف المتورطة في الجرائم التي طالت المتظاهرين، وأن العمل على هذا الملف سيكون متاحا بعد استبدال رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي”.
ويختم المصدر، قائلا إن “هناك معلومات متداولة امنية عن وجود نوايا من أطراف تحاول اثارة الفوضى في ساحات الاعتصام إلا أن الجيش ومساعدة من جهاز مكافحة الارهاب يعدون العدة لأخذ دور هام لحماية المتظاهرين”.