تنتظر تركيا بشكل خاص، مع العراق وسوريا بشكل جانبي، حدثا استثنائيا، وهو ظهور زعيم حزب العمال الكردستاني P.K.K عبدالله من داخل سجنه في جزيرة إيمرالي التركية، وفيما أكد مراقبون أن هذا الظهور سيبدأ صفحة من المفاوضات، اختلفت الآراء حول مصير وجود القوات التركية في العراق إذا ما توصل الطرفان إلى هدنة.
وتؤكد مصادر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ظهور أوجلان سيشمل نقاطا عدة، منها الإعلان عن تسوية الأوضاع مع تركيا، والدخول في العملية السياسية تمهيدا لإخراجه من سجنه، وما يؤكد هذا، أنه في نهاية كانون الأول ديسمبر من العام الماضي، أكد أوجلان التزامه بالحوار من منطلق المسؤولية التاريخية، وهو ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإشارة في منتصف كانون الثاني يناير الماضي، إلى تقدم كبير في هذه المفاوضات”.
وتعتقد المصادر، أن “أوجلان سيطلب من مسلحي الحزب في تركيا بالإضافة إلى العراق وسوريا إلقاء السلاح والانضمام إلى العمل السياسي، وبالتالي انتهاء الصراع المسلح، وهذا يعني ضمنيا انتفاء الحاجة للوجود التركي في إقليم كردستان العراق والحدود العراقية بشكل كامل، وبالتالي عليهم الخروج، وترك قواعدهم العسكرية”.
وكان رئيس حزب المساواة للشعوب والديمقراطية، وهو الحزب الرئيسي الممثل للأكراد في البرلمان التركي تونجر باكيرهان، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى استغلال هذه الفرصة قائلا إن “كل شيء الآن في يد أردوغان، وهذه فرصته لصنع التاريخ”.
وفي هذا الإطار، يقول رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الأيام المقبلة بانتظار ما يوجهه الزعيم المؤسس لحزب العمال أوجلان لأنصاره، لاسيما أن أغلب قواعد الحزب وأسلحته في جبال قنديل عبر الأراضي العراقية والسورية”.
ويضيف فيصل، أن “من المؤكد إذا وجه أوجلان دعوة لوقف العمليات العسكرية ضد تركيا، فأن أنقرة ستنسحب من قواعدها العسكرية من العراق، وتحديدا من إقليم كردستان، لكن قبل ذلك علينا معرفة شروط الهدنة بين الطرفين، ونزع سلاح حزب العمال الكردستاني”.
ويعتقد أن “الذهاب لمفاوضات جديدة، سيليها اتفاق على شكل من أشكال الحكم الذاتي، لضمان حقوق الكرد في تركيا، والعودة للحياة الطبيعية، وأنقرة كتحصيل حاصل ستسحب قواتها من الأراضي السورية والعراقية، التي كانت موجودة لضمان أمن الحدود، وإنهاء عملياتها العسكرية، وهذا كله يعتمد على مرحلة المفاوضات، وضغط الحكومة العراقية”.
وكان وفد من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، وصل أمس السبت، إلى كردستان بعد لقائه بأوجلان، ويضم الوفد، كلا من أعضاء وفد إمرالي بروين بولدان وسري سريا أوندر والرئيس المشترك لحزب الأقاليم الديمقراطية كسكين بايندر وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية والمسؤولون في حزب المساواة والديمقراطية.
ويتضمن برنامج الزيارة اجتماعات مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ورئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، بعد ذلك، سينتقل الوفد إلى السليمانية للاجتماع مع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني وقوباد طالباني وممثلي الاتحاد الوطني الكردستاني.
إلى ذلك، يشير السياسي والأكاديمي الكردي حكيم عبد الكريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “وفد كرد تركيا الذي يزور إقليم كردستان حاليا سيلتقي بزعيمي الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني بافل طالباني”.
ويضيف عبد الكريم، أن “الوفد يحمل رسالة من عبد الله أوجلان إلى القيادات الكردية، يطلعهم على مضمون الرسالة الفيديوية التي سيعلنها للرأي العام في الأيام المقبلة، والتي تهدف لضمان الهدنة، ويطلب منهم المشاركة في المفاوضات مع أنقرة”.
وحول سبب لجوء الجانب التركي للمفاوضات مع حزب العمال، يذكر أن “ظهور إسرائيل كقوة في الشرق الأوسط، فضلا عن الوضع الاقتصادي السيئ للدولة التركية، أجبر أردوغان على التفاوض، وكذلك الضغوط التي مارسها زعيم الحركة القومية في تركيا دولت بهجلي، لإنهاء الصراع مع حزب العمال”.
ويعتقد السياسي الكردي، أن “الوجود التركي في العراق لا علاقة له بحزب العمال الكردستاني إطلاقاً، ولكن تركيا لديها أطماع في المنطقة، وحلم لاستعادة أراضي الدولة العثمانية، وهو الغرض نفسه من وجود قوات لها في ليبيا والصومال”.
كما يتوقع أن “تركيا لن تنسحب من قواعدها العسكرية في إقليم كردستان، ولا في شمال سوريا، ولن تنسحب بإرادتها، إلا إذا عملت الحكومة العراقية على طردها، باستخدام جميع الطرق الممكنة، دبلوماسيا، وسياسيا وقانونياً، باعتبار أن حجة وجودها قد انتهت”.
فيما يشير إلى أن “حكومة إقليم كردستان، والحزب الديمقراطي تحديدا، مرتبط ارتباطا قويا مع تركيا، ولا يمكن له فرض أي شروط، أو مطالبتها بالانسحاب، والجميع يعرف حجم الشراكة والمصالح الاقتصادية بين الطرفين، وبالتالي فإن وجود القواعد العسكرية التركية، أكبر بكثير من قضية وجود مسلحي حزب العمال”.
وذكرت صحيفة “آيدنليك” التركية أن وفدا من حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب حصل على ستة مقاطع فيديو لعبد الله أوجـلان لم يتم الكشف عنها للجمهور بعد. وقال عبد الرحيم السماوي، وهو شخصية تركية بارزة خدم سابقا في مجلس العقلاء خلال عملية السلام، إن الحكومة التركية وحزب الديمقراطية ومساواة الشعوب يمتلكان هذه المقاطع.
ووفقا للسماوي فإن أوجلان طلب من وفد إيمرالي زيارة زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني قبل الكشف عن محتوى الرسائل التي تتضمنها هذه المقاطع، مشيرا إلى أنه قد توصل إلى اتفاق مع الأتراك ويعتبر رأي بارزاني ذا أهمية كبيرة.