في ظل تسارع سيطرة الفصائل المعارضة على مزيد من الأراضي في داخل سوريا، تتعاظم مخاوف العراق من اختراق حدوده، رغم رفع حالة التأهب العسكري، ونشر التعزيزات العسكرية على طول الشريط الحدودي مع سوريا، حيث طالت المخاوف هذه المرة قضاء سنجار.
إذ أكد النائب مختار الموسوي، اليوم الخميس، بأن العراق لن يكون بعيدا عما اسماه بالحريق في سوريا، عبر بوابة سنجار.
ويشكل قضاء سنجار، نقطة خلاف بين بغداد وأربيل، كونها ضمن المادة 140 من الدستور وماتعرف بالمناطق المتنازع عليهان وسبق للحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، وأن وقعت اتفاقا مع حكومة أربيل سمي بـ”اتفاق سنجار”، ويقضي بطرد الجماعات الخارجة عن القانون، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني والفصائل المرتبطة به، فضلاً عن إدارة مشتركة بين الإقليم والحكومة الاتحادية للقضاء ذي الغالبية الإيزيدية.
لكن “اتفاق سنجار” لم ير النور، بسبب رفض الحشد الشعبي والفصائل الإيزيدية له، حتى خرجت تظاهرات كبيرة، تعلن رفضها تنفيذ الاتفاق، كما أبدوا رفضهم لعودة الحكومة المحلية إلى سنجار، كون الحكومة المحلية ومنها القائممقام مرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني.
وقال الموسوي في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “جلسة أمس بحضور رئيس مجلس الوزراء كانت مهمة من اجل الوقوف على الاستعدادات الحكومية لمواجهة تبعات ما يحدث في سوريا، في ظل رصد اكثر من 10 تنظيمات متطرفة تشارك في محاولة السيطرة على المدن والقرى والقصبات”.
وأضاف أن “حماية الحدود العراقية ابتداء من قاطع ربيعة وصولا الى الرطبة، أولوية وطنية بالغة الأهمية، من اجل منع اي محاولة مساس بها” مؤكدا بان “كل الاجندة الموضوعة للمنطقة هي إشعال حريق كبير أول فصوله في سوريا، والعراق مشمول به لان هناك من لا يريد الاستقرار وخلق مناخ من التوتر الدائم”.
وأشار الى أن “ما يحدث في سوريا هو توحد مصالح دولية وإقليمية، دفعت الى يقظة كل التنظيمات المسلحة بوقت واحد، مع وفرة في السلاح الذي جاء من مخازن دول وعواصم لتحقيق اهداف معروفة”، مؤكدا بان “سنجار قد تستهدف في ظل اتهامات لأنقرة بوجود حزب العمال الكردستاني وقد تستغل هذه المسار بهذا الاتجاه”.
وحضر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، الى جلسة البرلمان لاستضافته بطلب منه للحديث عن عدد من الملفات، فيما كانت الجلسة سرية فيما يتعلق بالوضع الأمني والعسكري للبلاد، لاسيما مع تصاعد الأحداث في سوريا.
وعقد ائتلاف إدارة الدولة، أمس الأول الثلاثاء، اجتماعه الدوري، بحضور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس النواب، محمود المشهداني.
وخُصص الاجتماع لبحث التطورات الأمنية في سوريا وانعكاساتها على الأمن القومي العراقي، بحسب البيان الصادر عن الاجتماع.
وعبّر الائتلاف عن دعمه وتأييده “لكل الجهود الحكومية الدبلوماسية والأمنية التي تقوم بها منذ بداية الأزمة”، داعياً إلى أن “تكون بغداد مقراً للحوارات المستمرة”.
وطمأن المجتمعون “جميع أبناء الشعب العراقي الحبيب بأن الاستعدادات كفيلة بأن تمنع أي خطر عن العراق. مؤكدين على أهمية توحيد الخطاب الوطني، وبذل مزيد من الجهود باتجاه الانفتاح على جميع الدول المعنية بالازمة، واتخاذ خطوات تحفظ أمن وسلامة الأراضي السورية من جهة، وتحفظ الأمن القومي العراقي من جهة اخرى، وذلك من خلال التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في العراق وسوريا”.
وأعلن المجتمعون عن “مبادرة عراقية لدعوة دول الجوار، والدول المعنية بالأزمة السورية الى اجتماع عاجل في بغداد”.
يشار إلى أن فصائل المعارضة السورية باتت الآن تسيطر على كامل أحياء حلب، ثاني أكبر المدن السورية، بينما تواصل عملياتها على أطراف مدينة حماة من الجهة الشمالية.
ودعت كتائب حزب الله العراقية، أمس الأول الثلاثاء، الحكومة العراقية إلى إرسال قوات عسكرية رسمية إلى سوريا، رغم مساعي الحكومة العراقية بدفع العراق خارج دائرة الخطر.
ورفع العراق حالة التأهب العسكري، ونشر تعزيزات عسكرية شملت 3 ألوية من الجيش ولواءين من قوات الحشد الشعبي على طول الحدود مع سوريا.
وتعززت الحدود التي تمتد لأكثر من 620 كم، بخطوط دفاعية متلاحقة، شملت موانع تعتمد على أسلاك منفاخية وشائكة وسياج بي آر سي وجدار كونكريتي وخنادق، فضلاً عن العناصر البشرية وكاميرات حرارية، لرصد وصد أي هجمات أو تسلل حدودي.
وسبق أن نفى رئيس هيئة الحشد فالح الفياض، في 2 ديسمبر كانون الأول الجاري ، بشكل قاطع دخول الحشد إلى سوريا، مؤكدا أن الحشد لا يعمل خارج العراق.
وقال الفياض، إن “توجيهات القائد العام للقوات المسلحة العراقية، محمد شياع السوداني، تضمنت زيادة التواجد وتعزيز القطعات على الجبهات”، موضحا أن “ما يحصل في سوريا له انعكاسات مباشرة على الأمن القومي العراقي”.
وخلال الأيام الماضية نجحت جماعات مسلحة تسمي نفسها المعارضة السورية، عبر هجوم مباغت، في اجتياح مدينة حلب والسيطرة الفعلية على أجزاء واسعة منها، وسط انسحاب قوات الجيش السوري من الكثير من المواقع داخل المدينة، وامتدت المواجهات العسكرية من مدينة حلب وريفها إلى محورين آخرين، الأول من الجهة الشرقية لمدينة حلب، والآخر ينطلق من ريف محافظة إدلب باتجاه أطراف حماة.
وذكرت هذه القوات إن الهجوم الأخير جاء “ردا على الضربات المتزايدة التي شنتها القوات الجوية الروسية والسورية في الأسابيع القليلة الماضية ضد المدنيين في مناطق بإدلب وأيضا لاستباق أي هجمات من الجيش السوري”.
وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة يمر بها الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل وحزب الله اللبناني الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب قوات النظام في سوريا، كما شهد ردود أفعال إقليمية مختلفة.
وأفاد مصدران عسكريان سوريان، في 2 ديسمبر كانون الأول الجاري، بأن فصائل موالية لإيران قد عبرت من العراق إلى سوريا للمساعدة في دعم القوات السورية في المعارك الجارية، وذكر المصدران بحسب وكالة “رويترز”، أن هذه الفصائل تهدف إلى تعزيز القوات السورية في بعض الجبهات المتوترة، في وقت تشهد فيه البلاد تصعيدا في العمليات العسكرية، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية العراقية إلى نفي تلك الأنباء واصفة أياها بـ”الكلام الإنشائي” على الفيسبوك”.
وأعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول،في الوقت ذاته، عن تحريك “قطعات مدرعة” من الجيش، باتجاه حدود البلاد الغربية، وأوضح رسول أن تلك القطاعات ستتمركز على الحدود المنفتحة من منطقة القائم جنوبا، إلى أن تصل إلى حدود الأردن.
ووجهت المعارضة السورية، في 1 ديسمبر كانون الأول الجاري، رسالة إلى الحكومة العراقية في محاولة منها لإزالة المخاوف بشأن تصعيد الاوضاع في سوريا.
وعزا مراقبون عراقيون، ما يجري في سوريا إلى تحرك دولي أمريكي تركي إسرائيلي بهدف تقليص النفوذ الروسي، وتوسيع نفوذ أنقرة في سوريا، وتأمين جبهة الجولان، مرجحين تدخل الفصائل المسلحة العراقية في القتال لجانب النظام السوري.
واجتاح تنظيم داعش في الثالث من آب أغسطس 2014 قضاء سنجار في محافظة نينوى، وارتكب مجازر دموية حيث قتل الآلاف من الشباب والرجال وكبار السن، فيما اختطف ما يزيد على الخمسة آلاف طفلة وشابة وامرأة، كما دمر معظم المنازل والمباني والبنى التحتية فيما قام بتفخيخ المنازل المتبقية.
ومنذ تحرير القضاء من قبضة التنظيم في 13 تشرين الثاني نوفمبر 2015، عادت العديد من العوائل النازحة من مخيمات النزوح إلى مناطق سكناها إلا أن أغلبها عادت مجددا إلى المخيمات لانعدام الخدمات إلى جانب أن منازلهم كانت مهدمة بالكامل أو بشكل جزئي.
وكان رئيس حزب التقدم الإيزيدي سعيد بطوش، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “قضية النازحين وخاصة أهالي سنجار استغلت من قبل الأحزاب الكردية وتمت المتاجرة بهم لأغراض الحصول على أصواتهم في الانتخابات، وأيضا الحصول على الدعم المالي المقدم من المنظمات الإنسانية الدولية، ولعكس صورة إيجابية على أن الإقليم يحتضن النازحين وخاصة المكون الإيزيدي الذي تعرض لإبادة جماعية”.
وكانت الحكومة الاتحادية قد توصلت إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، إلى اتفاق لتطبيع الأوضاع في سنجار وإدارة القضاء من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك، سميت باتفاقية سنجار.
وتقضي الاتفاقية أن تتولى الشرطة إرساء الأمن في قضاء سنجار، وإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية سنجار، وكذلك فصائل الحشد الشعبي، وإخراجهم بشكل كامل من القضاء، وإعادة إعمار المدينة.