بسبب مخالفات في ملف التعيينات بمحافظة ذي قار، أطلق مسؤولون محليون دعوات لتغيير المحافظ مرتضى الإبراهيمي، وفيما قرر أعضاء من مجلس النواب استجوابه، طالب آخرون رئيس الوزراء بإدارة المحافظة من موقع أدنى.
وكان مجلس محافظة ذي قار، قد حدد موعد استجواب المحافظ في 12 تشرين الثاني نوفمبر الحالي، بعد أن حصل على ستة تواقيع من أعضائه، وفي الوقت نفسه قام 14 نائبا عن المحافظة من أصل 19 بالتوقيع على استجوابه من قبلهم، وهذا يعكس حجم الضغوطات الممارسة على المحافظ في ظل هذه الأوضاع المتأزمة.
وتقول رئيسة لجنة التعيينات في مجلس ذي قار نغم الشذر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “طلب استجواب المحافظ يأتي نتيجة عدم استجابته لقرارات المجلس وتفرده بالقرارات دون التشاور مع الأعضاء”.
وتشير الشذر، إلى أن “المجلس استضاف الابراهيمي، في جلسات سابقة وتمت مناقشة الكثير من الأمور، منها ضرورة تطبيق قرارات المجلس، ولكن من دون جدوى، فإن وعوده لم تتحقق على أرض الواقع مما دفع الأعضاء للتحرك، فهم مطالبون بالعمل وتلبية احتياجات المواطنين”.
وأثار الإعلان الأخير عن تخصيص 9577 درجة وظيفية في المحافظة استغراب المسؤولين، حيث لم تتضح الآلية التي تم من خلالها اختيار الخريجين، وكان عضو المجلس، سلام الفياض، أكد أن من بين هذه الدرجات، تم استثناء 4356 خريجاً من قبل رئيس الوزراء، بينما تم إرسال أسماء 5048 خريجا إلى بغداد، ما أثار تساؤلات حول هذه الزيادة.
وكانت عضو مجلس النواب هيفاء الجابري، أكدت أن ملف التعيينات يعتبر من الأسباب الرئيسة التي فاقمت الأزمات في المحافظة، مشيرة إلى غموض آلية الاختيار وعدم وضوح الأعداد الحقيقية للمرشحين، محذرة من تفاقم حالات الابتزاز والفساد الإداري والمالي، كما أبدى أغلب نواب المحافظة تأييدهم لفكرة إدارة المحافظة مباشرة من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وفي السياق، يشير عضو مجلس النواب عن المحافظة، كاظم الطوكي في تصريح مقتضب لـ”العالم الجديد”، أن “الاستجواب المنتظر يركز على عدة ملفات، منها تأخر الإعلان عن المشاريع لعام 2023، فضلا عن ضعف إدارة الملف الأمني، حيث تدخل وزير الداخلية لتغيير قائد الشرطة وبدأ حملة أمنية لاستقرار الوضع”.
وتصاعدت وتيرة التحولات السياسية في محافظة ذي قار، بدءا من الكشف عن شبكة الابتزاز بقيادة مسؤولين رفيعين بالمحافظة، مرورا بالتظاهرات الدامية والتوجيه باعتقال الناشطين بتهم إرهاب، وصولا إلى أبرز تطور وهو المطالبة بتغيير المحافظ الإبراهيمي وتوجيه دعوة لرئيس الحكومة بإدارة المحافظة من موقع أدنى.
وبينما يجد الإبراهيمي نفسه اليوم، في موقف حرج بين ضغوط مجلس المحافظة الذين يطالبون بإقالته وأعضاء مجلس النواب الذين جمعوا تواقيع استجوابه، أقدم مجلس المحافظة على إعفاء عدد من مسؤولي حكومة الإبراهيمي بعدما قرر المجلس في 29 تشرين الأول أكتوبر إعفاء أربعة مسؤولين.
وفي هذا الشأن، يقول الناطق باسم مجلس محافظة ذي قار، أحمد سليم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “من بين المعفيين معاون محافظ ذي قار للشؤون الإدارية محمد خالد، ومدير دائرة نقل الصلاحيات عادل ناهي، بالإضافة إلى مدير بلدية الناصرية محمد عكاب، ومدير قسم تربية الدواية محسن حنين”.
ويشير سليم، إلى أنه “تم تكليف معاوني الدوائر بالقيام بمهامهم مؤقتا حتى يتم اختيار بدلاء مناسبين، وأن هذه القرارات تأتي في إطار سعي المجلس لتحسين الأداء الإداري والخدمي في المحافظة، استجابة للاحتياجات المتزايدة للمواطنين”.
وكان المحافظ أصدر بيانا ساخنا يظهر حجم الخلاف والاتهامات للسلطات التشريعية بالمحاباة بعدم ممارسة دورها الرقابي، في رد على بيان آخر صدر من نواب المحافظة، وجاء فيه “نستغرب صدور مواقف من بعض النواب من شأنها التأثير على الأجواء الإيجابية التي تعيشها المحافظة في الوقت الحالي، لاسيما في ظل عودة الأمن والاستقرار بفضل جهود الحكومة الاتحادية والمحلية معا”.
من جهته، يعتقد الكاتب صلاح الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأحداث الجارية في ذي قار تمثل جزءا مما يحدث في العملية السياسية في بغداد، حيث تنعكس الأحداث هناك على المحافظة التي هي الأخرى تعاني من تداعيات الصفقات السياسية غير الناجحة وأن العديد من الكتل السياسية تسعى لإسقاط شخصيات معينة وإبراز أخرى، مما يؤدي إلى تغييرات غير فعالة”.
ويضيف أن “المواطن هو الخاسر الوحيد في هذه المعادلة إذ تحتاج المحافظة إلى تحسين واقعها الخدمي وإنهاء الروتين الإداري الذي أصبح عائقا أمام المواطنين الذين يسعون للحصول على الموافقات الرسمية للتعيينات أو التواصل مع الدوائر الحكومية”.
ويطرح هذا الوضع تساؤلات حول مستقبل الحكومة المحلية وأوضاع المحافظة في ظل التوترات الراهنة.