صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

واشنطن بوست: الاستعمار واحتلال بغداد في 2003 وإيران والسعودية وراء تنامي الصراع الطائفي في العراق

على مدى الأشهر القليلة الماضية، أصبحت منطقة الشرق الأوسط المكان الأكثر عنفا. إذ ان العراق عاد الان ليصبح موطنا لواحدة من أكثر الحروب المدنية دموية في العالم، بعد حرب سورية التي تعتبر الأسوأ.

ويرى الكثير من المراقبين هذه الفظائع وهم مقتنعون بأن سببها الولايات المتحدة \”واشنطن\” ونهج إدارة أوباما \”السلبي\” تجاه المنطقة وسماحه للمنطقة بعدم الاستقرار. ففي الواقع، إن آخر ما تحتاجه المنطقة هو المزيد من التدخل الأمريكي.

ويقول الكاتب فريد زكريا في تقرير منشور بـ\”واشنطن بوست\” أمس السبت، ان \”الشرق الأوسط  في خضم صراع طائفي، كالصراع الذي دار بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا أبان عصر الاصلاح. حيث تمتد جذور هذه التوترات في التاريخ والسياسة و لن تختفي بسهولة\”.

ويرى الكاتب، في التقرير الذي ترجمته \”العالم الجديد\”، ان \”ثلاث عوامل أدت بنا إلى هذا الوضع. اولها ، هيكلة دول الشرق الأوسط، فقد تم إنشاء الشرق الأوسط الحديث من قبل القوى الاستعمارية في نهاية الحرب العالمية الأولى، بريطانيا وفرنسا، وغالبا مع التدبر القليل، وكانت تتألف من مجموعات متباينة ليس لديها تاريخ وتكون محكومة من قبل كيان واحد. فالعراق على سبيل المثال، تم تشكيله من قبل تجميع ثلاث محافظات عثمانية تحمل القليل من القواسم المشتركة\”.

ويضيف \”غالبا ما اختارت القوى الاستعمارية مجموعة من الحكام الذين جاؤوا من مجموعة من الأقليات. حيث كانت الاستراتيجية الماكرة ونظام الأقلية يحتاج دائما مساعدة من بعض القوى الخارجية للحكم\”.

ويبين \”وهكذا فان الفرنسيين عندما واجهوا تمردا من القومية في سورية في 1930 و1940، قاموا بتجنيد عدد كبير من الاقلية العلوية المضطهدة، للسيطرة على الجيش، وعلى وجه الخصوص، سلك الضباط من البلاد\”.

ويستمر بالقول \”أما العامل الثاني، كان في العمل المتصاعد من قبل الأصولية الإسلامية وأسبابه مختلفة، مثل تزايد الافكارالعربية السعودية وصادراتها من الأفكار الوهابية المتزمتة، والثورة الإيرانية وتشويه سمعة التغريب، كما تحولت الجمهوريات العلمانية في المنطقة إلى ديكتاتوريات عسكرية\”.

ويتابع زكريا قائلا، إن \”الدول الأكثر أهمية في الشرق الأوسط كمصر جمال عبد الناصر، على سبيل المثال لم تكن طائفية في الواقع، فقد كانت تشدد على العقلية العلمانية. لكن مع مرور الوقت، فشلت هذه الأنظمة، ووجهت على نحو متزايد من القبائل خاصة التي كانت موالية لهم. أما عراق صدام حسين فقد تخلص من الطائفية  بشكل متطرف أقل ما يقال في ذلك من قبل 1990\”.

ويشير الكاتب الى انه \”غالبا ما تكون الطائفية قد عززت الأنماط القائمة للهيمنة. فعندما اسافر للشرق الأوسط، كنت كثيرا ما أسمع أن هذه الاختلافات بين السنة والشيعة هي مجرد اختراع  وأن الناس دائما يعيشون معا بسعادة في الايام الخوالي. وكنت تسمع هذه التعليقات على الاغلب من السنة، الذين يفترض أن يكونوا إخوانهم الشيعة، والذين نادرا ما يشاهد أو يسمع عنهم في أروقة السلطة، فقد كان المحتوى تماما مع وضعهم المرؤوس\”.

ويلفت الى أن \”العامل الثالث فهو ينطوي على واشنطن بعمق. فغزو العراق كان عمل تسارع الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط، وكان قرار إدارة الرئيس جورج دبليو بوش للاطاحة بنظام صدام حسين وتفكيك جميع الهياكل التابعة للسنة في السلطة ومن ثم تسليم الدولة العراقية للأحزاب الدينية الشيعية\”.

وويوضح زكريا ان \”واشنطن في تلك الأيام تستهلك فكرة تحويل منطقة الشرق الأوسط والدفع بالقليل من الاهتمام للإبعاد الطائفية بعد ان اطلق العنان لها\”.

ويلفت \”التقيت رئيس الوزراء العراقي الحالي، نوري المالكي عام 2005 وسألته عن الشيعة المتشددة، واجاب (ان ذلك لا ينضب في آرائه الدينية و العقابية تجاه السنة)\”.

ويعود الكاتب ويقول \”لا يبدو لي كرجل يريد المصالحة الوطنية، فمن الواضح ايضا أنه بعد أن عاش في المنفى في سورية وإيران لما يقارب العقدين من الزمن، كان المالكي على مقربة من كل من تلك الأنظمة، التي كان قد لجأ اليها وزملاؤه. لكن مسؤولين في إدارة بوش، رفضو هذه المخاوف، وذكروا ان المالكي يعتقد في الديمقراطية والتعددية\”.

ويؤكد ان \”عواقب هذه السياسات باتت الآن واضحة. إذ شرع بعض التيارات الشيعية في قمع أهل السنة على ما يبدو بمباركة واشنطن. وفروا من البلاد، الى غير رجعة، حيث غادر البلاد أكثر من 2 مليون عراقي معظمهم من الاقلية السنية والمسيحيين في العراق الذين لا زالوا يملكون أوهام السلطة، و بدأ القتال مرة أخرى بين المتمردين الذين اصبحوا أكثر تطرفا وانتموا الى الجهات الاسلامية. التي ترتبط مع القبائل عن طريق الدم و القرابة إلى القبائل السنية وبمساندة الدول المجاورة سورية\”.

إقرأ أيضا