واسط تحت وطأة النفايات.. وموقع الطمر يصدر انبعاثات سامة 

ليس بعيدا عن ما تعانيه مدن العراق، فمحافظة واسط هي الأخرى تعيش أزمة طمر النفايات…

ليس بعيدا عن ما تعانيه مدن العراق، فمحافظة واسط هي الأخرى تعيش أزمة طمر النفايات وفق المعايير البيئية، وباتت نفاياتها تشكل خطرا يهدد الصحة العامة، خاصة وأن النفايات الطبية لم تفصل عن الأخرى، ولم تعالج بشكل سليم.  

مسؤولون في المحافظة وناشطون شخصوا مشاكل عدم معالجة النفايات التي تطرح في المحافظة، ومنها فنية وأخرى تخص الروتين الحكومي، فضلا عن كشفهم لما تسببه مواقع طمر النفايات غير النظامية من مشاكل صحية للمواطنين، خاصة وأن المحافظة تشهد توسعا بتوزيع قطع الأراضي واستحداث مناطق سكنية وتجارية جديدة، دون أي خطط أو مشاريع حقيقية لمعالجة النفايات.

وحول مواقع الطمر الحالية في المحافظة، يقول مدير دائرة البيئة في محافظة واسط، عباس كاظم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الموقع الحالي الذي يتم فيه طمر النفايات لا يتوافق مع المواصفات التي يجب توافرها من ناحية آلية العمل، حيث يتم حرق النفايات مباشرة من دون إجراء عمليات الفصل لمكوناتها، ما يتسبب بانبعاث غازات سامة تؤثر على صحة المواطنين، فضلا عن تواجد أعداد كبيرة من العاملين في هذه المواقع وهم النباشة، والذين يمثلون الفئة الأكثر تعرضا للأمراض”.

ويضيف كاظم، أن “كميات النفايات التي تم رصدها في مواقع الطمر الصحي، لا تتجاوز الواحد كيلوغرام لكل فرد، وبعملية حسابية فإن مدينة الكوت مركز المحافظة تضم قرابة الـ500 ألف نسمة فقط، ما يعني أنها تطرح بالحد الأعلى يوميا 500 طن من النفايات”.

ويوضح، أن “عدم تناسب الكميات التي تطرحها المدينة من النفايات مع الحدود الدنيا لإنشاء معامل أهلية لتدويرها، حال دون إنشاء المعامل، إذ بات أن الأمر غير مقنع للمستثمرين”، مبينا أن “الحل الأمثل في هذه الحالة، يكون بإحالة تنفيذ المشروع إلى جهة حكومية تتبنى إنشاء هذه المعامل، مثل وزارة الاعمار والإسكان وبتمويل من قبل الدولة، بما يضمن التخلص من النفايات بأنواعها الصلبة والسائلة وكذلك السامة أيضا”. 

وكانت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2021، أشارت إلى أن عدد مواقع الطمر الصحي في العراق، بلغت 221 موقعا عدا إقليم كردستان، وأن من بين هذه المواقع 149 موقعا غير حاصل على الموافقة البيئية ومخالف للضوابط، أي هي مكبات للنفايات.

يشار إلى أن وزارة البيئة، أعلنت في تشرين الأول أكتوبر الماضي، عن توجه حكومي لتشريع قانون جديد لمعالجة المخلفات الصلبة، لإنتاج الطاقة الكهربائية واستثمار غاز الميثان، فيما أشارت إلى أن أمانة بغداد كان لديها في العام 2006 مشروع لتدوير النفايات، لكن لم يحصل على الموافقة بسبب وجود مقترحات لإنشاء مجمعات سكنية، وبالتالي فإنه سيؤثر على صحة المواطن، كما بينت آنذاك، أن كل شخص يخلّف يوميا من 1 إلى 1.25 كغم من المخلفات في عموم العراق، وفي محافظة بغداد يوميا تنتج ما بين 8 إلى 10 آلاف طن من المخلفات، 40 بالمئة منها نفايات عضوية أي بقايا الطعام.

وتضم المحافظات العراقية 265 مؤسسة بلدية معنية برفع النفايات، وأن عدد السكان المخدومين بخدمة جمع النفايات بلغوا أكثر من 23 مليون نسمة، من مجموع 43 مليونا.

من جانبه، يبين مدير بلدية مدينة الكوت علي عبد، مركز محافظة واسط، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الإجراءات الحكومية الحالية بملف الطمر الصحي وتدوير النفايات، انتهت بتخصيص قطعة أرض مساحتها 14 دونما في الكوت، تم دفع قيمتها البالغة  70 مليون دينار إلى دائرة عقارات الدولة، إلا أن الجهة المنفذة للمشروع لم تحدد إلى الآن”.

ويؤكد عبد، أن “دائرة البلدية تعمل على معالجة النفايات في الموقع الحالي وفق الإمكانات المتاحة من خلال الطمر في نفس المكان أو إجراء عمليات الحرق بين الحين والآخر، لتقليل الكميات التي تجمع في نفس المكان”.

وتعد ظاهرة حرق النفايات من الظواهر المنتشرة بكثرة في بغداد والمحافظات الأخرى، ودائما ما ترتفع غمامة سوداء تغطي سماء المنطقة مع رائحة كريهة، تستمر لساعات طوال، نتيجة لحرق النفايات.

يذكر أن هناك العديد من مشاريع إنشاء معامل لإعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى مواد صالحة للاستخدام، مثل الأسمدة أو فرز المواد الصلبة فيها، قد طرحت خلال الأعوام الماضية، لكن في العام 2014 وبسبب الأزمة المالية والحرب على تنظيم داعش توقفت أغلبها، ما دفع أمانة بغداد إلى طمرها بالطرق التقليدية.

إلى ذلك، يوضح الناشط محمد فياض، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المحافظة وبالرغم من ارتفاع أعداد المشاريع الخدمية فيها، إلا أنها لم تشهد توجها حقيقيا لتدوير النفايات أو معالجتها، ما تسبب بانتشار الأمراض الجلدية والتنفسية، خاصة للسكان القريبين من مواقع جمع النفايات”.

ويتهم الحكومات المحلية السابقة والحالية، بـ”إهمال هذا الملف المهم، فالمحافظة باتت بحاجة ماسة لمكبّات تخضع للمواصفات والضوابط البيئية، وأن تكون بعيدة عن المناطق السكنية، وهذا الأمر لم يعد يتحمل أي تأجيل، خاصة مع التوسع العمراني في المحافظة ومدينة الكوت تحديدا”.

وتعد العاصمة بغداد، من أكثر المدن التي تعاني من قضية عدم وجود مواقع طمر نفايات نظامية، حيث كشف معاون مدير دائرة المخلفات الصلبة والبيئة في أمانة بغداد أحمد عبد الإله، في وقت سابق، عن وجود ثلاث شركات إحداها تركية قدمت طلبات للاستثمار في مشروع تدوير النفايات وإنتاج الطاقة الكهربائية، فيما بين أن هناك مفاوضات مع وزارة الكهرباء لشراء الطاقة الكهربائية الناتجة عن المشروع، لكن البدء بهذا المشروع يحتاج إلى تشريعات قانونية تزيل العقبات من أمامه.

يشار إلى أن “العالم الجديد” كشفت في تقرير سابق أسباب تراكم النفايات في الأزقة والأماكن العامة، وبحسب مسؤولي بلديات فأنهم عزوا الأمر إلى “الفساد والرشى” ونقص في الآليات والأيدي العاملة و”الإهمال” الحكومي.

إقرأ أيضا