صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

هل ستنجح مفاوضات الوفد الكردي ببغداد في حل أزمة «رواتب كردستان»؟

ترتقب الأوساط السياسية والمحلية، ما ستؤول إليه إجتماعات الوفد الكردي في بغداد من مباحثات بشأن أزمة تأخير رواتب موظفي إقليم كردستان، بعد شروط وزارة المالية الاتحادية الجديدة.

وقال مصدر مطلع لـ”العالم الجديد”، إنه “لليوم الثالث على التوالي يواصل وفد حكومة إقليم كردستان برئاسة وزير المالية والاقتصاد آوات شيخ جناب مباحثاته بشأن رواتب الموظفين مع وزارة المالية الاتحادية في بغداد والتي بدأت صباح يوم الجمعة الماضي”.

وأضاف أنه “من المقرر أن يكمل اليوم الوفد اجتماعاته لحل المشكلات الفنية العالقة، ومن المتوقع أن تنجز الأعمال في أقرب وقت”.

وكانت وزيرة المالية الاتحادية طيف سامي طلبت، أمس السبت، من وفد الإقليم تزويد المالية بالحسابات البنكية لكل موظف، سواء تم توطين الرواتب في المصارف الاتحادية، أو بنوك الإقليم، كما طلبت أيضا ترك الحرية والخيار للموظف في أن يوطن راتبه في أي مصرف يشاء، وأن لا يتم جبره على التوطين في مشروع حسابي، بحسب مصادر مطلعة.
والجمعة الماضية، التقى وفدٌ فني من حكومة إقليم كردستان برئاسة وزير المالية والاقتصاد آوات شيخ جناب، بوفدٍ مماثل للحكومة الاتحادية برئاسة وزيرة المالية طيف سامي في العاصمة بغداد.

وترأّس الاجتماع الذي عقد في فندق الرشيد، نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الاقتصادي العراقي فؤاد حسين.

وناقش الاجتماع الذي حضره عدد من المستشارين والمديرين العامين في وزارتي المالية بحكومة كردستان والاتحادية، موازنة ورواتب الموظفين والمتقاعدين في أجواء إيجابية ومسؤولة.

وأكد وفد الإقليم استعداده للتنسيق والعمل المشترك من أجل الوصول إلى حل شامل لتوحيد التخصيصات اللازمة لضمان رواتب موظفي كردستان خلال الأشهر الـ 12 من عام 2025 الحالي.

ويواصل المعلمون في السليمانية اعتصامهم لليوم السادس على التوالي، أمام مبنى الأمم المتحدة، مطالبين بصرف رواتبهم المتأخرة وتحقيق ضمانات لانتظام صرف المستحقات المالية، مؤكدين أن إضرابهم عن الطعام جاء بعد فشل محاولات سابقة لإيصال مطالبهم عبر الوسائل التقليدية، فيما لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي بشأن الاستجابة لمطالبهم.

و يأتي هذا الاعتصام في ظل أزمة مالية تواجه اقليم كردستان، حيث تأخرت صرف رواتب الموظفين والمعلمين لأشهر عدة، مما أدى إلى تصاعد موجة الاحتجاجات في عدة مدن، خاصة في السليمانية، التي شهدت خلال الفترة الأخيرة سلسلة من الاعتصامات والإضرابات عن العمل.

و مع استمرار الإضراب عن الطعام وتفاقم الأوضاع الصحية للمعتصمين، تتزايد الدعوات لتقديم استجابة عاجلة لمطالبهم، وسط تحذيرات من وقوع تداعيات صحية خطيرة في حال استمرار الاحتجاج دون حلول ملموسة.

وكان عضو اللجنة المالية السابق احمد الحاج رشيد، أكد في 20 كانون الثاني يناير الماضي، أنه لا يوجد أمل لحل أزمة رواتب كردستان بشكل جذري، مؤكدا أنها ستتكرر كل شهر لعدم التزام حكومة الاقليم بتسليم 50‎%‎ من الإيرادات الداخلية.

وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.

واشترطت حكومة إقليم كردستان، في 16 كانون الثاني يناير الماضي، تسليم إيراداتها الداخلية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد مقابل تسلمها كافة استحقاقاتها من الموازنة وليس الرواتب فقط، جاء ذلك بعد استعراض لجنة المفاوضات في حكومة إقليم كردستان، أمام ممثلي دول العالم من سفراء وقناصل، كافة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن الموازنة والرواتب والنفط.

وجاءت أزمة الرواتب بالتزامن مع زيارة لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد في 12 كانون الثاني يناير الماضي، حيث التقى الأخير برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي توجه له التهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الاقليم.

ولم تكن زيارة بارزاني مجرّد محاولة لحلّ أزمة الرواتب، بل سعت أيضًا لمعالجة قضايا أعمق تتعلّق بالعلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، مثل الشفافية في إدارة الموارد وآليات تنفيذ الاتفاقات المالية.

ودعا بارزاني خلال زيارته التي استمرت يومين، إلى “تعديل قانون الموازنة بما يضمن “العدالة” في توزيع الحقوق المالية للإقليم وتأمين الرواتب”.

وتبلغ حصّة كردستان من الموازنة الاتحادية 21 تريليون دينار، لكن مع توقف تصدير النفط، اقتصرت التحويلات من المركز على الرواتب فقط، إذ تقول الحكومة الاتحادية إنها مولت الإقليم عام 2024، بينما تصر أربيل على أن ما وصل فعليًا أقل من ذلك بكثير.

وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.

إقرأ أيضا