صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

هل ستمضي “صدمة” وزير المالية لأكبر شريحة في العراق؟

جاءت مطالبة وزير المالية بفرض ضرائب على رواتب الموظفين، رغم عدم تضمينها في الموازنة العامة، مصحوبة بموجة رفض شعبية كبيرة دعت لمعاقبته، وفيما اعتبر نائب أن المادة التي استند اليها الوزير في الموازنة “لا علاقة لها بالامر”، يبين خبير قانوني ان المقترح مخالف للقوانين والدستور.

جاءت مطالبة وزير المالية بفرض ضرائب على رواتب الموظفين، رغم عدم تضمينها في الموازنة العامة، مصحوبة بموجة رفض شعبية كبيرة دعت لمعاقبته، وفيما اعتبر نائب أن المادة التي استند اليها الوزير في الموازنة “لا علاقة لها بالامر”، يبين خبير قانوني ان المقترح مخالف للقوانين والدستور.

ويقول عضو لجنة الاقتصاد النائب مازن الفيلي في حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لا يوجد سند قانوني يمكن أن تستند اليه وزارة المالية كما حاولت الاستناد على المادة 34 من الموازنة، والتي تخص الاعفاءات الضريبية السابقة“.

ويوضح الفيلي، أن “هذه المادة لا علاقة لها بالمقترح الذي قدمه الوزير بشأن فرض ضريبة على رواتب الموظفين، خاصة وأن هذه المادة واضحة وصريحة”، مبينا أن “هذا يدل على وجود نية مبيتة من قبل وزارة المالية، لأن الموازنة عندما وردت الى البرلمان كانت فيها استقطاعات ضريبية من الرواتب، وجوبهت بالرفض من قبل المجلس“.

ويلفت بالقول “حذرنا سابقا من تداعيات الموازنة، وهذا ما يثبت يوما بعد آخر، وخاصة سعر صرف الدولار الذي يرتبط بمقترح وزير المالية”، مستدركا “لكن لا اتوقع ان يمر المقترح بعد موجة الرفض الكبيرة الي حدثت“.

وقد انتشرت يوم أمس، وثائق تتضمن تقديم وزير المالية عبد الامير علاوي، مقترحا بفرض ضريبة على رواتب الموظفين، وتشمل كافة مدخولاته من الحوافز والراتب الاسمي والمخصصات والمكافات والايفاد، فضلا عن ان الاستقطاع يكون بأثر رجعي، ويتم تقسيط استيفاء ضريبة الاشهر الماضية على مدى العام الحالي.

وبعد اللغط الذي أثير حول المقترح، اصدرت وزارة المالية بيانا رسميا قالت فيه “توضح الوزارة للرأي العام انها تعمل على تطبيق كافة القرارات والنصوص الواردة في قانون الموازنة العامة لعام 2021 التي صوت عليها مجلس النواب، وان الكتاب الذي يحمل توقيع الوزير علي عبدالامير علاوي بشأن الاستقطاع الضريبي جاء تطبيقاً لأحكام المادة 34 فقرة (ج) من قانون الموازنة العامة المتضمنة (إلغاء مجلس النواب جميع الإعفاءات والاستثناءات الجمركية والضريبية الممنوحة بقرار مجلس الوزراء ما لم تنص عليه القوانين النافذة)“.

وبينت أنها “تطبق القانون في دفع الضريبة على جميع الدخل بما فيها الراتب الاسمي والمخصصات وما حصل من إعفاء من مجلس الوزراء كان استثنائياً.. وأن الاستقطاع الضريبي المقترح لا يشمل الطبقات الدنيا ولمجلس الوزراء صلاحية إلغائه”، موضحة أن “الوزارة استطاعت المضي بخطوات ثابتة من خلال الورقة البيضاء في وضع الاقتصاد الوطني على المسار الصحيح والابتعاد عن الاعتماد على مورد النفط وابعاد شبح تكرار الهزات المالية التي تعرض لها البلد اثر تذبذب اسعار النفط عالمياً“.

وحول هذا الامر، يرى القانوني محمد علي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “كتاب وزارة المالية يتعارض مع قانون الموازنة لسنة 2021 التي صوت عليها مجلس النواب، وهو لا علاقة له بالمادة 34/ج التي تدعي الوزارة الاستناد إليها في قرارها بشأن فرض ضرائب على رواتب الموظفين وبالاستناد الى القانون 113 لسنة 1982“.

ويلفت علي، الى أن “الدستور العراقي نص في المادة 28 منه على أن لا تفرض الضرائب والرسوم ولا تعدل ولا تجبى ولا يعفى منها الا بقانون، أي أن فرض الضرائب والرسوم لايجوز أن يكون بموجب كتاب أو قرار، بل بقانون يشرع نيابيا، كما أن الدستور في ذات الوقت حظر بصورة صريحة رجعية القوانين المالية، وكما ورد في المادة 19/ تاسعا أنه (ليس للقوانين أثر رجعي ما لم ينص على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم)“.

ويضيف أن “على الأمانة العامة لمجلس الوزراء رفض كتاب وزارة المالية الموجه إليها وإصدار توجيه لوزير المالية بعدم مخالفة الدستور والتشريعات القانونية السارية في البلاد لأن القاعدة القانونية تقول (ما بني على باطل فهو باطل)“.

وكان النائب الاول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، اوضح في بيان له إن، المادة 34 من موازنة 2021 وبجميع فقراتها لم تنص او تذكر اي استقطاعات او ضرائب على الموظفين، وبأي شكل من الأشكال وليس له علاقة مطلقا بضريبة الدخل الخاصة بالموظف، وان استدلال الوزارة لتبرير ما ورد في كتابها بالمادة 34 فقرة ج هو استدلال في غير محله واستقطاع للنص التشريعي عن سياقه، وحرفه عن مقصوده.

وطالب الكعبي في بيانه زارة المالية بسحب كتابها وتوصيتها وعدم اللجوء الى استقطاع او تقليل رواتب الموظفين مطلقا خاصة بعد رفع سعر الدولار الذي خفض قيمة رواتبهم والذي تزامن مع غلاء اسعار السلع.

وشعبيا، يكشف الناشط رشيد حميد في حديث لـ”العالم الجديد”، ان “حملة ستطلق في الساعات المقبلة تحت وسم (السجن لوزير المالية)، لأن اثار ما قام به لا تكفيها الاقالة“.

ويتابع أن “ما حصل يشير بوضوح، الى أن الوزير يتوهم أنه يقود عملية إصلاح اقتصادي بجعل المواطن يدفع ثمن كل فشل الحكومات السابقة، ومهما يتعرض المواطن للضغوط فذلك ليس في حسابات الوزير“.

وينوه بالقول “إما ان يكون الوزير منقادا لمخطط داخلي بهدف الضغط على المواطن، او مخطط خارجي للضغط على المواطن استجابة لشروط البنك الدولي او غير ذلك”، مردفا ان “ما يقوم به الوزير عمل يكاد يرتقي الى مستوى الجريمة، وذلك بالتجاوز على حقوق المواطنين والقوانين والدستور“.

ويطالب حميد القضاء والمنظمات والسياسيين بـ”دعم الحملة التي ستطلق، للتخلص من الاجراءات السلبية التي يقوم بها الوزير“.

وكانت فقرة الاستقطاعات الضريبية من رواتب الموظفين، ابرز الفقرات التي أثارت اللغط في مجلس النواب، حيث جوبهت بالرفض من اغلب الكتل السياسية، وهو ما دفع اللجنة المالية الى اصدار بيان في شباط فبراير الماضي، اكدت فيه عدم تضمين الموازنة اي استقطاعات ولا ضريبة دخل للموظفين أو المتقاعدين.

إقرأ أيضا