تذكروا جيداً أن العشائر العراقية لم تثر ضد الأنگليز، إلا بفتوى المرجع الشيرازي. وتذكروا ايضاً أن حرب الشمال لم تتوقف، إلا بفتوى المرجع الحكيم.
وأن العراقيين لم ينتفضوا ضد صدام مطلع التسعينيات، إلا بفتوى المرجع الخوئي بفتواه الشهيرة (الحفاظ على بيضة الإسلام واجب مقدس).
ثم لا تنسوا أن السيد السيستاني هو من رسم خارطة طريق ما بعد ألفين وثلاثة.
وهو من أفتى بوجوب كتابة الدستور من قبل جمعية وطنية منتخبة وعرضه على الاستفتاء العام.
وهو الذي وجّه الناس للتأشير بنعم، بعد ان حرص على ان يكون لوكلائه دور في كتابة هذا الدستور والاشراف عليه.
بعد كل هذا هل يحق لسائل ان يسأل ما دور المرجعية في حياتنا؟!
لقد أثبتنا بما لا يقبل الشك بأننا مقلدون وإن لم ننتمِ، وأن لا أحد يتحرك يميناً او شمالاً دون الحاجة الى فتوى ممهورة بختم السيد.
أثبتنا بأننا شعب \”فتاوائي\” يؤمن بمقولة ذبّها براس عالم واطلع منها سالم.. شعب قضى عمره ينتظر فتوى السيد وبيان المرجعية، حتى فيما لا حاجة فيه الى فتوى.
أنا هنا لست بصدد الإنكار على الناس معتقداتهم وما يؤمنون به، ولكني اقول مادمنا لا نتحرك إلا باذن المرجعية وتوجيهاتها، ومادامت هذه المرجعية تعرف \”علّتنا ودوانا\” فلماذا لا تفتي بما تراه حلاً لأزمتنا، وتخلّصنا من حالة الحيص بيص والضياع؟!
لماذا لا تقول كلمتها الفصل فيما يجري وما يجب القيام به، حتى نعرف راسنا من رجلينا؟
تقولون لي ليس عند المرجعية حلّ، لا أصدّق، وقد قرأت الف مرة (ما ضاع على فقيه مسلك).. تقولون لي أن المرجعية ما تريد تحلّها، لا اصدّق ايضاً وقد قرأت ستين الف مرة (كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته).
اذن ما الذي يجعل المرجعية تسكت حيال ما يجري من استرخاص للدم العراقي؟!
ولماذا تكتفي بكلمات الشجب والاستنكار التي يطلقها الوكلاء والمعتمدون \”من جمعة لداير جمعة\”؟!
خوفي ان تقولوا لي أن المرجعية تكتفي بالأحكام العامة، ولا تتدخل في الجزئيات، وعلى \”المكلّف\” ان يعرف واجبه تجاه ما يجري من احداث!!
واخشى ان السنتكم قد اخذت على جمل جاهزة صاغها كلاميّون مهرة، مثل ان المرجعية الدينية تنأى بنفسها عن الخوض في السياسة! او ان المرجعية ليس بيدها، الا ان تتضرع للباري عز وجل ان يحفظ العراقيين من كل مكروه!…الخ.
فهذه القوالب الجاهزة كلها لا تصلح ان تكون جواباً لسؤال ملحّ: لماذا تصمت المرجعيّة وقتَ الكلام؟