صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

وثيقة تكشفها.. القصة الكاملة للنزاع على أكبر عقار في بغداد

حصلت “العالم الجديد” على وثيقة تكشف بالتفصيل، النزاع القانوني على عقار وزارة الشباب والرياضة الواقع وسط بغداد، ورفض الأخيرة لطلب وزارة المالية بإخلائه، متهمةً الأخيرة بتوقيع عقد غير قانوني مع إحدى الشركات المستثمرة لتحويل أرضها الممتدة على مساحة 376 دونما إلى مجمع سكني، رغم أنها تضم المقر الرئيس للوزارة ودوائرها، فضلا عن عشرات المنشآت والقاعات الرياضية التي تخدم مختلف الاتحادات، وأنفقت على إنشائها مئات المليارات من الدنانير (مئات ملايين الدولارات).

حصلت “العالم الجديد” على وثيقة تكشف بالتفصيل، النزاع القانوني على عقار وزارة الشباب والرياضة الواقع وسط بغداد، ورفض الأخيرة لطلب وزارة المالية بإخلائه، متهمةً الأخيرة بتوقيع عقد غير قانوني مع إحدى الشركات المستثمرة لتحويل أرضها الممتدة على مساحة 376 دونما إلى مجمع سكني، رغم أنها تضم المقر الرئيس للوزارة ودوائرها، فضلا عن عشرات المنشآت والقاعات الرياضية التي تخدم مختلف الاتحادات، وأنفقت على إنشائها مئات المليارات من الدنانير (مئات ملايين الدولارات).

وتؤكد الوثيقة الصادرة عن وزارة الشباب والرياضة، (تتحفظ “العالم الجديد” على نشرها مراعاة لسرية المصدر)، والموجهة إلى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بعنوان “سري وشخصي”، أن “العقار رقم 4/20264/ م11 مزرعة حمدي، هو ملك صرف من أملاك وزارة الشباب الملغاة بالقانون رقم 96 لسنة 1987، والذي ألغي (القانون) بموجب المادة 15/ ثالثاً من قانون وزارة الشباب والرياضة رقم 35 لسنة 2011″، لافتا إلى أن “هذا العقار يمثل الأبنية القديمة للوزارة، الملغاة والحالية”.

وتقع الأرض المسماة مزرعة حمدي، قرب منطقة زيونة وسط العاصمة بغداد، ويروى أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى حمدي الباججي الذي تولى رئاسة الوزراء في العراق عام 1944.

وتشير الوثيقة، إلى أن “ملكية العقار نقلت من وزارة الشباب إلى اللجنة الأولمبية، استنادا إلى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 4824 في 4/10/1987 إذ سجلت باسم اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية عام 1990 بالعدد 4/ حزيران 1990”. 

وألغيت وزارة الشباب والرياضة عام 1987 بموجب قانون صدر عن مجلس قيادة الثورة آنذاك، وتحوّلت ممتلكاتها إلى اللجنة الأولمبية، وبقيت ملغاة حتى 2003، قبل أن يصبح وجودها قانونيا بموجب قانونها الذي أقره مجلس النواب في 2011.

يذكر أنه صدر حكم قضائي أولي بإخلاء المبنى بالكامل، بناءً على طلب من وزارة المالية التي تعتبر نفسها مالكة العقار، من أجل تسليمه لشركة مستثمرة بهدف تشييد مجمع سكني عليه، الأمر الذي شكل صدمة للجمهور والرياضيين بعمومهم.

وتتابع الوثيقة، أن “العقار جرى تخصيصه إلى وزارة الشباب والرياضة بموجب الأمر التشريعي رقم 6 لسنة 2004، بالعدد 121 في 3/2/2005 حسب كتاب مديرية التسجيل العقاري في الرصافة الأولى بالعدد 1528 في 6/2 / 2006”.

يذكر أن الأمر التشريعي رقم 6 لسنة 2004 والذي صدر إبان حكومة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، ينص على أن تؤول العقارات التي كانت مملوكة لوزارة الشباب الملغاة بالقانون رقم 96 لسنة 1987 إلى وزارة المالية وتسجل في دوائر التسجيل العقاري ملكا باسم وزارة المالية، لافتا في المادة الثانية منه، إلى أن هذه العقارات تخصص إلى وزارة الشباب والرياضة وتستخدم لأغراضها ونشاطاتها المختلفة، مع أن تلغى كافة القوانين والقرارات والتوجيهات التي تضمنت تخصيص او تمليك تلك العقارات المنوه عنها في المادتين الاولى والثانية من هذا الأمر لأية جهة كانت.

وتشير الوثيقة أيضاً إلى “كتاب وزارة المالية/ الدائرة الإدارية/ الاستشارات في 3/5/2010 والمتضمن أن المادة الأولى من الأمر رقم 6 لسنة 2004 نصت على أن تؤول العقارات التي كانت مملوكة لوزارة الشباب والرياضة الملغاة إلى وزارة المالية وتسجل في دوائر التسجيل العقاري ملكا باسم وزارة المالية، على أن تخصص إلى وزارة الشباب والرياضة وتستخدم لأغراضها ونشاطاتها المختلفة”، مؤكدة أن “الأمر منوط تنفيذه بدوائر التسجيل العقاري وتتم المتابعة من قبل وزارتنا كونها الوزارة المعنية التي تعلم بجميع الأملاك المنقولة منها وفق القانون رقم 96 لسنة 1987”.

كتاب مديرية التسجيل العقاري في الرصافة الأولى ذي العدد 6813 في 2010 أيّد عائدية العقارات إلى وزارة الشباب والرياضة منذ العام 1970 ولغاية نفاذ القانون رقم 96 لسنة 1987 الذي ألغى الوزارة، بحسب الوثيقة.

لكن وزارة المالية “ألغت تخصيص العقار لأغراض وزارة الشباب والرياضة في عام 2018 بعدما وجهت كتابا إلى مديرية التسجيل العقاري في دائرة الرصافة الأولى لتسجيل العقار خاليا من التخصيص، “خلافا للأمر التشريعي رقم 6 لسنة 2004″، كما تنص الوثيقة.

وتفيد أيضا بأن “وزارة الشباب والرياضة أبرمت أكثر من 48 عقدا لتصميم وتنفيذ أعمال تخص المدينة الشبابية بمئات المليارات (الدنانير) التي صرفت من الموازنات العامة للوزارة للسنوات السابقة، كما يتضمن العقار الأبنية الخاصة بمقر دوائر وزارة الشباب والرياضة، فضلا عن دوائر خدمية ومستشفيات تخصصية في الطب الرياضي بمساحة أكثر من 376 دونماً”.

وتقول وزارة الشباب، بحسب الوثيقة، إنها “فوجئت ومن دون أي سابق إنذار أو علم بقيام وزارة المالية بإبرام عقد استثماري لبناء مجمع سكني على قطعة الأرض دون الرجوع إلى وزارتنا صاحب التخصيص”.

وتتابع الوثيقة، أن “وزير الشباب والرياضة السابق (عدنان درجال) طرح الموضوع في مجلس الوزراء وقد وجه رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بموجب كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء في 18/2/2021 بتشكيل لجنة برئاسة نائب الأمين العام لمجلس الوزراء وعضوية مدراء عامين من دائرة عقارات الدولة والتسجيل العقاري والشباب والرياضة لتتولى التأكد من توافر الشروط القانونية لإعادة تخصيص العقار إلى الشباب والرياضة”.

وتكمل أن “اللجنة قامت بجميع الإجراءات اللازمة وفحصت جميع الوثائق واطلعت ميدانيا على البنى التحتية المنتشرة في المدينة الشبابية وقدمت مجموعة من المقترحات، وبعد أن ثبت للجنة أن تصرف وزارة المالية في العقار كان خلافا للقوانين النافذة، تقدمت بمجموعة توصيات نصت صراحة على أن المالية قد تصرفت بالعقار خلافا للأمر التشريعي وأن العقار مخصص لوزارة الشباب والرياضة وفقا للقوانين النافذة”.

وتضمنت التوصيات، وفقا للوثيقة “عدم مشروعية إلغاء تخصيص العقار لوزارة الشباب كونه مخصصا بقانون، وعلى وزارة المالية تعويض المستثمر بقطعة أرض أخرى، وإعلام وزارة الشباب والرياضة بعدم جواز استخدام العقار بغير الأغراض المحددة له في قانون وزارة الشباب والرياضة رقم 25 لسنة 2011”.

كما أوردت الوثيقة دعاوى قضائية، إحداها أقامتها اللجنة الأولمبية بغية إلزام وزيري المالية والعدل بإبطال قيد العقار وتسجيله باسمها، مشيرة إلى دعوى أخرى أقامتها شركة كاسو (التي أحيل عليها تنفيذ المشروع السكني من قبل وزارة المالية) لاستحصال حكم يقضي بإلزام وزارة الشباب بمنع معارضتها بالعقار، وصدر قرار لصالح الشركة دون مراعاة طلب الوزارة في الاعتراض بناء على تقرير “لم يكن دقيقا وشاملا ولم يتضمن المشاريع الهندسية والتصاميم المزمع إنشاؤها لاحقا”، بحسب وصف الوزارة.

وتطالب وزارة الشباب، بحسب الوثيقة، رئيس الوزراء بـ”التدخل لحسم الموضوع خدمة للصالح العام والحفاظ على أموال الدولة وإعادة تخصيص العقار لوزارتنا، كونه من أهم الفضاءات التي يقضي الشباب فيها شواغلهم وهو المكان الوحيد في بغداد الذي تستخدمه المنتخبات الوطنية والأندية للمشاركة في البطولات والمنافسات الوطنية والدولية”.

وكان المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، حسام حسن، أكد في لقاء متلفز الأسبوع الماضي، أن الوزير أحمد المبرقع، عقد اجتماعا مع السوداني الذي أبدى اهتمامه بإخلاء أراضي وزارة الشباب والرياضة، موعزا بتشكيل لجان خاصة بمتابعته شخصياً لأجل إيجاد الحلول المناسبة.

يشار إلى أن عددا من الرياضيين، يمثلون اتحادات وألعاب مختلفة، أقاموا في أواخر آب أغسطس الماضي، تظاهرة في محيط وزارة الشباب والرياضة، للتعبير عن رفضها لقرار تسليم مبنى الوزارة إلى أحد المستثمرين. 

 

إقرأ أيضا