تُعد أزمة تأخر الرواتب في إقليم كردستان جزءًا من التحديات الاقتصادية التي يعاني منها الإقليم منذ فترة، نتيجة الخلافات المالية بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، والتي لم ترى انفراجه بشأنها رغم الوفود الكثيرة من قبل الطرفين لمناقشة إشكالياتها.
إذ وصل وفد من حكومة اقليم كردستان، اليوم الخميس، الى العاصمة بغداد لبحث مسألة رواتب موظفي الاقليم.
وشهدت عدد من دوائر إقليم كردستان، مؤخرا، إضرابات عن الدوام بسبب تأخر الرواتب، حيث لا تزال الثقة المغيبة والمخاوف من التفاف الإقليم على قرارات المحكمة الاتحادية تهيمن على العلاقة بين بغداد وأربيل، الأمر الذي ينذر بعودة الأزمة إلى المربع الأول.
وقال مراسل “العالم الجديد”، إن “وفدا من وزارة مالية وإقتصاد كردستان وصل، قبل قليل، إلى العاصمة بغداد، لإنهاء الإشكاليات حول رواتب موظفي الإقليم”.
وأضاف أن “زيارة الوفد جاءت بعد مباحثات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع مسؤولي الإقليم في أربيل الخلافات والإشكاليات حول الرواتب”.
ووجّه رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قبل إسبوع، وزارة المالية بصرف رواتب موظفي إقليم كردستان عن شهر اكتوبر تشرين الأول الماضي.
ووصل السوداني، في 13 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، إلى أربيل، ومن ثم زار السليمانية مساءً، لإجراء مباحثات تتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم، إضافة إلى معالجة عدد من الملفات العالقة الزيارة، حسبما أعلنت بيانات رسمية، مؤكدة أن الزيارة تأتي في إطار مساعي الحكومة الاتحادية لتعزيز التعاون مع حكومة إقليم كردستان، وإيجاد حلول للقضايا التي تؤثر على العلاقة بين الإقليم والحكومة المركزية.
ودعا وكيل وزير المالية الأسبق فاضل نبي، في 10 نوفمبر تشرين الثاني الجاري، إلى حل الخلافات حول طريقة إرسال قوائم رواتب موظفي إقليم كردستان، والمبالغ والأعداد بسلة واحدة، مبينا أن مشكلة الرواتب كان من المفترض ان تحل من خلال قرار المحكمة الاتحادية، وعلى وزارة المالية العراقية ان تدفع رواتب الموظفين في الإقليم”.
وأضاف أن “بعض المشاكل نتيجتها سوء الفهم بين الطرفين، فدائما بغداد لديها ملاحظات على القوائم المرسلة من الإقليم التي ترسلها وزارة المالية في كردستان، وكل شهر تظهر مشكلة جديدة”.
ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائياً في أكتوبر تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.
وكان مساعد رئيس مجلس وزراء إقليم كردستان للشؤون الاقتصادية والإدارية، ريباز حملان، اتهم، في 4 أكتوبر تشرين الأول الماضي، حكومة بغداد باختلاق المبررات والأعذار مختلفة، لتأخير إرسال الرواتب”، لافتا إلى أن “وزارة المالية الاتحادية لديها بعض الملاحظات على قوائم الموظفين وخاصة نظام (البايومتري)، وعلى بعض الترفيعات في بعض الدوائر الحكومية في الاقليم”.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
وفي 17 آذار مارس الجاري أكد النائب السابق في اللجنة المالية النيابية أحمد الحاج رشيد، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة الاتحادية لم ترسل المبالغ المالية الكاملة لرواتب الموظفين في كردستان، لأن وزارة المالية في حكومة الإقليم لم ترسل قوائم وبيانات البيشمركة والأجهزة الأمنية وجهاز مكافحة الإرهاب وزانياري والأجهزة الاستخبارية، وذلك بسبب الآلاف من الفضائيين الموجودين في هذه القوائم، كون أحزاب السلطة لديها الآلاف من الأسماء الوهمية في الأجهزة العسكرية والأمنية، وبالتالي حكومة الإقليم امتنعت عن إرسال القوائم، خشية كشف أمرها”.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، ألزمت، في شباط فبراير الماضي، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة، دون إرسالها إلى سلطات الإقليم، في ظلّ تأخير في تسليم جزء من الرواتب على مدى أشهر.
ورغم قرار المحكمة الاتحادية إلا أن حكومة الإقليم تصر على توطين الرواتب في مشروع حسابي، الذي يضم مجموعة بنوك داخل إقليم كردستان.
وبالرغم من الزيارات المتبادلة للوفود السياسية والفنية، والتي كان آخرها زيارة وزيرة المالية طيف سامي، إلى أربيل، إلا أن مسألة رواتب الموظفين، ما تزال تنطوي على الكثير من التعقيدات والإشكاليات الإدارية والقانونية.