فيما يستعد العراقيون لاستقبال العام الجديد بشيء من التفاؤل، يخيم الحزن على عوائل الناشطين الذين اغتيلوا خلال العام الحالي، ومن بينها عائلة الناشط صلاح العراقي الذي اغتيل في سوق مكتظة وسط العاصمة بغداد منتصف كانون الأول ديسمبر الحالي.
توجهت “العالم الجديد” الى والد صلاح المثقل بالهموم، بسؤال حول تطورات التحقيق في مقتل نجله، ليرد بلوعة باديةٍ على محياه، أن “قتلة صلاح هم أحزاب السلطة والجماعات المسلحة، الذين هم في الحقيقية أقوى من الحكومة”
ويقول حسن غالب (60 عاما) والد صلاح، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “صلاح لم يعتد على أحد، بل كل ما يفعله المطالبة بحقه وحق الشعب المحروم، ولم ينضم الى جهات حزبية او مجاميع خارجة عن القانون”.
ويضيف غالب “كان يدعو الى إعادة الحقوق المسلوبة بالسلمية، لكن ايادي الغدر نالت منه لانها تخشى على مصالحها وترى في صلاح واقرانه ما يهدد بقاءها في السلطة والنفوذ”.
وفي 15 كانون الاول ديسمبر الحالي، اغتيل صلاح بخمس رصاصات من قبل مسلحين مجهولين خلال تواجده في محل عمله بمنطقة بغداد الجديدة شرقي العاصمة، وقرب نقاط أمنية كثيرة منتشرة.
ويبدي غانم، إحباطا شديدا من إجراءات الحكومة في الكشف عن الجناة، قائلا “لا أعول على الحكومة في كشف القاتل، فقد فشلت القوات الامنية سابقا في الكشف عن قتلة الضحايا السابقين”، مستذكرا قضية مقتل الباحث والخبير الامني هشام الهاشمي، بالقول ان “الهاشمي شخص مهم ومؤثر في البلاد، وتربطه علاقات مع رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان، وحتى الان لم يكشف عن القتلة، فكيف بصلاح”.
ويؤكد أن “الحكومة غير جادة في محاسبة القتلة وكشفهم للشعب، لان السلاح منفلت والقتلة يمتلكون سطوة أقوى من الحكومة في البلد او ان الحكومة متواطئة معهم”، خاتماً كلامه برسالة وجهها للمحتجين اصدقاء صلاح “اعتبركم كلكم صلاح”.
كيف قتل صلاح؟
الى ذلك، يبين كرار وهو صديق مقرب لصلاح، في حديثه لـ”العالم الجديد” قائلا “بعد عودة صلاح من ساحة التحرير، حيث كان هناك مع اصدقائنا في وقفة احتجاجية تضامنية مع تظاهرات محافظة السليمانية بإقليم كردستان، الى الكشك الذي يبيع فيه اكسسوارات للهواتف النقالة كمصدر لمعيشته، والواقع على أحد الأرصفة في منطقة بغداد الجديدة، وصلت دراجة نارية كانت تقل مسلحين يتابعون تحركاته، حيث ترجل منها اثنان، وهما يحملان مسدسا كاتما للصوت”.
ويوضح أن “صلاح حاول الفرار من قبضتهم، بحسب الشهادات التي حصلنا عليها من المتواجدين في محل الحادث، فقاموا بملاحقته داخل السوق الذي كان يعمل فيه، وأمطروا جسده بوابل من الرصاص ليرتقي شهيدا، ولاذوا باتجاه منطقة الدورة جنوبي العاصمة”،
ويتساءل كرار “كيف لمجموعة تنفذ عملية قتل بحق مدني وتختفي بهذه السهولة، خاصة وأن المكان الذي قتل فيه صلاح لا يمكن الوصول اليه إلا بالمرور عبر إحدى السيطرات الأمنية (نقاط التفتيش)، إضافة الى ذلك، فان الوقت الذي نفذت فيه الجريمة، هو وقت الذروة، وأن حركة الناس كانت طبيعية وقوات الامن منتشرة في المكان”.
من جهته، يسرد سلوان عدنان، وهو أحد رفقاء صلاح خلال التظاهرات والاعتصامات في ساحة التحرير، لحظة سماعه نبأ اغتياله “صدمت حينما اتصل بي احد الاصدقاء، لينقل لي الخبر الحزين”، لافتا بالقول “كنت اعلم انه مهدد بسبب منشوراته في وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل جهة معينة، إلا اني كنت استبعد ملاحقته بهذه السرعة”.
ويتابع عدنان “كنت اتمنى ان اراه قبل ان يودع الحياة، لكنه وصل جثة بلا روح الى المستشفى”، مبينا أن “صلاح شهيد كلمة، وان مسلسل الاغتيالات لن يقف، فالجميع مهدد”.
وشهد العراق سلسلة اغتيالات منذ انطلاق التظاهرات في تشرين الاول اكتوبر 2019، وسقط ضحية هذه العمليات الكثير من الشخصيات البارزة، منهم الخبير الامني هشام الهاشمي، الذي اغتيل في 6 تموز يوليو الماضي، امام منزله في العاصمة بغداد، أما في محافظات الجنوب، فقد اغتيلت الناشطة رهام يعقوب في 19 اب اغسطس الماضي، على يد مسلحين مجهولين كانوا يستقلون دراجة نارية، بالاضافة الى ناشطين كثر، بينهم فاهم الطائي وثائر الطيب وعلي اللامي وغيرهم، فضلا عن نجاة عدد من الذين تعرضوا لحالات الاغتيال ولازال طالت الدكتورة ريم (معالجة في فترة احتجاجات تشرين) والناشط اكرم عذاب الذي يرقد الان في المستشفى اثر اصابته بخمسة رصاصات.
ولم تصل تحقيقات الجهات الامنية ولا الحكومة العراقية الى منفذي جرائم الاغتيال، رغم الوعود التي أطلقها الكاظمي بضرورة ملاحقة القتلة ومحاسبتهم.