أثارت حادثة التسرب النفطي، أسئلة حول تسببها بتلوث مياه البحر، وفيما لم يستبعد خبير نفطي هذا الأمر الذي يؤثر مباشرة على سكان الدول الخليجية التي تعتمد على مياه البحر، قلل خبير آخر من هذه الفرضية، وأشار إلى أن هذه المياه لا فائدة منها سواء تلوثت أم لا.
ويقول خبير النفط والطاقة محمد هورامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التسريب النفطي يعتمد على الأنبوب، فإذا كان رئيسا فهذه كارثة، لأن التسريب سيكون كبيرا، أما إذا كان فرعيا فمن الممكن السيطرة عليه”.
ويضيف هورامي “كان من المفترض فور علمهم بالتسريب إيجاد الحل، فخلال فترة قصيرة تمت خسارة مليون برميل من النفط، وهو عبارة عن مواد دهنية ومواد كاربونية تلوث بيئة البحر ومضرة، فضلا عما تشكله من خسارة اقتصادية، كما يجب البحث عن الأسباب ومعرفة هل أن التسرب حدث لأن الأنبوب قديم أم بفعل فاعل، ويجب أن يكون هناك تحقيق في الموضوع”.
ويبين أن “تلوث مياه البحر العراقي يؤثر مباشرة على أوضاع العراق البيئية والاقتصادية، فالبحار متواصلة والبيئة ليس لها حدود، فعند تلويث منطقة معينة كأنما تلوثت جميع المناطق، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الماء والهواء، وخاصة ماء البحر، لأن هناك بعض الدول الخليجية تعتمد في مياه شربها على تحلية مياه البحر، وإذا تلوثت بنفط ومواد دهنية وكاربونية ستؤثر على جودة التحلية وعلى جودة المكائن، فهي حالة مضرة وغير طبيعية ويجب أن لا تحدث مرة أخرى”.
ويتابع هورامي أن “تلوث البيئة المائية يؤثر على الثروة السمكية وكل الحيوانات البحرية في المنطقة، فتسريب النفط يلوث بيئة البحر جميعها ويحتاج إلى فترة طويلة لينتشر ويخف تأثيره”.
يذكر أن فجر يوم الجمعة الماضي، كشفت وكالة رويترز، أن صادرات الخام من ميناء البصرة توقفت بسبب تسرب، وأن الأمر قد يستغرق أكثر من أسبوع، لكن شركة نفط البصرة، أعلنت صباحا أن الفرق الفنية والهندسية قد عالجت تسربا للنفط الخام في منظومة خزانات الفوائض في ميناء البصرة النفطي، وأن عمليات التحميل والتصدير من العوامات الأحادية لم تتوقف، ويتم التحميل منها بالمعدلات الطبيعية المخطط لها.
وكان الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، كشف في وقت سابق، عن تعطل الصادرات النفطية العراقية جزئيا مرتين خلال أسبوع واحد فقط، المرة الأولى امتد التوقف لمدة 16 ساعة يومي 8 و9 أيلول سبتمبر الحالي بسبب توقف العمل في منصات التحميل العائمة الخاصة بإرساء وإقلاع الناقلات بسبب وجود خلاف بين شركة نفط البصرة وشركة “دي.بي” الكورية المسؤولة عن خدمات الإرساء والإقلاع من ساحبات وفريق الربط للعوامات، والمرة الثانية كانت بسبب تسرب النفط في منظومة خزانات الفوائض في ميناء البصرة النفطي وهو ما أدى إلى انخفاض الصادرات النفطية بنحو 400 ألف برميل يوميا.
ووفقا للمرسومي فإنه مع الارتفاع الكبير المتوقع في إنتاج النفط العراقي وتصديره عن طريق البحر، فإن المخاطر الناجمة عن التلوث الطبيعي لعمليات النقل النفطية أو لحالات التسرب الممكن وقوعها ستكون أكثر وأكبر، يضاف إلى ذلك أن شبكة نقل النفط العراقية (الأنابيب) بلغت من الشيخوخة ما يعرضها لانهيارات جزئية في مفاصل حساسة قد تؤثر على البر العراقي وليس البحر فقط.
من جهته، يفيد الخبير النفطي حمزة الجواهري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “التسرب كان بسيطا وانتهى ولا يوجد أي شيء ينذر بوضع سيء قد يحدث مستقبلا، وحتى وإن حصل تلوث فلن يوثر على العراق اقتصاديا أو بيئيا، لأن مياه العراق البحرية هي لحركة السفن فقط، وحتى الصيد فيها محدود وقليل جدا ولا فائدة فيه”.
ويوضح الجواهري أن “هناك أنابيب ممدودة تحت المياه، ومنها المنصات العائمة، وهي 5 منصات، فضلا عن أنبوب في هور العمية وآخر في ميناء البصرة”، مبينا أن “تكلفة الأنبوب الواحد إذا أريد استبداله تتراوح بين 500 مليون ومليار دولار، إلا أن جميع هذه الأنابيب تحتوي على عنصر حماية يسمى الحماية الكاثودية، وهي تمنع التآكل، لذا لا يوجد ما يستوجب استبدالها”.
يشار إلى أن خبراء بالنفط من العراق وأمريكا، حذروا سابقا من أن الأنابيب الناقلة للنفط العراقي التي تصدر حاليا نحو 3.3 ملايين برميل يوميا عن طريق جزيرة الفاو وباقي الموانئ تستطيع أن تستوعب شحن وتصدير 1.6 مليون برميل يوميا من دون أي مخاطر للتسرب، وما زاد على ذلك فإنه خطر كبير قد تنجم عنه كارثة بيئية.
وكان وزير النفط إحسان عبد الجبار أعلن في وقت سابق، التزام العراق بتصدير كامل حصته المقررة بموجب اتفاق ومحددات “أوبك”، والعمل مع أعضاء المنظمة والمتحالفين معها من خارج المنظمة على تحقيق التوازن في الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن العراق يهدف إلى زيادة قدراته الإنتاجية والتصديرية خلال السنوات المقبلة، من خلال تعزيز الاستثمارات في قطاع النفط والطاقة.
كما أعلن وزير النفط، في وقت سابق، أن الطاقات الإنتاجية الحالية للنفط الخام في العراق تبلغ أربعة ملايين و800 ألف برميل يوميا، ويجري العمل على زيادتها إلى ستة ملايين برميل قبل حلول العام 2027 وثمانية ملايين برميل يوميا بنهاية العام 2027 وذلك بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.
وقررت منظمة أوبك، في آب أغسطس الماضي، زيادة إمدادات النفط لشهر تموز من سبع دول، من بينها العراق الذي ارتفع إنتاجه بمقدار 30 ألف برميل يوميا ليصل إلى 4,496 ملايين برميل يوميا.
ووفق منظمة أوبك، فإن إنتاج العراق النفطي ارتفع بمقدار 447 ألف برميل يوميا عن نفس الفترة من عام 2021.