في خضم أجواء مشحونة داخل البلاد، تتصاعد حدة الجدل بين النواب حول التعديل الوزاري المرتقب الذي تسعى إليه الحكومة.
وتكشف المعطيات الحالية عن خلاف جذري بين الإطار التنسيقي الحاكم في البلد ورئيس الحكومة وأحد أقطاب الإطار محمد شياع السوداني، حول التعديل الوزاري، حيث تعتبر الحكومة أن التعديل الوزاري المزمع خطوة إصلاحية، بينما يراه الإطار تغيير يجب أن لايتم دون الإتفاق حوله مسبقا.
يشار إلى أن السوداني، تسنم منصبه، بعد تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، بقيادة الإطار التنسيقي، وقد ضمت كابينته وزراء ينتمون للكتل السياسية المختلفة، وبعضهم قادة لكتل سياسية، وذلك وفقا لنظام المحاصصة القائم في البلاد، والذي يعتمد على ثقل كل كتلة نيابية وعلى أساسها تمنح حقائب وزارية.
إذ قال عضو ائتلاف دولة القانون ابراهيم السكيني في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “التغيير الوزاري في حكومة السوداني، يسبقه تقييم للوزراء المقصرين، وهذا الامر يحمل الحكومة مسؤولية التقصير في اداء الواجبات والمهام الحكومية”.
واضاف ان “السوداني يجب ان يناقش ملف التغيير الوزاري في حكومته من دون التفرد باتخاذ القرارات في هكذا ملفات، خصوصا ان مجيء المشهداني لرئاسة البرلمان سيترتب عليه الكثير من الامور”.
وبين ان “رئيس الوزراء عليه العودة الى صف الاطار التنسيقي لاتخاذ القرارات بشكل جماعي من دون الانفراد باتخاذها بعيداً عن الائتلاف الذي رشحه لرئاسة الحكومة الحالية”.
يشار إلى أن ائتلاف إدارة الدولة، عقد الأسبوع الماضي، اجتماعا بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، وفيه جرى مناقشة إجراء التعديل الوزاري.
وكان السوداني، أكد في أيلول سبتمبر الماضي، على أهمية حسم استحقاق رئاسة مجلسِ النواب، من أجل التقدم للمجلس لإقرار التعديل الوزاري المبني على تقييم أداء الوزراء، والذي يهدف الى زيادة الفاعلية الحكومية، بحسب نص كلمة له في حينها.
وبعد ستة أشهر من تشكيل حكومته، أكد السوداني في نيسان أبريل 2023 أنه عازم بعد تجربة وزرائه على إجراء تعديل وزاري قريب، وأعلن أنه “حق دستوري” لن يتنازل عنه، ملمحا إلى أنه سيذهب إلى البرلمان لأجل ذلك، وأن الكتل السياسية التي ترفض التغيير ستكون مسؤولة أمام الشعب، وفق قوله.
وكان النائب المستقل جواد اليساري، توقع في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “تواجه إجراءات التعديل الوزاري صعوبات، بالرغم من وعود السوداني بالأمر، وخاصة بعد انتخاب رئيس مجلس النواب، فالكتل والأحزاب السياسية تعارض هذا التعديل، كونه سوف يمس مصالحها، ولذا فإنها تريد استمرار الوضع كما هو عليه دون أي تعديل وزاري”.
ولفت إلى أن “السوداني لا يستطيع إجراء أي تعديل وزاري دون وجود اتفاق مسبق بينه وبين الكتل والأحزاب التي تملك الأغلبية في مجلس النواب، فهي من سوف تصوت على هذا التعديل، وهي من سوف ترشح له البدلاء عن الوزراء، ولذا فهناك صعوبة في حسم الملف بالرغم من وعود السوداني التي يكررها منذ أكثر من عام ونصف”.
وفي أيار مايو العام الماضي، كشف مصدر مسؤول في مكتب السوداني، لـ”العالم الجديد”، أن الأخير “جاد بقضية إجراء تعديل وزاري، وأنه سينفذ بعد إقرار مجلس النواب لقانون الموازنة، فهو حاليا لا يريد أي صدام سياسي مع الكتل والأحزاب بشأن تغيير الوزراء، ما قد يعرقل تمرير قانون الموازنة، وعلى الرغم من إقرار الموازنة إلا أن التعديل بقي مؤجلا”.
يذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل أتباع التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.ويعتبر التعديل الوزاري، أحد الفقرات التي تضمنها البرنامج الحكومي، وأشرها تقرير “السوداني ميتر” الإحصائي الخاص بتنفيذ الوعود الحكومية، حيث نص على “تقييم أداء الوزراء والمديرين العامين”، مع أكثر من وعد بهذا الشأن.