في الوقت الذي يشهد فيه العراق تصاعدا بمعدل الجريمة التي تختلف تفاصيلها من واحدة لأخرى نتيجة للوضع الاقتصادي المتراجع، فضلا عن التحولات التي يمر بها المجتمع التي باتت تهدد تماسكه ومبادئه، ومع توجه البلاد لبناء علاقات متطورة مع الدول بمحاولة لإعادة البلد الى “المثلث الدولي” بعد فترة انقطاع، وقع العراق وإسبانيا، اليوم الأربعاء، اتفاقية التعاون في مجال الأمن ومكافحة الجريمة.
يشار إلى أن إسبانيا كانت أيضا جزءا من بعثة الناتو التي تأسست في العراق عام 2018، حيث ارسلت ما يقارب الـ550 جنديا استشاريا لدعم مساعي تحقيق الاستقرار ومحاربة الإرهاب.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، رعى اليوم، مراسم توقيع اتفاقية التعاون بين العراق وإسبانيا في مجال الأمن ومكافحة الجريمة”، مبينا ان “الاتفاقية وقعها عن العراق وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، فيما وقعها عن الجانب الإسباني، وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا”.
وأضاف المكتب، أن “الاتفاقية تندرج ضمن رغبة البلدين في تطوير العلاقات الثنائية، وتعزيز التعاون المشترك في جميع المجالات ومنها المجال الأمني، حيث تتضمن تعاون الطرفين في ما يخص مكافحة الإرهاب، والجرائم الجنائية، وجرائم تصنيع المخدرات والاتجار بالبشر، والابتزاز وغيرها”.
وتابع المكتب، “وفي إطار الاتفاقية سيتم تبادل الخبرات والمعلومات بين البلدين، لاسيما في مجال استخدام التكنولوجيا والاساليب والوسائل المستخدمة في التحقيقات الجنائية، وتقديم المساعدة الفنية والعلمية، وإرسال فرق فنية متخصصة بين الجانبين”.
وكان وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، وصل صباح اليوم الأربعاء، في زيارة رسمية الى العاصمة بغداد، حيث تم إستقباله والوفد المرافق معه، من قبل وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، في مقر الوزارة، بحضور عدد من القادة الأمنيين والضباط.
فيما عقد الشمري مع نظيره الإسباني، اجتماعاً بحضور عدد من المسؤولين الإسبان وقادة وزارة الداخلية العراقية، وبحث الجانبان جملة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك من بينها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والمخدرات، كما جرت مناقشة التعاون في مجال التدريب وبناء القدرات، فضلاً عن الأمن السيبراني وتبادل الخبرات والمعلومات وعدد من الموضوعات المطروحة على جدول أعمال هذه الزيارة الرسمية”.
وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي نعمة، في 21 نيسان أبريل الجاري، إرتباط مافيات الجريمة في العراق بأخرى في الخارج، مطالبا الحكومة بالتنسيق الدولي للحد من انتشارها.
جاء ذلك، بعد كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي، عن تسجيل العراق 2300 ضحية، وتمكن من القبض على أكثر من 1800 شبكة ومجرم بالاتجار بالبشر، خلال السنوات الثلاث الماضية.
يشار إلى أن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أجرى في 27 تشرين الثاني نوفمبر 2024، زيارة رسمية إلى العاصمة الإسبانية مدريد، حيث تم خلالها توقيع 7 مذكرات تفاهم مشتركة بين البلدين وبسقف مالي يتراوح بين 200 مليون يورو إلى مليار يورو لتغطية مشاريع ينفذها القطاعان الخاصان العراقي والإسباني.
وعلى مدى العقدين الماضيين، شهدت العلاقات العراقية الإسبانية تطورا نوعيا غير مسبوقا، بداية من مشاركة إسبانيا بحرب 2003 والإطاحة بالنظام السابق وصولا إلى مشاركتها بالتحالف الدولي ضد تنظيم داعش.
وكانت زيارة رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، إلى بغداد، في ديسمبر كانون الأول 20023، جاءت لتدعم خطواتها السابقة في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث صبت الزيارة في مساعي العراق إلى الاعتراف بفلسطين دولة، وإيقاف الحرب المدمرة ضد قطاع غزة، فضلا عن انهاء وجود التحالف الدولي بالعراق.
الجدير بالذكر أن العلاقة بين إسبانيا وإسرائيل تشهد توترا كبيرا، لاسيما بعد الحرب على غزة، حيث ندد رئيس حكومة إسبانيا في تشرين الثاني نوفمبر العام الماضي بقتل إسرائيل للمدنيين الأبرياء بلا تمييز، حاثا المجتمع الدولي إلى الاعتراف بدولة فلسطين، الامر الذي دفع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الى استدعاء السفير الاسباني في تل ابيب وتسليمه رسالة احتجاج.