هل يجد السوداني في إقليم كردستان ما فقده في بغداد؟

البحث عن شراكة قوية مع الكرد، أبرز هدف وراء زيارة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الذي يواجه مضايقات وخلافات مع شركائه في الإطار التنسيقي، وهو ما اتفق عليه سياسيون كرد ومراقبون، كون إقليم كردستان يمثل “رقما صعبا” في المعادلة السياسية قبل الدخول في الانتخابات، فضلا عن أهداف أخرى للزيارة كحسم الملفات المالية بين أربيل وبغداد والوساطة لتشكيل حكومة الإقليم.

ووصل السوداني، صباح أمس الأربعاء، إلى أربيل، ومن ثم زار السليمانية مساءً، لإجراء مباحثات تتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم، إضافة إلى معالجة عدد من الملفات العالقة الزيارة، حسبما أعلنت بيانات رسمية، مؤكدة أن الزيارة تأتي في إطار مساعي الحكومة الاتحادية لتعزيز التعاون مع حكومة إقليم كردستان، وإيجاد حلول للقضايا التي تؤثر على العلاقة بين الإقليم والحكومة المركزية.

وحول أهداف الزيارة، يقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “زيارة السوداني تأتي للبحث عن شريك قوي، متمثلا بالحزب الديمقراطي، فالجميع يعلم بأن القيادات السياسية والأحزاب، بدأت تعد العدة، للتحضير للانتخابات البرلمانية، والسوداني لديه مساع للوصول إلى الولاية الثانية”.

ويضيف كريم، أن “السوداني يدرك قوة الكرد، وبالتالي جاء أولا، لزيارة الحزب الديمقراطي الشريك القوي الذي ساند حكومته ودعمه، ووقف معه في مختلف الأزمات التي تعرضت لها الحكومة، لذا فالزيارة تأتي للبحث عن إدامة الشراكة مع الكرد، وهو الشخص الذي عرف بمواقفه الطيبة والمرنة، خاصة فيما يتعلق بصرف رواتب الموظفين، وحل الأزمات بين بغداد، وإقليم كردستان”.

والتقى السوداني في أربيل كلا من رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، وحكومته مسرور بارزاني، ثم حظي باستقبال من قبل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، في مصيف صلاح الدين، وأكد خلال تلك اللقاءات أن الحكومة خلال عامين قطعت شوطا كبيرا في بناء الثقة مع حكومة الإقليم، ومعالجة الكثير من المشكلات بناءً على الرغبات القوية المشتركة في تجاوز الخلافات، وهنأ السوداني خلال اللقاء، بنجاح انتخابات برلمان الإقليم، مؤكدا أن هذا النجاح ينعكس إيجاباً على مجمل أنحاء العراق وليس الإقليم لوحده.

وبعد تأخرها أكثر من عامين، نجح إقليم كردستان في إنجاز الانتخابات البرلمانية خلال تشرين الأول أكتوبر الماضي، التي حصل فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني على العدد الأكبر من المقاعد، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني.

من جهته، يرى القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني حسن آلي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الزيارة تأتي بهدف لعب دور الوساطة بين الأحزاب الكردية، في ما يتعلق بتشكيل حكومة إقليم كردستان وبدء المفاوضات”.

ويضيف آلي، أن “استقرار إقليم كردستان، وتشكيل حكومة قوية، وانتهاء الخلافات بين الأحزاب، من مصلحة بغداد، وحكومة السوداني على حدٍ سواء، ولهذا فإن الزيارة جاءت لتعطي دفعة قوية تمهد لبدء المفاوضات”.

وأكد السوداني، خلال لقائه ممثلي القوى السياسية والمكونات الفائزة في انتخابات برلمان الإقليم، على “ضرورة الإسراع بالتفاهمات والمباشرة بتشكيل الحكومة، ومباشرة برلمان الإقليم مهامّه، لأن المواطنين بأمس الحاجة إلى أن يروا البرامج الانتخابية تترجم وتنعكس على واقعهم المعيشي والخدمي”، مشددا على أن “وجود برلمان وحكومة الإقليم سيساعدان في ترسيخ الاستقرار السياسي لدى الحكومة الاتحادية والإقليم، لأن التفاهم والاستقرار في الإقليم قوة لكل مكونات المجتمع العراقي”.

ولا يستبعد القيادي في الاتحاد الوطني، أن “تكون زيارة السوداني للبحث عن شراكة مع الأحزاب الكردية، لأن هذا يساعد على تقوية حكومته، خاصة في المرحلة المقبلة، في ظل استمرار الصراع في الشرق الأوسط، والتحديات الأمنية التي تواجه البلد”.

لكنه يرى أن “الحديث عن الولاية الثانية مازال مبكرا، ولكن السوداني يريد تقوية العلاقات مع الكرد، خاصة وأن حكومته لم تكن لديها مشاكل مع الإقليم، على عكس الحكومات السابقة”.

يذكر أن السوداني، زار أيضا، محافظة السليمانية والتقى رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، بحضور نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني، مبديا استعداد بغداد للعمل على “تقريب وجهات النظر بين مختلف القوى السياسية في الإقليم، لأن المواطن سيقيم مشاركته في ضوء ما سينجز على الأرض من البرامج الانتخابية”.

من جهته، يشير رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “الإقليم يشكل رقما صعبا في المعادلة السياسية والاقتصادية، والأمنية، لهذا فالزيارة مهمة ضرورية للسوداني فضلا عن كونها خطوة نحو الإمام لحل مشاكل الطاقة وتصدير النفط، والخلافات المالية”.

ويردف فيصل، أن “الزيارة مهمة لتحسين العلاقات، وخلق شراكة قوية مع الكرد، والحزب الديمقراطي الكردستاني على وجه خاص، فضلاً عن مميزاتها في ما يتعلق بالجانب الحكومي، وتحسين العلاقات مهم جدا بين الطرفين”.

وكان بيان حكومي، أكد أن السوداني، بحث الملفات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، وفي مقدمتها جهود استئناف تصدير النفط من الإقليم، والتأكيد على أهمية تنظيمها بما يحقق تطلعات المواطنين في عموم البلاد، إضافة إلى أهمية تطبيق قرار المحكمة الاتحادية في ما يتعلق برواتب الموظفين الحكوميين في الإقليم.

إلى ذلك، يعتقد السياسي الكردي المستقل، لطيف الشيخ، أن “اختيار السوداني الاجتماع مع جميع القوى السياسية، وزعامات الأحزاب الثلاثة القوية، الديمقراطي، والاتحاد الوطني، والجيل الجديد، دليل على نيته خلق شراكة قوية وتحسين العلاقات مع الكرد بشكل عام”.

ويبين الشيخ، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “الجميع يدرك الصعوبات التي واجهت السوداني، وهنالك حديث عن وجود توجه لاستجوابه، أو امتعاض من تصرفاته من بعض قادة الإطار التنسيقي، بالتالي، هو يبحث عن تعزيز علاقاته مع الكرد، وباقي الشركاء”.

وتدور أحاديث في الأوساط السياسية عن نية الإطار التنسيقي وتحديدا ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي ينوي مضايقة حكومة السوداني واستجواب الأخير في البرلمان، خاصة بعد وصول حليف المالكي محمود المشهداني لسدة رئاسة البرلمان، وعلى هذا الأساس بدأ الأخير بمحاولة تقوية نفوذه، مع الأطراف السنية والكردية.

ويلفت الشيخ، إلى أن “هذه الزيارة هي لإثبات بأنه مرجعية سياسية للجميع، وحكومته حكومة توازن تتعامل مع الجميع، ولديها علاقات ممتازة مع الجميع، كون لقاءاته لم تختصر على الحزبين الرئيسين كما جرت العادة، وهذه المرة التقى الجيل الجديد ورئيسه شاسوار عبد الواحد، وهي رسالة أيضا، لضرورة دعم القوى الجديدة في الإقليم والتعامل معها، كما يتم التعامل مع الحزبين الرئيسيين”.

إقرأ أيضا