وليمة بيضاء

اول مقال نشرته في صحيفة \”العالم\” قبل اكثر من حول، كان تحت عنوان (لا تأكلوا نينوى) ، انتقدت فيه تبذير الملايين على اطعام زوار وضيوف السيد المحافظ اثيل النجيفي، يومها اثار ما كتبت حنق احد اقرباء الكرسي ووصلني منه (نكز) عبر صديقين، لكنني لم اعره اي اهتمام، واصلت الكتابة دون تردد.

الموائد كانت تنصب بمناسبة ومن دونها، ولا اشك ان المبلغ سيكون صادما لو قدر لنا ان نعرف مقدار ما انفق على تنمية الكروش طيلة السنوات الاربع الماضية.

تلك صفحة نوشك ان نطويها بحلوها ومرها، فنحن على اعتاب الاعلان عن إلتئام حكومة محلية جديدة، لذا لا بد ان نعمل كل من موقعه لاجل تجاوز اخطاء الدورة السابقة، من الولائم وأنت طالع.

كي لا انسى لماذا اكتب هذا المقال، قبل اربعة ايام اقام السيد محافظ نينوى مأدبة افطار طويلة عريضة في دار الضيافة التي لطالما ذاق فيها سياسيون وشيوخ عشائر ووجهاء وغيرهم، ما لذ وطاب من اكل وشراب موصلي.

الوليمة هذه كانت مختلفة تماما عن سابقاتها، وأول مرة اتمنى ان تكون سُفرتها هنيئة مريئة على آكليها، لأنها كانت من نصيب عمال نظافة في بلدية الموصل.

لا اخفيكم سرا انني بقدر ما فوجئت من هذه المبادرة التي لم نعهدها من المحافظ، سجلت ثنائي الكبر عليه، ولكم تمنيت لو استخدم صلاحياته لرصد مبلغ مكافأة لهؤلاء الدراويش او ان يخطط في المرحلة المقبلة بالتنسيق مع البلدية لزيادة رواتبهم المتقزمة، وإذ ان حظوظه في تجديد ولايته كبيرة جدا سيعد ذلك بادرة حسن نية.

نحن بحاجة ماسة الى عامل النظافة كحاجتنا الى الطبيب والمهندس والمحامي وسائق التكسي والشرطي…. انه عامل مشترك لاستمرار الحياة، فلماذا اذن نطعنه بنظرات دونية، وها هي النتيجة، نادر ما  نجد عامل نظافة يتباهى بعمله، انهم كاللصوص لا يريدون لأحد ان يعرفهم، وأستطيع القول ان الغالبية الساحقة منهم يتحينون الفرص للهرب الى وظيفة او عمل اخر يحفظ لهم ماء وجوههم!

طيب بما ان الحال هذا، ماذا لو عملنا – رسميا وشعبيا – على دعم هؤلاء الشباب، نحتاج ان نبدأ بتصحيح نظرتنا تجاههم ورفع مستواهم المعيشي كي لا تبقى انظارهم تتطلع الى الـ 250 او الـ 500 دينار كلما رفعوا  كيس النفايات من امام احد البيوت او الدكاكين، ولكم اخشى ان نعتاد ويعتادون على سلوكهم هذا، فتصبح مهنتهم اقرب الى التسول منها الى النظافة.

مع استقبال مسؤولين محليين جدد في نينوى، هذه نصيحة – بتصرف- على لسان الزعيم عادل امام .

عزيزي المسؤول: \”الدنيا كالراقصة تستدرجك وتغريك لكنها تدور سريعا، فساعة تُقبل اليك لتريك وجهها الضاحك، وفجأة تُدبر فلا ترى منها سوى…..\”.

إقرأ أيضا