في ظل التوترات الداخلية والخارجية التي تعصف في البلاد، أجرى وزير الداخلية الإيراني إسكندر مومني بصحبة قيادات أمنية رفيعة المستوى، اليوم السبت، زيارة رسمية الى العاصمة بغداد تلبية لدعوة من نظيره العراقي عبد الأمير الشمري، حيث تتصدر قضايا أمن الحدود وخلافات الحشد اهتماماته
وذكرت مصادر مطلعة، اليوم السبت، أبرز الملفات التي سيبحثها مؤمني خلال زيارته إلى بغداد.
وقالت المصادر لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة وزير الداخلية الإيراني إسكندر مومني سوف تستمر يومين، سيلتقي خلالها عددا من المسؤولين العراقيين لبحث مشاكل الحدود والإرهاب وتطورات المنطقة”.
وأضافت أن “الزيارة سوف تستكمل أيضا المباحثات التي أجراها رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، قبل ثلاثة أيام، في طهران والتي تتعلق بخلافات هيئة الحشد والتغييرات المرتقبة التي ستطال قادته”.
وكانت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، ذكرت في تقرير لها، صباح اليوم السبت، أن “وزير الداخلية اسكندر مؤمني، وصل بدعوة رسمية من نظيره العراقي إلى العراق اليومي زيارة تستغرق يومين، وقد قام باستقباله نائب وزير الداخلية العراقي الفريق زياد زياد، وسفير إيران محمد كاظم الصادق.
وأضافت أن “هذه الزيارة تهدف الى مناقشة العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ومكافحة الإرهاب ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والتعاون في قضايا الحدود وحل مشاكل الحدود، فضلا عن التنسيق الأولي لمراسم الأربعين.
ولفتت إلى أنه “يرافق علي أكبر بورجمشيديان، نائب وزير الأمن وإنفاذ القانون، والعميد سيد تيمور حسيني، رئيس شرطة راهور فراجا، مؤمني في هذه الرحلة”.
وأجرى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، في 18 شباط فبراير الجاري، زيارة لم يجر الإعلان عنها مسبقاً، إلى العاصمة الإيرانية طهران هي الثانية من نوعها خلال عدة أشهر، حيث يتصدر ملف الحشد الشعبي مباحثاته هناك.
ولم يذكر الحشد الشعبي، حتى هذه اللحظة (وقت كتابة الخبر)، أي تفاصيل حول زيارة الفياض إلى إيران، إلا أن وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، ذكرت في حينها، إن “زعيم الحشد الشعبي فالح الفياض أجرى زيارة ذات طبيعة أمنية إلى العاصمة الإيرانية طهران، التقى خلالها بأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وممثل قائد الثورة الإسلامية، علي أكبر أحمديان”.
وأضافت أن “الفياض ناقش العلاقات الثنائية، وآخر الأوضاع في المنطقة، والتهديدات المشتركة التي يتعرض لها البلدان”.
وأشار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بحسب الوكالة، إلى أن “العلاقات بين البلدين وثيقة وأخوية للغاية”، مؤكداً “دعم إيران الشامل للعراق”.
إلا أن مصادر مطلعة ذكرت لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة الفياض إلى طهران جاءت لبحث ملفات تتعلق بالحشد الشعبي، حيث هناك خلافات حادة داخل الهيئة حول تغييرات مرتقبة يجري التحضير لها، قد تطال الفياض نفسه لاسيما مع تصاعد الجدل في العراق حول تشريع قانون تقاعد الحشد”.
وأضافت أن “الفياض جاء لبحث الدعم له من قبل إيران للبقاء في منصبه لحين إجراء الانتخابات المقبلة”.
ومنذ أيام تتسع حدة الخلافات بين الأجنحة السياسية للفصائل وأحزاب ضمن التحالف الحاكم في العراق،ال إطار التنسيقي، إزاء مشروع قانون “الحشد الشعبي” الموجود حالياً في البرلمان والذي يحتوي على فقرات متعلقة بسن الإحالة على التقاعد، وامتيازات الحشد المالية والوظيفية، إلى جانب تحديد المناصب القيادية فيه
وكشف النائب عن كتلة صادقون النيابية، رفيق الصالحي، أمس الاثنين، عن اتفاق الكتل السياسية على حسم قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي في الجلسة المقبلة للبرلمان، جاء ذلك بعد إجتماع سريع لرئيس منظمة بدر هادي العامري مع النائب الأول لرئيس المجلس محسن المندلاوي بحضور رؤساء الكتل السياسية في الإطار التنسيقي داخل البرلمان.
وأعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، في 16 شباط فبراير الجاري، مقاطعته لجلسات البرلمان لحين إدراج قانون الحشد الشعبي، في خطوة تصعيدية للدفع باتجاه التصويت على القانون.
وينقسم الإطار التنسيقي بشأن قانون الحشد، إلى معسكرين متباينين، الأول، يقوده ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق، والذي يتمسك بتمرير القانون دون النظر إلى تبعاته، حتى لو أدى إلى استبعاد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وعدد من القيادات، طالما أنه يضمن حقوق مئات الآلاف من المقاتلين ويحافظ على استقرار المؤسسة الأمنية.
والثاني منظمة بدر ومعها بقية قوى الإطار، حيث يتمسكون ببقاء الفياض في منصبه، خشية أن يؤدي تعيين بديل “متشدد” إلى إحراج الحكومة أمام الأطراف الدولية، وهو ما يلقى دعم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
ويمثل تعديل قانون تقاعد هيئة الحشد الشعبي، إحدى القضايا المعقدة والمثيرة للجدل في المشهد السياسي العراقي، ففي عام 2024، أرسلت الحكومة تعديلا للقانون، يتضمن وضع حدود دنيا وعليا لرواتب منتسبي الحشد والسن القانونية للتقاعد، إلا أن مجلس النواب أخفق في التوصل لصيغة توافقية على القانون، في جلسته التي عقدت في الرابع 4 شباط فبراير الحالي، وتم رفعه من جدول الأعمال.
ويثار الجدل حول السن القانونية للتقاعد، المنصوص عليها في القانون، وسرت أنباء أن إقراره يعني إقالة رئيس الهيئة فالح الفياض، الأمر الذي تسبب بتأجيل إقراره، لكن بالمقابل نفى الإطار التنسيقي أكثر من مرة التوجه لإقالة الفياض.
وكان عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفايز، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “إمكانية تكرار تمرير القوانين بطريقة السلة الواحدة بعد إبطال الأمر الولائي الخاص بها من قبل محكمة التمييز الاتحادية، واردة جدا”، مبينا أن “القوانين الجديدة وطرق تشريعها في مجلس النواب تعتمد بالدرجة الأساس على الاتفاق السياسي بين زعامات الكتل ونوابهم، ولذلك يتم تمرير القوانين بطريقة توافقية بغض النظر عن الصياغات والبنود والفقرات الموجودة”، فيما أكد أن “قانون تقاعد الحشد الشعبي وحل المساءلة والعدالة وسلم الرواتب، كلها مطروحة لتمرر في الفترة المقبلة”.