صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

هل دخل العراق على خط التصعيد في اليمن؟

تتصاعد المخاوف في العراق من انعكاس التصعيد العسكري الذي تشنه واشنطن ضد جماعة الحوثيين في اليمن، على البلاد في ظل تنفيذ واشنطن سياسة الضغط القصوى على إيران وإنهاء تأثير حلفائها ووكلائها في الشرق الأوسط الجديد.

فبعد تقرير مجلة فورين بوليسي الأمريكية، اليوم الخميس، والذي تحدثت فيه عن دخول العراق على خط التصعيد الذي تشنه الولايات المتحدة الأمريكية ضدّ جماعة الحوثيين في اليمن، مشيرة الى أن الحوثيين يتواجدون في معسكر للحشد يقع بقضاء الخالص في ديالى ويتلقون تدريبات على استخدام الطائرات المسيرة والعبوات الناسفة، ردت قيادة العمليات المشتركة ببيان غاضب تنفي فيه تلك التصريحات وتدعو إلى توخي الدقة في نقل المعلومات.

وقالت القيادة في بيان تلقته “العالم الجديد”، “تداولت بعض وسائل الاعلام أنباء بشأن استخدام الحوثيين معسكرا للتدريب بمنطقة الخالص في ديالى العراقية”.

وأضاف البيان “في الوقت الذي ننفي فيه هذه الأنباء جملةً وتفصيلاً ، ندعو الى توخي الدقة في نقل المعلومات”.

وكانت مجلة فورين بوليسي الأمريكية قد ذكرت في تقرير لها، في وقت سابق من اليوم الخميس، أنه “في حين تآكلت القوة القتالية والترسانة العسكرية لوكلاء إيران الآخرين في ما يسمى بمحور المقاومة، حماس وحزب الله، بشكل كبير منذ الهجوم على إسرائيل في 7 تشرين الأول أكتوبر 2023، فقد نجت حركة الحوثيين دون أن يلحق بها أذى نسبيًا”.

وأشارت في تقريرها الذي تابعته “العالم الجديد”، إلى أن “التحول في السياسة الأمريكية في عهد إدارة ترامب، من الضربات المُستهدفة إلى حملة أوسع وأكثر عدوانية، يمثل تصعيدًا ملحوظًا، ويعكس هذا التغيير موقفًا مُتشددًا ضد الحوثيين، يتجاوز الاحتواء إلى التعطيل النشط لقدراتهم”، مبينا أن “قرار استهداف القيادة السياسية إلى جانب الأصول العسكرية يشير إلى رغبة في تفكيك الهيكل التنظيمي للحوثيين، وليس فقط إضعاف التهديد العسكري المُباشر الذي يُشكلونه”.

وأوضح التقرير، أنه “بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر/كانون الأول، حدث انتقال لقادة ومقاتلي حزب الله السابقين المتمركزين في لبنان وسوريا، بالإضافة إلى الميليشيات الشيعية من العراق، إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن”.

وتابع ان “النشاط عبر محور لبنان وسوريا والعراق باتجاه اليمن هو جزء من اتجاه إعادة التعبئة وإعادة التنظيم مع تخفيض مستوى حزب الله وحماس استراتيجيًا”، لافتا الى انه “للحوثيين وجود في العراق، مع مكتب في بغداد ومكاتب أصغر في كركوك وجنوب العراق”.

وبحسب التقرير، فإن “مقاتلي الحوثي يستخدمون معسكر تدريب في بلدة الخالص بمحافظة ديالى في منطقة تسيطر عليها كتائب حزب الله”، مؤكدا ان “مقاتلين من الحشد الشعبي تم نشرهم على مدى الأشهر الثلاثة إلى الأربعة الماضية في اليمن لتدريب المقاتلين المحليين على تقنيات القتال ونشر الطائرات بدون طيار وهجمات العبوات الناسفة”.

ولفت الى أن “التعاون المتبادل لمجموعات محور المقاومة يحسن القدرات العسكرية للحوثيين وتكتيكاتهم العملياتية وقد مكنهم من الاستمرار في استغلال تهديد موثوق ضد ممرات الشحن البحري”.

وجاءت تلك التصريحات بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي إلى صنعاء في إطار جهود وساطة دولية، تسعى إلى تخفيف التوتر المتصاعد في البحر الأحمر، حيث يحمل عبد المهدي رسائل متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، وسط عمليات عسكرية أمريكية مكثفة تستهدف اليمن منذ مطلع الأسبوع الجاري، وتهديدات من واشنطن إلى طهران إن استمرت في دعم الحوثيين”، بحسب “سكاي نيوز”.

وكانت تقارير اعلامية غربية قد حذرت مؤخرا من امتداد الصراع في المنطقة ليشمل العراق خاصة بعد التحذيرات التي أطلقها رئيس الولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب الى ايران المتعلقة بدعم الحوثيين.

وكشفت وسائل إعلام عن مصادر مختلفة، في 17 آذار مارس الجاري، عن إيصال وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث رسالة تحذير شديدة اللهجة إلى السوداني، خلال اتصاله معه.

ونقلت وسائل إعلام عن “مصادر”، قولها إن “هيغسيث ابلغ السوداني، بأن أي تدخل للفصائل المسلحة العراقية، بشأن الاستهداف الأمريكي ضد الحوثيين في اليمن، سيدفع واشنطن لرد عسكري سريع ضد تلك الفصائل داخل العراق، ولهذا يجب منعها من أي تدخل كما حصل سابقا في حرب لبنان وغزة”.

وأضافت المصادر، أن “وزير الدفاع الأمريكي شدد على السوداني بضرورة الإسراع بحسم ملف نزع سلاح الفصائل المسلحة والعمل على تفكيكها، وأكد أن هذا الملف محل اهتمام كبير لدى الرئيس ترامب وإدارته، فيما أكد السوداني بان الحكومة تعمل على ذلك ولديها حوارات مع الأطراف المسلحة للوصول الى اتفاق بهذا الخصوص”.

ووفق البيان الرسمي، بحث رئيس الوزراء، مع وزير الدفاع الأمريكي، تطورات الأوضاع الأمنية في المنطقة وخاصة المتعلقة بالعمليات العسكرية في اليمن والوضع “المقلق” في سوريا.

وكان المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل، أكد في حينها، أن القيادة المركزية الأمريكية بدأت سلسلة عمليات شملت ضربات دقيقة ضد أهداف حوثية مدعومة من إيران في جميع أنحاء اليمن، وأفاد بأن هدف هذه العمليات هو “استعادة حرية الملاحة وترسيخ الردع الأميركي”.

وشهدت الساحة اليمنية تصعيدا عسكريا غير مسبوق عقب الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة ضد مواقع الحوثيين في عدة محافظات يمنية، وارتفعت حصيلة الغارات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن إلى 53 قتيلا، بحسب حصيلة جديدة ونهائية أعلنتها وزارة الصحة التابعة للحوثيين، في 16 آذار مارس الجاري.

وفي 16 مارس آذار الجاري، ردت حركة النجباء في العراق، على العمليات العسكرية الأمريكية ضد جماعة أنصار الله “الحوثيين” في اليمن، ببيان شديد اللهجة، وتوعدت فيه بالرد.

وقالت الحركة في بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “الوجود الأمريكي في المنطقة لم يجلب إلا الويلات والقتل والتشريد وابادة سكان هذه المنطقة، التي لم تر خيرا ولا استقرارا عند حلول دولة الظلم والتخريب ونهب الخيرات في أي مكان”.

وأكدت أن “التمادي والعدوان الفج والمتمثل باقبح صور الظلم لن يستمر ولن ينال ما يريد من عزة وصمود الشعوب الحرة وسنرى وترون، ونسمع وتسمعون، والعاقبة للمتقين”.

ويرى مراقبون أن الحملة العسكرية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد جماعة “أنصار الله” الحوثيين في اليمن لن تتوقف في تلك الجغرافيا، بل هي بداية “الضغوط القصوى” للرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه حلفاء إيران في المنطقة، وفي جزء منها قد تشمل العراق كونه خيار عسكري استراتيجي، خصوصاً في ظل الإعلان عن تشكيل فصائل جديدة، لمواجهة الوجود الأمريكي.

إقرأ أيضا