وسط سباق محموم.. التغيير تعلن «عدم مشاركتها» في حكومة كردستان والعودة للمعارضة

تشهد مدن إقليم كردستان وساحاته الرئيسية سباقًا محموما بين الأحزاب لرفع صور الدعاية الانتخابية، التي تتضمن غالبا اسم المرشح وانتمائه الحزبي، إلى جانب الشعارات التي تسعى لدغدغة الشارع الانتخابي وكسب ميول المواطنين، في ظل ظروف استثنائية تجرى خلالها الانتخابات.

ومع تصاعد خلافات الحزبين الحاكمين في الإقليم الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، أعلنت حركة التغيير عدم المشاركة في حكومة كردستان والعودة إلى المعارضة، مؤكدة أن المشاركة في الحكومة كانت خطوة خاطئة.

ومن المقرر أن تجرى انتخابات برلمان كردستان في الـ20 من شهر تشرين الأول أكتوبر المقبل، وذلك بعد مخاض عسير وسلسلة تأجيلات طالتها، قبل أن يصدر رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني مرسوما إقليميا يتضمن تحديد الموعد الجديد، وستنفذها مفوضية الانتخابات الاتحادية، بعد حل مفوضية انتخابات الإقليم.

إذ قال دانا أحمد مجيد، المنسق العام لحركة التغيير (گۆڕان) بالوكالة، في رسالة فيديو، اطلعت عليها “العالم الجديد”، “نحن نراقب بعين النقد مشاركتنا في الحكومة ونعتبرها تجربة غير ناجحة، وندعو أنصار التغيير إلى التسامح”، لافتاً إلى أن “الحركة بصدد إطلاق عملية (مراجعة عميقة داخلية) على أمل أن تعيد التغيير إلى مكانتها المستحقة”.

وأضاف أنهم الآن “بصدد إجراء مراجعة شاملة لتلك المرحلة”، متعهدًا بـ”فتح صفحة جديدة من العمل السياسي من أجل خدمة المواطنين، وأن الحركة ستبدأ “بمراجعة ذاتية عميقة وشاملة”.

وأعرب مجيد، عن أمله “في أن يتمكنوا بدعم الشعب وأنصار الحركة من إعادة التغيير إلى مكانتها السياسية في الإقليم والعراق والمنطقة”، لافتاً إلى أن “القوى المعارضة تعيش حالة من الاضطراب، وبالتالي ستعود حركة التغيير إلى دورها كقوة معارضة فعالة، وستركز جهودها على تحقيق مصلحة عامة من خلال الديمقراطية والانتخابات”.

وتابع: “لن نشارك في الحكومة مهما كانت نتائج الانتخابات المقبلة، إلا عندما نكون قوة برلمانية قادرة على إحداث التغيير من موقع المعارضة”، مؤكداً على التزامهم بالنضال السلمي من أجل حقوق الشعب وحرياته.

وفي الختام، دعا مجيد، جميع القيادات والأنصار الذين ابتعدوا عن الحركة في الفترات السابقة بسبب الظروف والتحديات، إلى “المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بهدف إعادة التغيير إلى خريطة التأثير السياسي في إقليم كردستان والعراق”.

وتشهد شوارع السليمانية وأربيل ودهوك، يوميا مسيرات حاشدة لأنصار الأحزاب، وخاصة الحزبين الحاكمين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، والذين يقومون باستخدام الشوارع العامة، وحمايات من الأجهزة الأمنية وسيارات الدولة، وسط شكاوى من تأثير تلك المسيرات على تعطيل مصالح المواطنين.

وشهد الطريق الرئيس في محافظة السليمانية، وهو شارع سالم، قطوعات امتدت لأكثر من ساعتين، وسط احتفالات لأنصار حزب فيها، حيث نزلوا للشارع ومارسوا فعاليات عديدة بسيارات الدولة، بغرض الترويج لمرشحيهم، وتتكرر هذه الحالة بشكل شبه يومي في السليمانية. 

كما تشهد مدن إقليم كردستان، تجمعات كبيرة لرؤساء القوائم والمرشحين، في الملاعب والساحات الرئيسية، ما يسبب بإغلاق الشوارع وتعطيل مصالح المواطنين، والكسبة على وجه الخصوص، وازدحامات كبيرة في الطرقات.

ووفقا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن الحملات تتوقف يوم 15 من تشرين الأول أكتوبر المقبل، أي قبل 48 ساعة من إجراء التصويت الخاص لقوى الأمن والشرطة والسجون التي ستجرى في 18 من الشهر نفسه.

ودعا رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، في كلمته بمناسبة بدء الحملة الانتخابية، إلى إجراء حملة انتخابية هادئة وحضارية، وحث الأحزاب المتنافسة على تقديم برامج انتخابية تكون محل ثقة المواطنين في إقليم كردستان.

ويبلغ إجمالي عدد مقاعد برلمان كردستان 100 مقعد، 95 عامة وخمسة مقاعد مخصصة لكوتا المكونات، بينما يبلغ إجمالي عدد الناخبين أكثر من 2.8 مليون ناخب، من بينهم 2.6 ناخب سيشاركون في التصويت العام، وأكثر من 251 ألف ناخب للتصويت الخاص، كما وحددت المفوضية 1266 مركزًا انتخابيًا، و 6318 محطة انتخابية.

وبدأ الخلاف بين الحزبين الحاكمين (الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الديمقراطي الكردستاني) في إقليم كردستان واضحا بعد تشكيل حكومة كركوك في 8 آب أغسطس الماضي، حيث نشرت منصات مقربة من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني صورة تجمع بافل طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني وسعدي بيره المتحدث باسم الاتحاد وقوباد طالباني نائب رئيس حكومة الإقليم، وهم يقفون بجانب بعضهم بعد تشكيل حكومة كركوك واختيار محافظ من الاتحاد الوطني بعد جلسة حضرها 9 أعضاء من مجلس المحافظة في فندق الرشيد بالعاصمة بغداد، الأمر الذي عده الحزب الديمقراطي الكردستاني استفزاز بقضايا الكرد، مؤكدا أن انتخابات كردستان قادمة، وهي الفيصل لمعرفة من يمثل الكرد ومن يمتلك الجماهيرية الواسعة”.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، في 21 شباط  فبراير الماضي، قرارات بشأن قانون انتخابات برلمان كردستان، وقررت أيضا حل المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في الإقليم.

كما قلصت المحكمة عدد أعضاء برلمان كردستان الى 100 عضو بدلاً من 111 عضواً كما حلت مفوضية انتخابات الإقليم وتحل مفوضية الانتخابات بدلاً منها لإدارة انتخابات إقليم كردستان على ان يقسم إقليم كردستان “على أربع مناطق” لإجراء الانتخابات التشريعية المرتقبة لبرلمان كردستان، مؤكدة أن قراراتها “صدرت بإجماع أعضاء المحكمة، وأنها باتة وملزمة للجميع”.

وبموجب نظام الحصص (الكوتا) فان 11 مقعدا منها مخصصة للمكونات بواقع خمسة مقاعد للتركمان، وخمسة مقاعد للمسيحيين الكلدان والسريان والآشوريين، ومقعد واحد للارمن.

وأجريت آخر انتخابات لبرلمان كردستان الدورة الخامسة عام 2018، أي بعد عام من استفتاء الانفصال الذي أجراه الإقليم ولم يتم الاعتراف به قانونياً، حيث شارك في الانتخابات نحو 3 ملايين ناخب، لانتخاب 111 نائبا من بين 673 مرشحاً ينتمون إلى 29 كياناً سياسياً في حينها.

إقرأ أيضا