فوجئ كثير من المراقبين بحفاوة الاستقبال التي أقامها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستقبال ضيفه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حتى أنه اختتمها بعشاء على أنغام عراقية وتركية، لكن المفاجأة قد تزول إذا ما صدقت المعلومات التي كشف عنها مصدر سياسي رفيع بشأن الفائدة التي ستجنيها أنقرة وطهران جراء قرار حكومي بـ”تعويم الدينار”.
ويقول المصدر في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار تعويم العملة جاء بناء على رغبة ايرانية وتركية للسيطرة على السوق العراقي بعد تراجع عملتيهما المحليتين أمام الدولار بفعل العقوبات الامريكية”.
ويوضح أن “حكومة مصطفى الكاظمي وبالاتفاق مع كتل داخل البرلمان، قررت المضي بقرار تعويم الدينار كخطوة تبدو في ظاهرها معالجة لسد النقص الحاصل في الموازنة لتأمين رواتب الموظفين، وفي باطنها طرد البضائع غير التركية والايرانية من السوق العراقي، لارتباطها بسعر صرف الدولار”، مشيرا الى أن “الكاظمي قد اتفق مع ايران وتركيا على توريد بضائعهما بقيمة الدينار العراقي وهذا ما سيبقي على أسعار السلع الاستهلاكية التركية والايرانية ثابتا، في خطوة تهدف لاحتكار السوق العراقي”.
يذكر أن أسعار السلع والاحتياجات اليومية ارتفعت بصورة غير اعتيادية في أسواق البلاد جراء قرار حكومي بخفض صرف الدينار مقابل الدولار، مخلفة قلقا وخشية من خروج الأمور عن السيطرة ويكون المواطن فيها المتضرر الأول.
ويلفت المصدر الى أن “الكاظمي وافق على هذه الخطوة، ليضرب عصفورين بحجر واحد، فهو سيتمكن من تأمين العجز المالي لرواتب الموظفين الذي شكل أكبر تحد لحكومته، بالاضافة الى حصوله على ضمانات من الدولتين الجارتين المؤثرتين في صنع القرار السياسي داخل العراق، من أجل دعمه للبقاء في منصبه”، منبها الى أن “هذه الخطوة بدأت بعد فشل مساعيه في الحصول على مساعدة سعودية لسد العجز المالي الحاصل في الموازنة، إذ ربطت الرياض تلك المساعدة بشرط الاستثمار الداخلي، وهو ما لم يتحقق بسبب المعارضة التي أظهرتها أطراف سياسية صديقة لايران وتركيا”.
وينوه الى أن “هذا الأمر أدى الى تعطيل خطط الرياض في تنشيط منفذ عرعر الحدودي بين البلدين، كما أنه أوقف الخطط الفرنسية الطموحة في زيادة التبادل التجاري مع العراق والتي انتعشت آمالها بعد زيارات متبادلة بين أعلى المسؤولين في كلا البلدين، وهو ما اعتبر هدفا لتركيا في مرمى غريمتها فرنسا، الأمر الذي وجه ضربة تجارية الى كل من السعودية وفرنسا في العراق، وجعل من تركيا وايران المستفيدين الأكبر من خطوة تعويم الدينار، بسبب عدم تأثر بضائع الدولتين بارتفاع سعر الدولار، ما سيمهد لاجتياح السوق العراقي بشكل كامل”.
ويتابع المصدر أن “إقليم كردستان الذي يمر بأزمة مالية لا تقل سوءا عن بغداد، يشترك في هذه الخطة من خلال منافذه مع كل من ايران وتركيا، حيث جرت بعلم مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، وبرهم صالح رئيس الجمهورية، والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الحاكم في السليمانية، بما سيجعل هاتين المدينتين الشماليتين الى ممر لبضائع الدولتين وتوزيعها في كافة المحافظات، وبذلك ستحصلان على إيرادات مالية إضافية جراء زيادة الرسوم الجمركية”، مشيرا الى أن “الأمر سيوفر لهما موازنة كاملة بالاضافة الى تعزيز تأثيرهما في الساحة السياسية الداخلية”.
وتطمح كل من ايران وتركيا الى رفع التبادل التجاري مع العراق، ليصل الى 20 مليار دولار مع كل من الدولتين، وهو رقم كبير جدا بالنسبة لبلد نامٍ كالعراق لا يملك انتاجا محليا كبيرا سوى النفط الذي هوت اسعاره بسبب الكساد وانتشار جائحة كورونا.