هل خُدِعَ المالكي؟

ليس ضرباً من المستحيل أن تكسب تعاطف مجموعة كبيرة من الناس إذا ما ضربت على وتر مهم في حياتهم، وتر ضاغط، متعلق في العقل والقلب وانفاسهم.

وليس غريبا أن تندفع حشود من الناس حتى وإن كانوا من المثقفين والمحسوبين على النخبة العراقية نحو تأييد شبه مطلق لجيشهم ليخوض حربا للدفاع عنهم في مهمة تحظى بالاحترام كمقاتلة التنظيمات الإرهابية التي نغصت حياة العراقيين ما يقارب العقد من الزمن.

المؤيدون لهذه العملية كان اغلبهم لا ينظر لمن يجلس على مقعد القائد العام للقوات المسلحة، لأنهم يرون أن من واجب الجالس على هذا الكرسي أن يقوم بدوره في الدفاع عن العراق والعراقيين من أي خطر يستهدف حياتهم، فيما رأى أصدقاء وزملاء لنا ان الانتصار لا يتحقق بوجود شخص المالكي وأعلنوها هزيمة مبكرة.

كانت الاخبار التي تأتي من وادي حوران تثير البهجة حتى في نفوس المعترضين، ولكن شفاههم كانت تكتم ابتسامة رضا، وكان المؤيدون مطمئنون لأن العملية تجري في الصحراء ولا تمس أهل الانبار الذين لم يعترضوا على العملية العسكرية، إلا أن هذا النفس الجيد لم يستمر طويلا، ومشهد العملية العسكرية الناجحة اختتم بمشهد دموي لم يكن مستساغا لدي الكثيرين.

الدائرة السياسية المحيطة برئيس الوزراء، كانت تأمل أن يكون الاندفاع الشعبي ستارا لخطوات في التكتيك الانتخابي المبكر، ففي الوقت الذي تنشغل فيه القوات المسلحة بملاحقة الداعشيين والقاعديين، توجهت قوات سوات لتنفيذ مهمة كانت أشبه بحفر خندق عميق وراء القطعات العسكرية لتقطع عليهم طريقة العودة من الصحراء وتستفز الشارع الأنباري الذي شحنته تصريحات رئيس الوزراء المتشددة حيال ساحات الاعتصام في المحافظة.

نفذت عملية اعتقال النائب العلواني والتي قيل إنها تمت لارتكابه جرما مشهودا مما يتيح اعتقاله دون انتظار رفع الحصانة البرلمانية عنه، إلا أن هذا الجرم المشهود قد اختفى حين ساومت الحكومة محافظة الانبار بفض ساحات الاعتصام مقابل إطلاق سراح العلواني.

إن الخطوات الارتجالية تفضي إلى الإذعان بأمور لا يمكن أن تقبل من شخص بمفرده فكيف بحكومة ورئيسها، هذه الخطوات غير المحسوبة اضاعت همة القوات المسلحة التي قاتلت القاعدة وداعش في حوران ولاحقتهم في اخاديد الصحراء، ووضعت جهودهم التي بذلت في قضية حقيقية وحقّة في لعبة سياسية أفسدت علاقة هذا الجيش بأبناء محافظة كاملة.

اعتقد أن أهل الانبار يمتلكون من الحكمة التي تجعلهم لا يرفضون تطبيق القانون ضد أي شخص مهما كان منصبه، إلا أن السيناريو الدموي الذي نفذت فيه العملية كان كافيا لإبداء التعاطف مع العلواني حتى من قبل خصومه في المحافظة، في حين أن من أشار باعتقال العلواني ذهبت حكمته بسبب نشوة التأييد الشعبي للعملية العسكرية ضد داعش والقاعدة، ظنا منه أن التأييد كان لشخص المالكي الذي حاول اللعب بورقة كرهنا للقاعدة وداعش.
وكما في مرات سابقة، وكما صرّح المالكي منذ مدة قصيرة أنه تعرض للخديعة من قبل معاونيه، فليس بعيدا أن يعيد ما قاله ويخبرنا أنه تعرض للخديعة! 
 

إقرأ أيضا